اعتقال زعيم الحراك الشعبي في منطقة الحسيمة المغربية ناصر زفزافي لم يقف عائقاً أمام تصاعد نسق الاحتجاجات في المنطقة. وفي هذا السياق، برزت العديد من الوجوه الجديدة كطرف فاعل في خضم هذه الاحتجاجات، على غرار نوال بنت عيسى.
وبدأت الاحتجاجات "حراك الريف"، في إطار المطالبات بـ"التنمية ورفع التهميش" عن المنطقة.
فمن تكون الناشطة الريفية نوال بنت عيسى؟
وفق صحيفة El pais الإسبانية فنوال بنت عيسى ربّة بيت، وهي متزوجة من سائق أجرة، ولديها أربعة أبناء تتراوح أعمارهم بين أربع و13 سنة. لا تمارس أي نشاط حزبي أو نقابي لكنها بدأت الآن تقود حراك الحسيمة. تقول عيسى إن زوجي معجب "بما أقوم به، وكثيراً ما يدعمني ويشجعني في خضم تحركاتي النضالية، لكنه عادة ما يبقى مع الأطفال عند مغادرتي المنزل".
تتقن نوال بنت عيسى اللغة الفرنسية وتفهمها جيداً، لكنها عادة ما تفضل التعبير عن آرائها ومطالبها باللغة العربية وتحديداً باللهجة الريفية.
وكانت الحكومة المغربية أكدت أن الاحتجاجات في منطقة الريف شمالي البلاد، وبينها محافظة الحسيمة، "مشروعة" و"يكفلها القانون، وأفاد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بأن حكومته تعمل على الاستجابة لمطالب "حراك الريف" بـ"طريقة معقولة وسريعة" حسب الإمكانات المتوافرة.
أبرز مطالبها
تطالب نوال وفق صحيفة El pais الإسبانية بمواصلة الحراك والالتزام بمبدأ السلمية وعدم الاستسلام إلى حين تلبية المطالب وإطلاق سراح المعتقلين. كما تعبر دائماً عن رغبتها في إنشاء مستشفى خاص يعنى بعلاج مرضى السرطان لأن منطقة الحسيمة تعتبر من أكثر المدن المغربية التي توجد فيها نسبة عالية من حالات مرضى السرطان بسبب تعرض المنطقة لقصف عسكري باستخدام الأسلحة الكيميائية، وذلك في عشرينات القرن الماضي من القوات الإسبانية خلال ما يعرف بحرب الريف.
ولم تنجح عمليات الاعتقال التي اجتاحت المنطقة والتي انتهت بزج حوالي 40 شخصاً في السجن، فضلاً عن قرار إصدار برقية تفتيش بحق العديد من الأشخاص الذين شاركوا في الاحتجاجات، في ثني نوال عن مواصلة مسيرتها، فقد دعت نوال بنت عيسى النساء في المنطقة للانضمام لها، حيث أوردت أنه "ينبغي على كل النساء الخروج إلى الشارع، لأن الرجال الذين تم اعتقالهم هم رجالنا وأولادنا".
وفي اليوم التالي شهدت ساحة الاحتجاجات إقبالاً كبيراً من النساء. ويعد ذلك خير دليل على أن صوت نوال ودعواتها إلى التظاهر قد لقيت تجاوباً من قبل شرائح كبيرة من سكان المدينة.
تعليمها
تخلت نوال بنت عيسى عن مقاعد الدراسة في مرحلة البكالوريا، نظراً لأن والدها لم يكن قادراً على تسديد مصاريف الدراسة. وكرّست نوال حياتها لرعاية مرضى السرطان في المنطقة.
نوال قالت إنها أصبحت تعي جيداً مدى معاناة الشعب، وذلك إثر مشاركتها في بعض الأعمال الإنسانية لفائدة مرضى السرطان في المراكز الصحية. وفي هذا الإطار، أوضحت نوال أن "العديد من النساء يعانين من مرض السرطان في الحسيمة، إلا أنهن عاجزات حتى عن دفع مصاريف التحاليل الطبية. وقد قمت بنشر فيديوهات على موقع فيسبوك وذلك بهدف جمع التبرعات من قبل سكان الريف القاطنين في أوروبا".
قائد الحراك العاطل
وكان ناصر زفزافي قائد الحراك المعتقل وهو عاطل عن العمل في التاسعة والثلاثين من العمر، تحول إلى رمز للتحركات الشعبية التي تسمى "الحراك" وتهز منطقة الريف منذ أن قُتل في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2016، بائع سمك سحقاً داخل شاحنة نفايات.
ومع مرور الوقت، اتخذت الحركة الاحتجاجية التي يقوم بها ناشطون محليون بعداً اجتماعياً وسياسياً مع المطالبة بتنمية منطقة الريف التي يقولون إنها مهمشة، في خطاب تطغى عليه عبارات محافظة وإسلامية.
ولم يتوقف زفزافي، عبر موقع فيسبوك، عن مهاجمة "المخزن"، أي السلطة، مديناً "الديكتاتورية" و"الفساد" و"القمع" و"الدولة الأمنية".
وقد عقد عدداً من "المؤتمرات الصحفية" المباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي شوارع المدينة وحتى في منزل عائلته، وهو يرفع عَلم "جمهورية الريف" التي أُعلنت إبان عشرينات القرن الماضي ولم تعمر طويلاً، وصورة لمؤسسها عبد الكريم الخطابي الذي هزم الاستعمار الإسباني.
وتمكن زفزافي الذي يتمتع بشعبية كبيرة، خصوصاً بين الشباب، في مسقط رأسه الحسيمة، من تعبئة آلاف المتظاهرين. إلا أنه كان يواجه انتقادات أيضاً بسبب مزايداته، وخطبه البالغة العنف والطريقة التي استبعد فيها العديد من أنصار حركته.
وأوقفت الشرطة المغربية، الإثنين 29 مايو/أيار 2017، ناصر زفزافي زعيم الحراك الشعبي في منطقة الريف بشمال المغرب، بعد تحديه الدولة أكثر من 6 أشهر ونقلته إلى المعتقل.