قال جيمس كومي، المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI)، الخميس 8 يونيو/ حزيران 2017، إنه "ليس لديه أدنى شك بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الأمريكية"، في نوفمبر/تشرين ثاني 2016، إلا أنه "يثق أيضا في أن هذا لم يكن عاملا حاسما في تغيير نتيجة الانتخابات".
وأكد في شهادته أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، أن سلوك دونالد ترامب، بقضية التدخل الروسي في الانتخابات، كان مقلقاً للغاية، في بداية إفادته الاستثنائية بمجلس الشيوخ الأميركي حول رئيس الولايات المتحدة الذي أقاله بشكل مفاجئ الشهر الماضي .
وفي قاعة تغصُّ بالحضور، بدأ كومي عرض روايته لمحادثاته الخاصة مع الرئيس الأميركي أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في جلسة بثتها كل قنوات التلفزة الأميركية.
ويريد أعضاء لجنة مجلس الشيوخ الـ15 الذين جلسوا قبالة المدير السابق للـ"إف بي آي" معرفة ما إذا كانت الطلبات الرئاسية المتكررة التي قُدمت في لقاءات ثنائية بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض، تشكل تدخلاً سياسياً وعرقلة لسير العدالة، وهي جنحة كبرى أدت في السابق إلى شروع الكونغرس في إجراءات إقالة بحق الرئيسين ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون.
ورداً على سؤال لمعرفة ما إذا كان الرئيس أو الإدارة طلبا منه "وقف" التحقيق الذي يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي في مسألة التدخل الروسي، أجاب بالنفي.
لكنه اعتبر أن تصرفات الرئيس "مقلقة للغاية" من دون أن يوفر انتقاداته لترامب.
وندد بالتفسيرات المتغيرة للرئيس الأميركي حول دوافع إقالته من منصبه، متهماً الإدارة بأنها قامت بـ"التشهير به" ودافع عن شرف مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي تولى إدارته منذ 2013.
وقال كومي: "اختارت الإدارة بعد ذلك التشهير بي، والأهم، التشهير بمكتب الـ(إف بي آي)؛ بالقول إن المكتب في حالة من الفوضى وإن قيادته ضعيفة، وإن العاملين فيه فقدوا الثقة بمديرهم"، مضيفاً: "تلك كانت ببساطة أكاذيب".
"ولاء"
وفضَّل كومي، (56 عاماً)، عدم تلاوة البيان الخطي الذي نشره بالأمس والرد مباشرة على الأسئلة؛ لكسب الوقت.
وأكد أن ترامب طلب منه وقف التحقيق بحق أحد أبرز المقربين منه، الجنرال مايكل فلين المستشار السابق في مجلس الأمن القومي والذي أُقيل في فبراير/شباط لأنه لم يقل كل الحقيقة بخصوص محادثاته مع السفير الروسي لدى الولايات المتحدة.
وروى كومي أن ترامب قال له خلال لقاء على انفراد بالبيت الأبيض في 14 فبراير/شباط: "آمل أن تجد طريقة لوقف هذا، لترك فلين وشأنه. إنه رجل صالح". ونفى ترامب أن يكون قام بأي طلب من هذا النوع.
وأكد كومي الخميس، أن المستشار فلين كان مستهدفاً آنذاك بتحقيق جنائي.
وروى كومي أيضاً تفاصيل عشاء بالبيت الأبيض في 27 يناير/كانون الثاني، قال فيه ترامب له: "أنا بحاجة للولاء، أنتظر الولاء" في طلب مبهم موجه إلى الرجل الذي كان يشرف آنذاك على تحقيق حول تواطؤ محتمل بين أعضاء في فريق حملة دونالد ترامب وروسيا خلال حملة انتخابات 2016 الرئاسية.
ورأى نائب رئيس لجنة مجلس الشيوخ الديمقراطي مارك وورنر، أن طلب الولاء هذا يعتبر بمثابة تهديد.
وستستمر جلسة الاستماع طوال فترة الصباح، ثم سيتحدث كومي في جلسة مغلقة أمام أعضاء مجلس الشيوخ أنفسهم اعتباراً من الساعة 17.00 ت.غ؛ بهدف التمكن من التحدث بحرية عن معلومات سرية.
عرقلة؟
انتظر أكثر من 300 شخص ساعاتٍ؛ من أجل الحصول على أحد المقاعد الـ88 المخصصة للعموم في هذا المبنى التابع للكابيتول.
وقالت موظفة في الكونغرس: "إنها لحظة تاريخية، وأريد أن أكون موجودة". ويغطي الحدث أكثر من 120 صحفياً ونحو 50 مصوراً.
بالفعل، أكد كومي لترامب 3 مرات بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، أنه ليس مستهدفاً في التحقيق.
إلا أنه رفض الطلبات المتكررة للرئيس بأن يبرئ ساحته علناً؛ للقضاء على إمكانية التحقيق الروسي التي تلقي بظلالها على ولايته الرئاسية.
من المتوقع أن تكون شهادة كومي حاسمة لتحديد ما إذا كانت هذه الضغوط تشكل محاولة لعرقلة القضاء؛ ما سيشكل مسألة قانونية تترتب عليها عواقب سياسية.
لا يتجرأ غالبية الديمقراطيين على المجازفة بالحديث عن إقالة الرئيس؛ لأنهم يفضلون معرفة الوقائع قبل ذلك. لكن الكلمة لم تعد مستبعدة؛ إذ طلب النائبان آل غرين وبراد شيرمان فتح تحقيق حول آلية إقالة أمام مجلس النواب.
ولحماية استقلالية التحقيق حول العلاقات مع روسيا، عيَّن القضاء الأاميركي في 17 مايو/أيار مدَّعياً عاماً خاصاً، كلفه الملف روبرت مولر.
وعلق رئيس مجلس النواب الأميركي، الجمهوري بول راين، على شبكة "إم إس إن بي سي"، بأن طلب "الولاء" لم يكن مناسباً.
لكن العديد من الجمهوريين شددوا على أن كومي لم يتهم ترامب بعرقلة التحقيق.
واعتبر السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن "الدليل المثالي على أنه لم يرتكب أي مخالفة هو أن مدير الـ(إف بي آي) لم يفعل شيئاً".