كثيراً ما يظهر لبعض منا أن نجاح فلان هو ضربة حظّ أو محض صدفة، ويغيب عن أذهانهم أن النجاح هو اتحاد عوامل كثيرة؛ ليالٍ من التعب والعمل، والتخطيط، وضربات الإحباط والإصرار، وإذا تساءلنا ما الذي يحركنا؟ ما الذي يدفع بنا للنهوض مبكراً أو السهر لساعات متأخرة؟ أتوغل حينها في نفسي وأبحث في أعماق ذاتي لأجد أنه الطموح، طموح كل شخص منا للوصول إلى القمة، تلك القمة التي تملأ طريقها العقبات والصعوبات وتتخلل مسيرتها المخاوف والصدمات، وبمجرد الوصول إليها يبصر الجميع نتيجة ما سبق، ألا وهو الإنجاز.
أغلبيتنا يحيط بهم واقع أليم، ظروف شاقة وأيام صعبة، فمنهم مَن فقد بيته، ومنهم مَن فقد أهله وهناك أيضاً مَن فقد وطنه، وبعيداً عن الفقد يتخلل درب كل منا في الحياة مصاعب وعراقيل، فهل ما زلتم تظنون فعلاً أن أحلام الناجحين أثمرت فقط في الظروف والأجواء المناسبة؟
إن بحثت في حياة كل ناجح ستجد أن الوصول إلى الغاية لم يكن سهلاً أبداً، وأن ما ظهر في الطريق لم يكن ليخطر على البال، لكنه أبى الانهيار وجعل لحظة السقوط تلك محطة وقف عندها لولهة، استجمع قواه وغذّى روحه بأمل غدٍ مشرق وعاد من جديد.
طريقنا في الحياة مرهون بإصرارنا، ففي الوقت الذي يلوم فيه البعض الوطن العربي، وظلم الوطن العربي، وعدم توافر الفرصة، يعمل الآخر على أن تكون فرصته وليدة إصرار، يؤمن بقدراته ويعمل على تطوير ذاته، لا يعرف طريقاً لليأس أو الاستسلام، وأكثر ما يميزه أنه يجعل من إصراره عصاه السحرية التي بها يحقق أحلامه، وأداة يحارب بها آلامه، ويتمرد بفضلها على ما فرضه النظام أو.. أأُخْبِرُكُم؟ سمّوه كما شِئْتُم؛ لأن الأهم أن تفرضوا أنفسكم عليه وتتجنبوا الرضوخ إليه.
إن الصراع الداخلي الذي يحدث في أعماقنا أكثر تعقيداً مما قد نتخيل، والتغلب على الأفكار السلبية التي تخطر ببالنا من حين لآخر لا يقل أهمية عن رفض التقيد بما أملاه المجتمع علينا.
تلك الأفكار التي تكون في غالب الأحيان قريبة كل القرب من الخوف.. الخوف من الفشل، الخوف من عدم بلوغ الهدف والخوف من عدم الوصول للمبتغى.. لكن بحقك كيف لك أن تعرف دون أن تجرب؟ وبعيداً عن النتيجة، أصبت أو أخطأت، ربحت أو خسرت، خوض التجربة واجب والعمل على تخطي ما يوضع في طريقنا من العقبات أشد أهمية من نتيجة تلك التجربة.
نحن، نحن فقط ولا أحد غيرنا، نملك حق كتابة حكاياتنا، خطّ أسطرها وتسجيل أهم أحداثها، لا تستسلموا لإرادة الآخرين ولا تصبحوا ما أرادوا أن تكونوا، فلكل منا خياراته واعملوا على تحقيق ما انتظرتموه طويلاً فأصعب ما في الحياة أن نرحل منها كما أتينا، لا علم تُرِكَ ولا بصمة بقيت.
لا تقتلوا أحلامكم، بل أطلقوا لها العنان، تمسكوا بها فتغدو هي أشد تمسكاً بكم، واتبعوها لتكون دليلكم الأول في الرحلة التي تقودكم لتحقيق ذواتكم، ولا تجعلوا هدفكم دخول التاريخ، بل اجعلوا الهدف إحداث فرق يخدم العلم والإنسانية، وتيقّنوا أن العظماء الذين دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه أحدثوا ذلك الفرق.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.