بدأت مجموعة قراصنة تُطلِق على نفسها اسم "GlobalLeaks" في نشر رسائل بريد إلكترونية، عثروا عليها بعد قرصنة البريد الخاص بالسفير الإماراتي في الولايات المتحدة الأميركية، يوسف العُتيبة، وهو الرجل الذي لعب دوراً كبيراً في تعزيز التحالف الأميركي مع الإمارات في الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
استخدام الأموال
وتواصل المُخترِقون مع موقع "ذا دايلي بيست" الأميركي هذا الأسبوع، ليعرضوا عينة من الرسائل التي ادَّعوا أنَّها تُظهِر "كيف استخدمت دولةٌ صغيرة غنية جماعات الضغط للإضرار بالمصالح والحلفاء الأميركيين".
وقالوا وفقاً لما ذكرع موقع "ذا ديلي بيست" الجمعة 2 يونيو/حزيران 2017 إنَّ التسريبات "تكشف كيف جرى استخدام ملايين الدولارات للإضرار بسمعة حلفاء أميركيين والتسبُّب في إحداث تغيير في السياسة".
وأشار القراصنة إلى أنهم يعتزمون نشر المواد التي بحوزتهم، اليوم السبت 3 يونيو/حزيران 2017.
والعينة التي وصلت إلى موقع "ذا ديلي بيست" تضمنت 55 صفحة من وثائق يبدو أنَّها قد طُبِعَت وصُوِّرت باستخدام كاميرا رقمية. وادَّعى المسؤولون عن التسريبات أنَّهم حصلوا على الوثائق عن طريق جماعة ضغط مهتمة بالتبليغ عن الفساد وما شابه، موجودة في العاصمة واشنطن وحصلت على أموال.
هل فعلها الروس؟
وجرى الحصول على الوثائق من إيميل السفير في هوتميل، وتعود الرسالة الأقدم ضمن العينة إلى 2014، بينما تعود الأحدث إلى الشهر الماضي فقط، أبريل/نيسان.
المتحدِّثة باسم السفارة الإماراتية في واشنطن، لمياء جباري، قالت إنَّ عنوان البريد الإلكتروني الموجود في الوثائق يعود إلى السفير العُتيبة، وقالت إنَّ المكالمة التي تلقَّتها السفارة من موقع "ذا دايلي بيست" كانت هي أول معرفة السفارة باختراق الحساب وتسريب محتوياته. وأضافت: "أنا متأكِّدةٌ من أنَّكم (أي الموقع) لستم الوحيدين الذين حصلتم عليها".
وتبدو هُوية مجموعة المُخترقين "GlobalLeaks" – والتي لا علاقة لها بأحد مشروعات الإبلاغ عن المفاسد وما شابهها التي تحمل الاسم نفسه– غامِضة. إذ تواصلت مع موقع "ذا دايلي بيست" من حسابٍ مجاني في مزوِّد بريدٍ إلكتروني روسي، وكان عنوان الرسالة التي وصلت للموقع هي "DC Leaks – The Lobbyst Edition Part 1" – وذلك في إشارة لموقع DC Leaks للتسريبات، والذي أُنشئ في نفس الشهر من العام الماضي لنشر رسائل بريد إلكتروني مسروقة تعود إلى عدد من المسؤولين الأميركيين البارزين، من بينهم وزير الخارجية السابق كولن باول.
وبحسب تقديرٍ استخباراتي أميركي، فإنَّ ذلك الموقع كان واجهةً وهمية أقامتها الحكومة الروسية كجزءٍ من عملية التأثير نفسها التي استهدفت هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وذكر موقع "الجزيرة نت"، اليوم السبت أن "القراصنة الذين اخترقوا البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي موجودون في روسيا، وأنهم قدموا الوثائق المسربة للصحيفة الأميركية قبل أسبوع"، مضيفاً أن الصحيفة قررت بعد تردد أن تنشر كل الوثائق اليوم السبت.
القراصنة الروس
وأشار موقع "ذا ديلي بيست" إلى أن عملية الاختراق الجديدة تأتي بعد اعتراف الرئيس الروسي للمرة الأولى بأنَّ مُخترقين روساً ربما يكونون قد تدخَّلوا في الانتخابات الأميركية، وذلك على الرغم من أنَّ بوتين ادَّعى أنَّ هؤلاء المُتسلِّلين ربما كانوا مخترقين "وطنيين" حرَّكتهم دوافع ذاتية دون أن يكون لهم أية صلةٍ بالكرملين.
وأضاف الموقع أن "الخبراء عثروا على مؤشراتٍ تفيد بأنَّ نفس المُخترِقين الذين اخترقوا اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي (الأميركي) قد سجَّلوا عنواناً لموقع إلكتروني – تحت اسم mofa-uae.com- وهو الأمر الذي لم يكن يهدف ربما سوى انتحال وزارة الخارجية الإماراتية"، مشيراً إلى أن خبراء أمنيين لدى شركتي ThreatConnect وFidelis Cybersecurit سبق وأن حذروا من هجوم إلكتروني محتملٍ على وزارة الخارجية الإماراتية.
ويُعَد العُتيبة شخصية معروفة في الدوائر الدبلوماسية بواشنطن، وقد أُطلِق عليه أنَّه "أكثر الرجال جاذبية في واشنطن". ولذا، فمن المؤكَّد أنَّ مجموعة الرسائل الإلكترونية، الموجودة في حوزة المخترقين، تتضمن محادثاتٍ ودية بين السفير وعدد من الشخصيات ذات النفوذ داخل دوائر الحكومة الأميركية.
وتشمل المقتطفات التي حصل عليها موقع "ذا دايلي بيست" عدة رسائل إلكترونية بين العُتيبة وروبرت غيتس، وزير الدفاع السابق في إدارة أوباما، والذي يعمل حالياً مديراً في شركة RiceHadleyGates، وهي شركة استشارية نافِذة في واشنطن، وتقدم استشاراتٍ لعدد من الشركات مثل شركة إكسون موبيل.
وكتب غيتس على ما يبدو في رسالة بريدٍ إلكتروني في أكتوبر/تشرين الأول 2015: "أود أن أُعلمكم بأنَّني سأكون في أبوظبي في وقتٍ لاحق من هذا الشهر في زيارةٍ تتعلَّق بعقد اجتماعٍ مع المجلس الاستشاري لبنك جي بي مورغان تشيس هناك. أعلم أنَّ هذا إخطارٌ قبل فترةٍ قصيرة (لقد حصلتُ لتوي على جدول الأعمال الكامل)، لكنَّني أود أن أرى صديقي ولي العهد حينما أكون هناك".
وقال محمد الشرقاوي أستاذ تسوية النزاعات الدولية بجامعة جورج ميسون إن شخصية غيتس أصبحت محورية في حملة العلاقات العامة بين الولايات المتحدة والإمارات. وأضاف الشرقاوي أن هناك أسماء أخرى لشخصيات ذات وزن لو انكشفت فستصبح الدبلوماسية الإماراتية مهددة بالكثير، على حد تعبيره، بحسب ما ذكره موقع "الجزيرة نت".
ونقل الموقع أيضاً عن رئيس المركز العربي في واشنطن خليل جهشان قوله إنه من "المتوقع أن تدافع السفارة الإماراتية عن نفسها، وأن تتهم أطرافاً عدة بالقرصنة والتلفيق"، مشيراً إلى أن "الوثائق المسربة لو ثبت تسريبها من البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن، فإنها ستكون مصدر قلق لدولة الإمارات".