متأثرة بتقويم ألماني يُهدى للأطفال قبل عيد الميلاد، ليكتشفوا في كل يوم هدية وعبرة داخلها، ابتكرت نادين دوكالي الألمانية المغربية الأصل، تقويماً إسلامياً مستوحى منه لشهر رمضان، سمَّته "إفطار لندر".
و"أدفنتكالندر" الذي يعد جزءاً من التقاليد المسيحية في البلدان الناطقة بالألمانية، تقويم للعد التنازلي لحلول عيد الميلاد، ويضم عادة 24 باباً، يتم فتح باب منه كل يوم، بدءاً من الأول من شهر ديسمبر/كانون الأول. ويجد الأطفال على نحو خاص متعة في ترقب فتح الأبواب بشكل يومي وأكل الحلوى الموجودة داخله.
وعلى نفس المنوال قرَّرت دوكالي، المقيمة في ولاية هيسن، وضع تقويم يعد الأول من نوعه إسلامياً، لصائمي شهر رمضان، يضم عداً تنازلياً لحلول عيد الفطر على شكل 30 نافذة، تضم عبراً من 3 أديان، بالإضافة إلى تمرة مغلفة بالشوكولاتة يتناولونها يومياً عند الإفطار.
وتوضِّح دوكالي، التي تعرَّفت على تقويم "أدفنتكالندر" عندما كانت صغيرة تزور رياض أطفال كاثوليكية، في لقاء مع القناة الأولى الألمانية، أنها بحثت عن المشترك بين التقاليد المسيحية التي تعرفت عليها في ألمانيا والأعياد الإسلامية في المغرب، والربط بينهما.
ما كان مجرد فكرة أصبح واقعاً، لكن كان على دوكالي الكفاح لإنجاحها العام الماضي، والبدء في إنتاجها في المنزل قطعة فقطعة، لكنها فوجئت بنفاد الكمية خلال أسبوعين.
أما في العام الحالي فتم إنتاج 200 ألف قطعة منها آلياً، وباتت تعرض في متاجر في مختلف المدن الألمانية، مثل "ريفي" و"هوسل" و"كاوفهوف" ومتجر "كاديفي" الضخم في برلين. ونفدت الكمية المعروضة عبر الإنترنت بالفعل.
وتقول إنها طوَّرت هذا المنتج خصيصاً للمتاجر الألمانية، مضيفة أنها لن تباع في المتاجر العربية والتركية. وتدعو إلى أن توجه متاجر التجزئة والمحلات والمجمعات التجارية الألمانية بضائعها بشكل واضح جداً وخاص للمسلمين، قائلة إنه "من غير المقبول أن يحتفل الجميع بالهالوين، لكن ليس لدينا الكثير من خيارات الاحتفالات والأعياد لثاني أكبر دين" في ألمانيا.
ويمكن قراءة الكلمات التالية على نوافذ "إفطار لندر": "الصبر، الأمة، النية الطيبة، كلام، نور، سلام، دعاء". ويتم وضع شرح كل كلمة بالألمانية على صفحة المنتج على موقع فيسبوك.
وتقول دوكالي لإذاعة "دويتشلاندفونك"، إنه من المفترض أن تساعد الكلمات الصائمين على العمل بدينهم على نحو أدق.
لكن كيف كانت ردات الفعل على الفكرة، يقول أحد المتسوقين للقناة الأولى الألمانية، في متجر يبيع "إفطار لندر"، إنه يتم التحدث عن "الاندماج" في المجتمع، لذا يجدها فكرة جيدة وتشكل مقابلاً لتقويم عيد الميلاد، فيما عبر آخر عن تفاجئه من عرض متجر ألماني لتقويم كهذا. كذلك بدا مواطنون ألمان مسلمون وغير مسلمين متشجعين للفكرة عندما سألهم تلفزيون "إر تي إل" في مجمع "سكايلاين بلازا" التجاري في فرانكفورت في وقت سابق من الشهر الماضي.
مبيعاتها جيدة
وفي متجر لبيع الشوكولاتة في برلين، قالت بائعة مسلمة متحمسة للفكرة، إن مبيعات التقويم جيدة حتى الآن، وما زالت تأتيهم طلبات، مشيرة إلى أنه رغم وجود زبائن ألمان أيضاً يشترونه قصد الإهداء، إلا أن الفئة المستهدفة بالمنتج هم الزبائن المسلمون.
إلا أن أمراً يمزج بين الاحتفالات الدينية الإسلامية والمسيحية لا يمر بالتأكيد دون معترضين عليه، إذ عندما عرضت الشركة المصنعة له الفكرة على صفحتها بموقع فيسبوك، انهالت عليها مئات التعليقات السلبية منها والإيجابية، كشأن "أجدها فكرة مبتذلة"، "لن أشتري منتجات الشركة بعد الآن".
وتقول دوكالي، التي تعمل ككاتبة إعلانات أيضاً، إنها لم تقصد من الفكرة التمييع أو التزييف بل على العكس من ذلك، مضيفة أنه "يجب علينا التعلم من بعضنا، المسيحية تعد من الديانات التوحيدية في الإسلام، والسيد المسيح كان من المحبين لنبينا"، موضحة أنه ورد ذكر المسيح في الدين الإسلامي أيضاً. وتضيف أن الفكرة تقوم على تبادل الأشياء الدينية الجميلة التي تمارسها الشعوب، دون الخلط بينها.
وهي من مواليد مراكش، وجاءت مع والديها إلى مدينة فرانكفورت في العام 1967، وعملت في السنوات الأخيرة في تأليف ونشر الكتب الموجهة للأطفال، إلى جانب رواية السيرة النبوية "على طريقتها الخاصة"، على حد تعبيرها على موقعها الشخصي.