كلمة (Folk) تعني الشعب أو الناس، وكلمة (Lore) تعني المعرفة أو الحكمة، فتكون الترجمة الحرفية لكلمة (Folklore) تعني "حكمة الناس أو المعرفة الشعبية".
وقد وُلد مجال علم الفولكلور (Folkloristics) ﻓﻲ أوربا ﻓﻲ القرن التاسع عشر باﻻرتباط مع ظهور النزعة القومية، وقد ركز علماء الفولكلور اﻷوائل دراساتهم على الفلاحين ﻏير المتعلمين ﻓﻲ المقام اﻷول بهدف تتبع الأصول البعيدة للعادات والتقاليد العتيقة، ومع مرور الوقت تيقظ العالم إلى الأهمية العظيمة لهذا الموروث الاجتماعي الذي لا يقل أهمية عن اللُقى الأثرية المادية (كالتماثيل، والأبنية)، فلذلك اتجه العلماء إلى حفظه وحمايته من الضياع باعتبارﻩ يضم بقايا آثار ماض آخذ في التلاشي.
ومع ذلك، فإن الدراسات التاريخية ظلت فترة طويلة تخاصم الموروثات الشعبية، وتترفع عن الاستعانة بها. وبسبب غطرسة المؤرخين، الذين تصوروا أن الوثيقة المكتوبة هي عماد البحث والدراسة التاريخية، ظلت الموروثات الشعبية، بكل أشكالها وأنماطها، بمنأى عن الدراسات التاريخية زمناً طويلاً.
بيد أن التطورات التي ألمّت بمجال الدراسات التاريخية دفعت بالمؤرخين إلى الاعتراف المتزايد بما طال السكوت عنه في الموروث الشعبي الذي يقدم لنا رؤية جمعية للحقيقة التاريخية، فالتاريخ في شكله الكلاسيكي برجوازي النزعة؛ إذ يؤرخ دائماً لحياة الملوك والعظماء والفاتحين والأحداث الهامة.
أما الفولكلور فهو سجل لتاريخ المجتمعات الشعبية (تاريخ الشعوب) العريضة، كما تمثله أحداث العامة الأقل جهارة، وهو بما يحويه من مأثورات شعبية معينة، يشكل نواميس اجتماعية تعبر عن علاقة إنسانية مع البيئة والمجتمع ويؤكد بها ذاته، وشخصية الأمة التي ينتمي إليها؛ لذا برزت أهمية اعتماد المؤرخ على الموروث الشعبي بجانب مصادره التقليدية، لاستيعاب الظاهرة التاريخية ورسم صورة كلية لها.
إن دراسات الفولكلور ﻫﻲ مجال معرﻓﻲ متعدد الأبعاد، يتكون من الشق الشفهي: الفنون القولية، أو الأدب الشعبي (الشعر الشعبي، والحكاية، والمثل، واللغز، والنادرة، والأحجية، والسير، والمدائح، والموسيقى وأغاني العمل، والأعياد والمناسبات الاجتماعية، والرقص والحركات التعبيرية، والطقوس والمعتقدات -السحر، والتعاويذ، والجان، والرموز الرقمية، والألوان، ودلالات الجسم الإنساني، والعادات والتقاليد (المتعلقة بدورة الحياة: الولادة، والزواج، والوفاة)، والمعارف (كالطب الشعبي)، والتصورات حول (الجمادات، والنباتات، والحيوانات)- أما الشق المادي: المنتجات المادية المحسوسة كالثياب المطرزة والحلي (الزي الشعبي) وأدوات: الموسيقى، والطبخ، والحصاد، والأبنية والمساكن، والحرف الشعبية، ومجمل مستعملات الحياة الشعبية بشقّيها الروحي والمادي.
يتضح الآن أن الفولكلور يرتبط بحياة الشعب ارتباطاً وثيقاً، بطقوسه وعاداته وتقاليده، وعلى صفحته تنعكس خصائص مختلف المراحل التاريخية؛ لذلك نشاهد علوماً أخرى ينصب اهتمامها على الفولكلور بوصفه علم اللغة والأدب والأجناس والتاريخ.. إلخ.
ويتناول كل علم من هذه العلوم دراسة الفولكلور من وجهة نظره، فعلم اللغة يتناول الكلمة في الفولكلور، وتاريخ اللغة التي تتراءى فيه، وعلاقتها باللهجات.
أمّا الأدب فيدرس السمات العامة للفولكلور والفرق بينه وبين الأدب، وعلم الموسيقى يدرس العناصر الموسيقية والمسرحية في الفولكلور، وعلم الأجناس يتعرض لدور الفولكلور وآثاره في حياة الشعوب وارتباطه بالطقوس والتقاليد، وعلم التاريخ يبحث في الوعي الشعبي لتفهم الأحداث التاريخية التي يعكسها الفلكلور بصفته ذاكرة وهويّة للأجيال.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.