"نشعر بالخوف ولا ننام الليل؛ خوفاً من هجوم جماعات إرهابية على منازلنا، نريد من الدولة أن تحمينا أو تعطينا سلاحاً لندافع به عن أنفسنا"، كان ذلك نداء استغاثة سابق توجه به راعي الأغنام التونسي خليفة السلطاني (23 سنة)، ابن منطقة دوار السلاطنية من محافظة القصرين، في فيديو مسجل، إثر مقتل شقيقه الأصغر مبروك السلطاني، (16 سنة)، ذبحاً على يد مجموعات متطرفة تابعة لتنظيم داعش، متمركزة في تخوم الجبال المحاذية لمسقط رأسهم في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
لكن الزمن لم يسعف خليفة كثيراً، حيث لقي السبت 3 يونيو/حزيران 2017، وبعد نحو سنة ونصف السنة، نفس مصير شقيقه مبروك، بعد أن تأكد خبر مقتله والعثور على جثته ملقاة في الجبال، إثر الاعتداء عليه ثم ذبحه هو الآخر، بحسب شهادة أقاربه.
نسيم السلطاني ابن عم القتيلين مبروك وخليفة، تحدث لـ"عربي بوست" والدموع تنهمر من عينيه، ملقياً اللوم على السلطات التونسية ومتهماً إياها بـ"التخاذل في حمايتهم".
وقال إنه تعب من الانتقال من مسؤول حكومي إلى آخر بعد ذبح ابن عمه الأصغر مبروك السلطاني السنة الماضية لطلب الحماية من السلطات ونقلهم من المنطقة التي يسكنونها إلى مكان أكثر أماناً، أو أن تنتدبهم في الجيش، "لكن لا حياة لمن تُنادي"، على حد تعبيره.
نسيم، أعرب عن "اشمئزازه" مما اعتبره "ركوباً لبعض السياسيين على حادثة مقتل أبناء عمه، والحال أنهم متورطون بشكل أو بآخر في ذلك" وفق قوله، "فخليفة الذي اختطفته الجماعات الإرهابية أمس (الجمعة)، كان بصدد البحث عن الماء المفقود في منطقته المهمشة من سنوات ليسقي بها الأغنام التي يقتات من رعيها".
وختم كلامه قائلاً: "أطلب من الله أن يلهم والدة مبروك وخليفة الصبر وهي التي لم تتوقف عن ضرب رأسها في الحائط مباشرة بعد سماع فاجعة مقتل فلذة كبدها الأكبر بعد الأصغر، ولم يبق لديها سوى ابن واحد قد يلقى هو الآخر مصير شقيقيه".
صدمة واستنكار
حادثة مقتل الراعي خليفة السلطاني بعد شقيقه على يد الجهات نفسها وبالطريقة نفسها، هزت الشارع التونسي، حيث حمّل الكثيرون من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مسؤولية مقتل الشقيق الأصغر والأكبر للسلطات التونسية، التي وعدت سابقاً بحماية عائلة السلطاني وباقي العائلات القريبة من المنطقة الجبلية.
كما كان رئيس الدولة، الباجي قائد السبسي، قد استقبل في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عائلة الراعي مبروك السلطاني، قائلاً لهم: "لستم وحدكم".
وهذه عينة من تعليقات النشطاء على الشبكات الاجتماعية:
من جانبه، اعتبر الباحث في الجماعات الإرهابية عبد اللطيف الحناشي، في تصريح لـ"عربي بوست"، أن قتل شقيق الراعي مبروك السلطاني من قِبل الجماعات المتطرفة المتمركزة في الجبال وبالطريقة ذاتها "رسالة من الإرهابيين للحكومة التونسية بأنهم لا يزالون موجودين في البلاد ويتحركون أينما يشاءون وساعة ما يشاءون رغم الضربات الموجعة التي تلقتها هذه الجماعات من الجيش التونسي".
وأضاف أنها "رسالة أخرى للمواطنين بأن الإرهابيين قادرون على ملاحقة من يعتبرونهم عملاء السلطة، أي المواطنين، ومحاولة تخويفهم ولما لا تجنيدهم في خدمتهم لنقل المعلومات أو تزويدهم بالأكل والشرب".
الحناشي، حمَّل هو الآخر مسؤولية مقتل الراعي وشقيقه سابقاً للسلطات التونسية، متهماً إياها بـ"التراخي وعجزها عن حماية المواطنين الذين يعيشون في تخوم المدن الكبرى، وتحديداً في سفوح الجبال وبالقرب من مناطق الخطر".
وكان تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قد تبنى عبر وكالة "أعماق" التابعة له عملية قتل الراعي، ووصف السلطاني بـ"الجاسوس الذي يعمل لصالح المخابرات التونسية".