حوار مع صديقي الخيالي

أتعلم أنا أتقزز من البشر، يفعلون كل المنكرات وكل الشرور ثم يلقونها على شيطان موسوس كل ما فعله أنه أعطاهم الخيارات، يسرقون ويغتصبون ويقتلون ثم بعد ذلك يقولون: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، ولا يعلمون أن إبليس نفسه يتبرأ من أعمالهم، وكل حجتهم أنهم كانوا مجبرَين.

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/27 الساعة 06:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/27 الساعة 06:38 بتوقيت غرينتش

تجتاحني تلك الرغبة العارمة بالبكاء والصراخ مؤخراً.. لا أعلم لماذا؟
بالإضافة لضربات القلب المتسارعة وكأني بطل أولمبي في أحد سباقات السرعة، أيعقل أن يكون تأثير الكافيين في القهوة التي أشربها؟ هل أنا هش لتلك الدرجة التي يؤثر فيها مشروب عادي على صحّتي؟

لا أعلم، ربما الضغوط هي سبب كل ذلك، ولكن انتظر أي ضغوط تلك التي تواجه مراهقاً في السادسة عشرة من عمره؟!
لست مسؤولاً عن أسرة لأُعيلها أو حتى مسؤولاً عن الإنفاق على نفسي.

لقد جاءت في خاطري تلك الإحصائية التي شاهدتها مؤخراً على أن الطلاب في عصرنا الحالي، خاصة في أوقات الامتحانات، يُصبح عليهم ضغط نفسي مشابه لذلك الضغط الذي يواجهه المرضى النفسيون.

إذن القضية قد حُلت، لقد أصبحت مختلاً عقلياً.
جاءت تلك الضحكة من العدم.. لا تتوقعوا أنه شبح أو روح قتيل أو شيء من هذا القبيل، إنه مجرد عقلي يعبث معي قليلاً.. هو وصديقي.

ماذا؟ أتسألون مَن هو صديقي ذلك؟
لن أغفر لكم إذا كنتم قد نسيتم صديقي الخيالي، نعم إنه هنا يراقبكم، يشاهد تصرفاتكم، ينظر جيداً لردود فعلكم، يرى إذا كنتم تصدقون وجوده أم لا.

لا أعلم لماذا يفعل ذلك؟ حتى أنا أعلم أنه خيالي وعقلي المريض هو من اصطنعه، لكنه يحب أن يصطنع بعض الإثارة والتشويق.

جاء هو مقاطعاً لحديثي قائلاً: أجُننت أتتحدث إلى العدم؟! لا أحد أمامك لمن تُوجه كلامك إذن؟

خرجت تلك الضحكة العفوية منّي، أترى المشكلة يا صديقي أنت لديك من الثقة بالنفس التي تدعوك لتُصدق أنك حي، وأنك شيء مادي ملموس؟

بكل ثبات وثقة قال: وهل أنا شيء معنوي أم أنني طيف لا أُري؟
أكمل حديثه قائلاً: انظر يا صديقي أنا هو أنت.. أنت هو نتيجة أفكاري، أنت هو خادمي المطيع.

استطرد في حديثه قائلاً: قل لي ما هو تخيلك لكل تلك الأفكار التي تدور بمخيلتك؟ مَن هو ذلك الشيء أو الشخص الذي يجعلك تفعل ما يأمُرك به؟

(وقبل أن أتحدث).. أكمل حديثه: ستقول لي إنه العقل وتلك الإشارات العصبية وكل هذا الهراء.
ولكنني أطلب منك طلباً واحداً، انظر للصورة من وجهة نظر أعمق.

سألته: هل أنت شيطاني؟
ضحك ضحكة بصوت عالٍ: لا، أنا مثلك تماماً، مثل كل البشر أمتلك نوايا الخير والشر.. وأنت يا صديقي مَن تقرر!

أتعلم أنا أتقزز من البشر، يفعلون كل المنكرات وكل الشرور ثم يلقونها على شيطان موسوس كل ما فعله أنه أعطاهم الخيارات، يسرقون ويغتصبون ويقتلون ثم بعد ذلك يقولون: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، ولا يعلمون أن إبليس نفسه يتبرأ من أعمالهم، وكل حجتهم أنهم كانوا مجبرَين.

إذا كان الله قد أرسلنا إلى الأرض ونحن مخيرون، فكيف يجعلهم الشيطان مجبرَين؟
خياراتهم هي مَن تحدد مصيرهم.. خياراتهم بأيديهم.

كانت أول مرة يتحدث معي بتلك الطريقة العدوانية: إذن ما الفرق بينك وبين الشيطان؟
قال: الشيطان يا صديقي العزيز يجعل لك الطريق الخطأ طريقاً سهلاً وذائغاً، وسهل المنال، كما يعطيك خياراً آخر هو خيار الطريق الصحيح.

لكن أنا.. أنا أوضح لك كل الطرق بحيادية شديدة، بل أذكر لك عواقب كل طريق.
وكل ما عليك فعله يا صديقي الآدمي هو "الاختيار".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد