يكثف التحالف الدولي بقيادة واشنطن من غاراته على مدينة الرقة وضواحيها موقعاً المزيد من الضحايا المدنيين، في وقت تسعى قوات "سوريا الديمقراطية" لتحقيق المزيد من التقدم في المعقل الأبرز لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا.
وتتواصل الاشتباكات في شرق المدينة، الجبهة الوحيدة التي دخلتها قوات "سوريا الديمقراطية" منذ إعلانها الثلاثاء الفائت 6 يونيو/حزيران 2017 "المعركة الكبرى لتحرير الرقة"، كما تتركز المواجهات عند أطرافها الشمالية والغربية في محاولة لاقتحامها أيضاً من هاتين الجبهتين.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الأنباء الفرنسية "استهدف التحالف الدولي طوال الليل مدينة الرقة وضواحيها بالغارات الكثيفة، والقصف لا يزال مستمراً الجمعة". وذلك تمهيداً لتقدم قوات "سوريا الديمقراطية".
وقتل 23 مدنياً مساء الخميس، بحسب المرصد، بعد تنفيذ طائرات التحالف "25 غارة جوية" على الرقة وأطرافها. وكان المرصد أفاد في وقت سابق عن مقتل 17 مدنياً وإصابة العشرات بجروح.
ويعود ارتفاع حصيلة القتلى إلى وفاة جرحى متأثرين بجروحهم وانتشال آخرين من تحت الأنقاض. ومن بين القتلى، وفق المرصد، 15 شخصاً قضوا في غارة استهدفت مقهى للإنترنت في ضاحية جزرة غرب المدينة.
ويدعم التحالف الدولي قوات "سوريا الديمقراطية" بالغارات الجوية أو التسليح أو المستشارين العسكريين على الأرض. ومع تقدم قوات "سوريا الديمقرطية" أكثر في حملة الرقة وتصاعد حدة المعارك، سجل ارتفاع في الضحايا المدنيين جراء غارات التحالف الدولي.
ويسعى التحالف الدولي، بحسب عبد الرحمن، عبر تكثيف الغارات الجوية "لزعزعة قدرات تنظيم الدولة الإسلامية وإفساح المجال أمام قوات سوريا الديمقراطية للتقدم أكثر في شرق المدينة واقتحامها من جهات أخرى".
ومن جانبه، قال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو لوكالة الأنباء الفرنسية: "سيطرت قوات سوريا الديمقراطية على حي المشلب" في شرق المدينة، وهو الحي الأول والوحيد الذي دخلته حتى الآن، و"تقوم حالياً بتنظيفه من الألغام والعبوات الناسفة".
وأشار سلو إلى تحقيق قوات "سوريا الديمقراطية" تقدماً آخر عند الأطراف الشمالية للرقة، كما "تمكنت من صد هجوم لداعش في ضاحية جزرة غرب المدينة".
وتسعى تلك القوات حالياً، وفق المرصد، للتقدم من المشلب باتجاه حي الصناعة المجاور.
40 ألف طفل في خطر
ويتدهور الوضع الإنساني في المدينة مع زيادة الغارات الجوية والمعارك، ووصف أبو محمد من حملة "الرقة تذبح بصمت"، التي تنشط سراً في المدينة وتوثق انتهاكات التنظيم، قصف التحالف بـ"غير الطبيعي".
وأشار إلى ازدياد الأوضاع الإنسانية سوءاً في المدينة في ظل انقطاع المياه والكهرباء، لافتاً إلى أن المحلات التجارية تفتح أبوابها "ساعة أو ساعتين" فقط.
وتهدد أعمال العنف في الرقة، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، "حياة أكثر من 40 ألف طفل لا يزالون عالقين في ظروف خطرة للغاية".
وتحدثت المنظمة عن تقارير حول "مقتل 25 طفلاً وإصابة آخرين في أعمال العنف الأخيرة في الرقة".
وكان يعيش في مدينة الرقة تحت حكم الجهاديين نحو 300 ألف مدني، بينهم 80 ألف نازح من مناطق سورية أخرى، إلا أن الآلاف فروا خلال الأشهر الأخيرة من المدينة ليبقى فيها 160 ألف شخص وفق الأمم المتحدة.
وبدأت قوات "سوريا الديمقراطية" في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر حملة "غضب الفرات" لطرد "داعش" من الرقة. وتمكنت مذاك من السيطرة على مناطق واسعة في محافظة الرقة وقطعت طرق الإمداد الرئيسية للجهاديين إلى المدينة من الجهات الشمالية والشرقية والغربية.
ولم يبق أمام مقاتلي التنظيم سوى الفرار جنوباً بعد عبور نهر الفرات بالزوارق.
خط تماس
وطالما شكلت الرقة محط اهتمام أطراف أخرى، واعتبرها نظام بشار الأسد "أولوية" لقواته، إلا أن الأخيرة لم تتدخل كثيراً في هذه الجبهة إلى أن دخلت محافظة الرقة من الجهة الغربية الثلاثاء الماضي.
وحققت قوات النظام منذ ذلك الحين تقدماً بسيطرتها على "20 قرية وبلدة" بعد اشتباكات مع الجهاديين رافقها قصف جوي روسي، بحسب المرصد. الذي أشار أيضاً إلى أن قوات النظام "باتت في منطقة تماس مع قوات سوريا الديمقراطية"، التي كانت سيطرت على مناطق واسعة في ريف الرقة الغربي، أبرزها مدينة الطبقة وسد الطبقة (سد الفرات).
إلا أنه ليس واضحاً ما إذا كان هناك تنسيق بين قوات "سوريا الديمقراطية" وقوات النظام، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.
وكان مصدر عسكري في قوات النظام، قال لوكالة الأنباء الفرنسية إن تقدم تلك القوات في محافظة الرقة يهدف إلى "ضمان أمن ريف حلب (المحاذي) من هجمات داعش والتضييق عليه داخل معقله في الرقة".