يوم أمطرت السماء ألماً

إنني لم أرَك يوماً صديقاً، بل رأيتك حبيباً، فمنذ أن وقعت عيني عليك وجدتك شخصاً مميزاً، ورأيت ما يجذبني نحوك بطريقة مبالغ بها، واكتفيت بصداقتنا، ولم يطل هذا كثيراً، فلم تعد تشبعني هذه الصداقة! فوقع قلبي في أسر حبك ولم يفلت منذ ذلك الحين، فأحببتك، حباً لو وُزع على الدنيا وما فيها لذاب أهل الأرض عشقاً، وحينما قررت أن أعترف لك بما تخفيه نفسي، أخبرتني يومها بخطبتك.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/03 الساعة 03:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/03 الساعة 03:46 بتوقيت غرينتش

إلى مجهول حرصت كل الحرص على إبقاء اسمه سراً.. فقد كنتَ صديقي الذي لا يعلم عنه الكثيرون لم تجمعنا صورة واحدة، لم أستطِع رؤيتك كثيراً إلا أنك لم تغِب عني يوماً، ولكَ بقلبي مكان لم يصل له سواك.

وعلى الرغم من كل ما يحمله قلبي لك من مودة ولطف، فكنت جافاً قاسياً يا صديقي كسنين عجاف، تمنيت أن تعاملني يوماً كأخريات كنت تحسن معاملتهن، ولكنك ظللت تصبرني بأنني بقلبك ذات مكانة خاصة لم يصل إليها هذه أو تلك.

وصدقاً شعرت كثيراً رغم قسوتك أنني مميزة لديك، أما عن سعادتي فهي تتمثل في رؤيتك تتحدث، فدائماً ما كنت بليغ الكلام، حسن الصوت، فتراني أستمع إليك بنهم، بنظرة انبهار لا مثيل لها، فكنت في نظري الكمال في أبهى صوره على الرغم من جوزائيتك العنيفة.. فأنت متقلب المزاج لدرجة أرهقتني، فتشعرني تارةً بأنني مدللتك الواحدة والوحيدة… وتارة بأنني ليس بشيء بالنسبة لك.
وأنا بين هذه وتلك كالمعلقة.. لا أدري حقيقة ما تشعره تجاهي، هل أنا صديقتك المقربة أم مثلي كأخريات؟

سألتك ذات يوم عما كنت تتوقع أن يعتزل بعضنا البعض وأن يتوقف حديثنا، جاوبتني حينها بقساوة طبيعتك الجبلية أظنها "عادي.. الحياة ما بتقفش على أشخاص".

ونصحتني وقتها بأن أتوقع رحيل الجميع فهي سنة الحياة، وأخذت ترصد لي عدداً من أسماء أشخاص كانوا أقرب إليك من نفسك، وافترقتم الآن.

كم ترهقني صراحتك القاسية! فمنذ ذلك الحين أبيت أن أسأل مثل هذه الأسئلة حتى لا أسمع إجابات أخشى سماعها.

كم كنت مغروراً يا عزيزي.. فأبيت أن تخبرني عندما طال غيابنا أنك تفتقدني ولكنك أخبرتني وقتها بطريقة عرفتها وحدي، طريقة تملؤها الكبرياء والعجرفة، ففهمت حينها أنك افتقدتني.

لم تخبرني كم أنا عزيزة على قلبك، ولكنك أخبرتني أنني الشخص الوحيد الذي تهتم برأيه، فغرورك يمنعك أن تبوح لي بذلك، من جانبي واأسفاه على حالي، فكنت على النقيض تماماً فلم أستطِع أن أخفي ما أشعر به تجاهك، وأخبرتك على الفور كما افتقدك ببراءة طفل كنت أنت له طوق النجاة، لتجيبني حينها بابتسامة "سخيفة" لم أكن بحاجة لها، وتغير بعدها مجرى الحديث.

فانتظرتك أن تخبرني أنك أفتقدتني أيضاً.. كم كنت في أمَس الحاجة لسماع تلك الكلمات، فجعلت مني شخصاً راضياً بأقل الكلمات الحلوة منك.. فوالله كانت هي الحياة.. كل الحياة، وكنت أنت الحياة كل الحياة.. جعلت مني شخصاً قد يتخلى عن الدنيا إلا منك، فبت تستنزف من طاقتي حتى صرت مسخاً.. فلم أعد كسابق عهدي، وتمنيت أن أكرهك، وباءت محاولاتي بالفشل فزاد تعلقي بك، تعلقاً أشبه ما يكون بالمرض الذي ينهك الروح قبل الجسد.

أتتذكر يوم التقينا لأول مرة كم تملك منّي الخوف وكم هدّأت من روعي؟
وعن أول اتصال هاتفي دار بيننا؟ وأول محادثة كتابية، لعلك لم تذكر أياً منها، ولكنني أتذكر يا عزيزي أتذكر حتى أدق التفاصيل بيننا.

فلم أخفِ عليك سراً يوماً، فبت تعرفني وأعرفك أكثر من نفسي، إلا سراً واحداً يا صديقي لم أستطِع أن أبوح به يوماً، وحينما تملكتني الشجاعة أن أخبرك إياه.. "فات الميعاد" كما قالت أم كلثوم الذي طالما كرهت أنت فيها كبرياءها وقسوة قلبها الذي لم أكرهه فيك يوماً.

إنني لم أرَك يوماً صديقاً، بل رأيتك حبيباً، فمنذ أن وقعت عيني عليك وجدتك شخصاً مميزاً، ورأيت ما يجذبني نحوك بطريقة مبالغ بها، واكتفيت بصداقتنا، ولم يطل هذا كثيراً، فلم تعد تشبعني هذه الصداقة! فوقع قلبي في أسر حبك ولم يفلت منذ ذلك الحين، فأحببتك، حباً لو وُزع على الدنيا وما فيها لذاب أهل الأرض عشقاً، وحينما قررت أن أعترف لك بما تخفيه نفسي، أخبرتني يومها بخطبتك.

وكانت الصدمة الممزوجة بفرحة الصديق لصديقه وقهرة الحبيب الذي عشق سراً ولم يستطِع البوح بحبه يوماً.. عاتبت نفسي حينها كثيراً كم تأخرت! وشعرت أن السماء تكاد تبكي من شدة ما أصابني من الضيق وسيل من التساؤلات يتدفق ممزوجاً بدموع لا تجف.

ماذا لو كان يشعر هو الآخر، ولكنه خشي أن يعترف بحبه؟! ولكنني كنت أعلم في قرارة نفسي أنك لم تشعر بما أشعر به وأبيت أن أصدق.

أخبرتني صديقتي يوماً أن الندم على شيء لم يفُعل أصعب من الندم على ما فعلناه، لم أشعر بمعنى تلك الجملة سوى الآن.

تُرى ماذا سيحدث إذا اعترفت لك بحبي؟! أكانت ستنتهي ظنوني ويهدأ قلبي أم كنت أخشى الاعتراف لأنني أعلم حقيقة ما تشعره بأننا ليس إلا صديقين، فتملك الحياء منّي فلم أستطع البوح، فأضعتني وأضعتك.

أكتب لك هذه السطور متمنية لك حياة سعيدة مع مَن اخترت دوني، وأتمنى أن ترفق بها وتحنو عليها كما لم ترفق بي أو تحنو عليَّ يوماً.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد