أريد أن أصبح مثلهن.. أضع أحمر الشفاه وأحمر الخدود والماسكرا والآيلانر ومستحضرات التجميل التي لا تفهم تأثيرها سوى الإناث، وأريد أن أرتدي تنورة قصيرة أو فستاناً من قماش أنثوي ناعم، لا يفهم شعور ارتدائها سوى مثيلاتي من بنات جيلي أو غيره.
للوهلة الأولى قد يظن القارئ أنني قررت خلع الحجاب أو التخلي عن مظهر لبسي الذي اعتاده جميع مَن يعرفني.. أو أشجع بعضهن على ذلك، لكنها أمنياتي بعدما تجاوزت السادسة والعشرين من عمري، قضيت منها قرابة الثلاثة أعوام على باب السجن.
لست وحدي مَن تتمنى ذلك، لكن تتمناه معي مثيلاتي ممن يتهيأن لأزواجهن بمسح وجوههن بالمناديل المبللة لإزالة الغبار الذي كساه في رحلتها إليه، تتمناه صديقتي التي تضع بعضاً من عطرها الهادئ؛ ليشم منها أطيب ريح في ذلك المكان الذي نشم فيه أسوأ الروائح، وتتمناه معي رفيقة الرحلة والتجربة التي تضع خاتماً بارقاً بيدها وتدهنه ببعض الكريم المعطر لتبدو أجمل وأكثر نعومة بعدما خشنت من ثقل ما حملت.
فمنا مَن طلت بالأبيض ومنا مَن تنتظر، جميعنا ينتظرن أن تصبح أنثى في بيت يحمل خصوصية مما فقدت معناها من كثرة العيون المحشورة في حياتها.
عندما قرأ زوجي التدوينة لأخذ رأيه فيها أو ليعرف ما يدور في رأسي وقلبي قبل الجميع كما اعتدنا أن نفعل، سألني إذا ما كنت سأنشرها في مجموعة للنساء فقط من كثيرات يعرف أني أشترك بها، لتحفظه أو ربما غيرته مما تحمل كلمات المدونة، ولكن قلت له إنني سأنشرها كمدونة يقرأها الجميع؛ ليعرف أننا لا نحمل فقط ألم حمل الزيارة وطوابير الشقاء الصباحي الأسبوعي، بل نحمل ألماً لا يقل عنه وهو الطعن بأنوثتنا التي اختبأت وراء القضبان.
قد تتعمد إحداهن ممن هُوِسن بالخوف من الحسد والحقد من الآخرين على حياتهن إخفاء بعض من مظاهر حياتها السعيدة عنّي وعن رفيقاتي، كمن تخفي خبر حملها عن صديقتها التي لم تنجب بعد خوفاً من ذات الهوس، لكنني أطمئنهن أننا راضيات بقدر الله وننتظر لطف صنيعه.
حتى لا أكون متحيزة لفئتي ممن فقدن أزواجهن في غياهب السجون، لا يسعني إلا أن أضم إلينا صديقاتي ممن فقدن أزواجهن ممن ضاقت بهم الأرض بما رحبت قسراً وخوفاً من الانضمام إلى فئتنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.