ربما يتساءل البعض حول طبيعة هذا العنوان "البرادايم"..
بداية عُرّف (البرادايم) على أنه مجموع ما لدى الإنسان من معلومات، وما يملكه من خبرات، وما اكتسبه من أنظمة ثقافية مرّ بها في حياته.
فالبرادايم هو المسار الذي نسير عليه كل يوم، والذي من خلاله يحدد تصرفاتنا وآراءنا في المواقف المختلفة التي نواجهها.
وضمن هذا التعريف يمكننا أن نفسر (البرادايم) على أنه الخبرات التي حصلنا عليها، والتي أصبحت الشيفرة الذاتية التي تُسير حياتنا في البيت، والشارع، والمدرسة، والعلاقات.. إلخ.
البعض الآخر أعطى للبرادايم تعريفاً آخر: وسماه (نظارة العقل)، وشرحاً لهذا المعنى يكون البرادايم هو نظام الرؤية الذي حصل عليه عقل الإنسان، ورأى من خلاله الحياة، فالشخص الذي وُلد فقيراً لديه انطباع حول الكعك مختلف عن رؤية الشخص الغني للكعك.
مدخل:
قبل الخوض في مادة البرادايم الشخصي علينا معرفة أن كل إنسان على هذه الأرض يعمل وفق صورته الذهنية تجاه الأشياء المحيطة فيه، وبذلك نرى أن طريقة التفكير هي المعيار الذي يحدد نجاح الأشخاص من فشلهم.
وهنا علينا معرفة آليات الإدراك تجاه الظروف والمواقف التي نمر بها، ومن ثَم حكمنا وتقييمنا للأمور، وعندها سيظهر سلوكنا الذي من خلاله تتحدد نقاط نجاحنا أو فشلنا.
برادايمنا:
عندما يظن الإنسان أنه لا يستطيع القيام بأمر ما فإنه لا يستطيع ذلك حتى لو كان قادراً في الحقيقة على أدائه؛ لذلك فإن نجاح الإنسان أو فشله يعتمدان بشكل كلي على نظام تفكيره، وهذا الأمر في الحقيقة هو الذي يرسم المعادلة الأولى في نجاح البرادايم الشخصي.
وهنا علينا أن نعي المعادلة الآتية:
فرص النجاح وفق البرادايم لا تعتمد على القدرات بالدرجة الأولى بل تعتمد على طريقة الرؤية للذات، أي كيف ترى نفسك.
بطاقات البرادايم الشخصي:
البطاقة البراديمية الأولى (افعل ولا تتكلم):
ضمن قواعد البرادايم العامة هناك قاعدة تقول: (لا تخبر الآخرين بأهدافك)، وسبب ذلك أن تترك أهدافك تتموج وتتوهج كالجمر بداخلك كي تحققها، فحين تخبر الآخرين بما تنوي فعله ستشعر بجزء جيد من لذة الانتصار جراء الكلام، وهنا ستبرد الجمرة المشتعلة بداخلك، وستشعر أنك حققت هدفك كلامياً، وبالتالي لن تعمل عليه فعلياً؛ لذا عليك أن تفاجئ كل مَن حولك بالفعل دون أدنى معلومة سابقة عن ذلك، وهذا ما يطلق عليه اسم "الشغف الذاتي"، اترك شغفك يحترق بداخلك إلى أن تفعلها.
البطاقة البرادايمية الثانية (الاعتمادية ببصمتك):
تعتبر هذه البطاقة مكملة للبطاقة السابقة (افعل ولا تتكلم)، وهذا الأمر ضروري جداً في حياة كل منا؛ لذا عليك أن تبدأ بطرح نفسك ضمن عملك كخلية يُعتمد عليها في الأعمال شديدة الأهمية والخطورة، واترك الخيوط معلقة بيديك، فجميع من حولك بالعمل أو خارج العمل عليهم أن يعرفوا مدى أهميتك العملية لهم، فأنت اليد اليمنى التي لا يمكن الاستغناء عنها أبداً.
البطاقة البرادايمية الثالثة (العزلة والانطواء القاتل):
حياتنا وعملنا تحتاج بصورة كبيرة إلى حالة اجتماعية توافقية واضحة، فلا تعتقد أن الانعزال عن المحيط، وعن الآخرين سيولد الحماية المطلوبة على العكس تماماً، العزلة لا تولد سوى الضعف الكبير وتبني جداراً عالياً مع مَن حولك، وسيرى المنعزلون أنهم فقدوا الكثير من الأمور في عزلتهم، بينما الشخص الاجتماعي يحصل على الفائدة والمعلومات بشكل متواصل.
البطاقة البرادايمية الرابعة (اعمل برشاقة الفراشة):
العمل برشاقة الفراشة هو أن تنجز عملك وتظهر وكأنه تم بشكل تلقائي، ووليد موهبة طبيعية دون أن تظهر للآخرين ما بذلت من تدريب وعمل وجهد، يجب أن يراك فريق العمل تذلل الصعاب بيسر وكأن في مقدورك أن تفعل أكثر من ذلك بكثير، فلا تتحدث عن تعبك وجهدك فذلك يجعلهم يشككون بقدراتك المهنية، والشرط المتعلق بهذه البطاقة هو ألا تكشف أسلوبك وطابعك في العمل، فكشف بعض الخفايا التي تفعلها لإنجاز عملك قد يُستخدم مستقبلاً ورقة ضدك ضمن إنجاز المشاريع الأكبر والأقوى.
فالعمل في حياتنا المؤسساتية ضمن واقع البطاقات البرادايمية سيجعل عملنا أكثر تنظيماً ودقة ووضوحاً، وسيخلق لنا واقعاً قوياً بحيث نعمل كخلية ذات إنتاج عالٍ، بحيث نحصل على فائدة علمية ومعنوية مع كل إشراقة يوم جديد في حياتنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.