معنى أن تكون طالباً جامعياً في مصر.. ليوم واحد فقط

انتظرت الحافلة، وصلت الحافلة، كانت مزدحمة لدرجة لا تسمح بركوب ذبابة، لا أعلم كيف تمكنتُ من دخول تلك الحافلة المكتظة لكنني فعلت، كانت رائحة التعرق طاغية في الحافلة، أيعقل أن المياه كانت مقطوعة عن كل هؤلاء حتى يخرجوا دون استحمام؟!

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/25 الساعة 03:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/25 الساعة 03:26 بتوقيت غرينتش

أول ما بلغ أذنيّ حين استيقظت من نومي الهادئ كان تغريد العصافير الذي يطرب الآذان، لا أدري ما حدث بعد ذلك، لكني استيقظت من نومي للمرة الثانية مُدركاً أن تغريد العصافير والنوم الهادئ لم يكونا سوى جزء من حلم جميل، لم يكن الواقع على منوال الحلم، ما أيقظني من نومي حقاً كان صياح الباعة الجائلين الذي يُحيل هدوء الصباح ضجيجاً يصم الآذان.

أما عن النوم الهادئ، فقد اقتصر وجوده على الحلم فقط، لم أحظَ به في الواقع بفضل زفاف جارنا الذي استمر بضوضائه الصاخبة حتى قُبيل بزوغ الفجر.

حينما استيقظت، أخذت أجول بناظري في أرجاء الغرفة حتى استقرت عيناي على ساعة الجدار، كان عقرب الساعات قد استقر عند الثامنة، نهضت مسرعاً، خلعت ملابسي للاستحمام، فتحت الصنبور فلم أحصل منه سوى على بضع قطرات سبقت انقطاع الماء تماماً.

ارتديت ملابسي دون استحمام، بلغت المطبخ، فتحت الثلاجة متطرقاً إلى كوب من الحليب الصباحي، كان الحليب قد فسد، فما زالت الكهرباء مقطوعة منذ البارحة والجو كان حاراً، ألقيت بالحليب في صندوق القمامة، كنت غاضباً.

التقطتُّ كتابي، غادرتُ الشقة، طلبت المصعد متناسياً انقطاع الكهرباء، هبطتُ اثني عشر طابقاً على درجات السلم، وكنت غاضباً.

انتظرت الحافلة، وصلت الحافلة، كانت مزدحمة لدرجة لا تسمح بركوب ذبابة، لا أعلم كيف تمكنتُ من دخول تلك الحافلة المكتظة لكنني فعلت، كانت رائحة التعرق طاغية في الحافلة، أيعقل أن المياه كانت مقطوعة عن كل هؤلاء حتى يخرجوا دون استحمام؟!

رغم أن المسافة ما بين منزلي والجامعة لا تزيد عن السبع كيلومترات فإن الطريق قد استغرق ما يزيد عن الساعة بقليل.

دخلت المدرج في تمام التاسعة وعشر دقائق؛ لأجد المحاضرة قد ألغيت، اضطررت للانتظار في الجامعة لبضع ساعات أخرى إلى حين المحاضرة التالية، وكنت غاضباً.

بدأت المحاضرة التالية، كانت محاضرة قانون، تحدث البروفيسور بصورة رئيسية عن الإنجازات الهائلة للحكومة واختتم المحاضرة ببضع دقائق في موضوع المحاضرة الرئيسي.

خرجت من الجامعة، استقللت الحافلة، بلغت المنزل بعد طول معاناة في الحافلة، كانت الساعة قد تجاوزت الخامسة بعشرين دقيقة، ألقيت بجسدي على الفراش ثم غفوت.

مضت ساعة منذ أن غفوت، استيقظت، فتحت كتابي، مضت ساعة، فإذا بضوضاء صاخبة تتسرب من النافذة لتربك عقلي، ألقيت بالكتاب بعيداً، وكنت غاضباً، أخرجت شريط الأفيون من جيبي، تناولت حبة، ثم نمت.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد