لليوم الخامس على التوالي، تعيش مدينة مانتوفا الإيطالية على وقع صدمة عميقة. فقد فقدت المدينة أحد مواطنيها، وهو شاب مصري يدعى حسام ويبلغ من العمر 20 سنة. في الحقيقة، تعرض حسام للطعن في موقف للسيارات قرب أحد مراكز التسوق في ضواحي لندن، مما أدى إلى مصرعه على عين المكان. ومن المرتقب أن يمثل مرتكبا الجريمة اللذان تم القبض عليهما بتهمة القتل العمد أمام القاضي.
في الواقع، لم تكشف الشرطة البريطانية عن هوية القاتلين لحد الآن. ولكن، تشير المعلومات الأولية إلى أنهما شابان في مقتبل العمر، حيث يبلغ أحدهما 19 سنة في حين لم يتجاوز الآخر 17 سنة. والجدير بالذكر أنه قد تم الإفراج عن مراهقين آخرين يبلغان من العمر على التوالي 14 و15 سنة، بعد ساعات قليلة من احتجازهما على ذمة التحقيق، حسب صحيفة جازيتا دي منتوفا الإيطالية.
وكان "عيسى" قضى 14 عامًا في إيطاليا مع عائلته، قبل انتقالهم العام الماضي 2016 للإقامة في إنجلترا، حسبما موقع المصري الْيَوْمَ عن قناة العربية.
وتعود الواقعة إلى الخميس الماضي في موقف للسيارات، تابع لمركز Brewery التجاري ببلدة روم فور القريبة 35 كيلومترًا من العاصمة البريطانية، وبرفقته خطيبته، وهي بريطانية، من أصل بنغالي، اسمها سلمى بيجان وتصغره بعام.
كان الاثنان خارجان من سينما في المركز التجاري، حين نظر حسام إلى 4 بريطانيين، أعمارهم 14 و15 و17 و19 سنة "نظرة لم تعجبهم"، حسب وصف التقرير، فدخلوا معه في شجار، انتهى بانقضاض أحدهم عليه بسكين طعنه بها أمام خطيبته، طبقا للوارد بوسائل إعلام إيطالية.
حزن في إيطاليا
وبعد مرور بعض الوقت، وصلت هذه الأخبار المفجعة من لندن إلى إيطاليا، لتخلف حالة من الحزن العميق لدى والد الضحية ناصر وأمه سميرة وجميع ذويه وأصدقائه.
وفي الوقت الراهن، ينتظر الجميع بحرقة موعد الجنازة التي تأخرت نظراً لعملية التشريح التي تكفل بها الطب الشرعي في بريطانيا. وقد ذكرت سلمى، خطيبة الضحية حسام، أن السلطات في لندن أعلمتها أنها تنوي الاحتفاظ بالجثة لأسابيع أخرى، بغية استكمال الفحوص والأبحاث.
في الحقيقة، لا تزال سلمى تعاني من صدمة حادة، بعد أن شاهدت الشاب الذي تحبه يتعرض للطعن دون سبب، علماً أن السلطات البريطانية سمحت لها بإلقاء نظرة أخيرة على حسام، وهو يرقد في ثلاجة المشرحة.
وعلى ضوء هذه الحادثة البشعة، تعيش مدينة مانتوفا الإيطالية حالة من الحزن العميق. وقد قضى حسام أجمل سنوات حياته، من سن السابعة حتى السابعة عشرة، بين ربوع هذه المدينة. من جهة أخرى، تجمع الأصدقاء والجيران لتقديم الدعم لعائلة ناصر علي عيسى، التي لم تستوعب بعد حقيقة وفاة ابنهم نتيجة هذه الحادثة المريعة.
الحنين إلى مانتوفا
وقد كان حسام علي عيسى شخصاً مرحاً ومحبوباً، فضلاً عن أنه كان هادئ الطباع، وفقاً لما أكده جميع من حوله. وفي السياق ذاته، أورد أصدقاؤه أنه ومنذ انتقاله إلى لندن، كان حسام يشعر بالحنين لمدينة مانتوفا التي ترعرع فيها، على الرغم من أن ظروف عيشه في لندن كانت جيدة للغاية.
وفي هذا الصدد، صرحت ماريا لويزا، وهي مدرسة رافقت حسام في العديد من المناسبات للقيام بأعمال تطوعية مع جمعية "أفولس" الخيرية، أن "ذكريات مانتوفا لم تغب لحظة عن ذهن حسام كما كان يحن كثيراً للالتقاء بأصدقائه هناك".
وبالإضافة إلى العمل التطوعي، كان حسام غالباً ما يساعد أهله في إنجاز أعمال البيت. وقد أكدت ماريا لويزا التي كانت تزور عائلة علي عيسى لمساعدة الأطفال في دراستهم، أن "عائلة حسام تتميز بحسن الضيافة وأجوائها الدافئة، كما تتحلى بالكرم والطيبة. كان أفراد العائلة يعيشون في انسجام تام، لذلك، لم تكن هناك خلافات أو شجار بينهم. كلما كنت أذهب إلى منزل حسام، كان أفراد عائلته يحملون عني حقيبتي ويرافقونني عند المغادرة".
عائلة رائعة
وأضافت ماريا لويزا، أن "هذه العائلة رائعة بالفعل. ففي الواقع، تتكفل السيدة سميرة بتسيير شؤون المنزل بإتقان. وفي الأثناء، يضطلع كل واحد من أبنائها السبعة بدور في الأعمال المنزلية، على غرار غسل الأواني وتنظيف الأرضية وكي الملابس. وقد كان حسام متخصصاً في كي القمصان".
وأردفت لويزا أنه "في أحد الأيام طلبت منه كتابة مقال حول العائلة. وقد وصف أمه على أنها سيدة راقية وأم رائعة تحسن العناية به. كلما أتذكر تلك الكلمات، تدمع عيناي من شدة التأثر".
من جهتها، أكدت لورنزا، وهي مع حسام في جمعية "أفولس"، أن "الجميع اعتقد في البداية أن الأمر مجرد إشاعة أو مزحة سمجة، وأن شخصاً ما نشر الخبر على فيسبوك لإثارة الذعر والبلبلة في نفوس أهله وأصدقائه. ولكن تبين فيما بعد أن الخبر صحيح. لقد كان حسام شاباً لطيفاً ومحباً للاستكشاف".
حبيبته السابقة وحقيقة العدوى التي كان يتسبب بها!
وأفادت إيريكا، التي ربطتها سابقاً علاقة غرامية مع الضحية، أن "حسام كان لا يحب لندن، وكان يرغب في العودة لإيطاليا. وطوال فترة إقامته في لندن، كان يتواصل مع أصدقائه كل ليلة عبر فيسبوك".
أما بالنسبة لصديقه جورجي، الذي كان يجلس بجانبه طوال سنوات الدراسة، فقد كان حسام "خفيف الظل وهادئاً. كلما كنت أتورط في مشكلة ما، كان حسام يهب لنجدتي. خلال سنوات الدراسة في المدرسة الثانوية، كنا نذهب سوياً للعب كرة القدم، كما كنا نقوم برحلات ممتعة معاً".
وأضاف جورجي، "لقد كانت ضحكته "معدية"، حيث كانت طاقته الإيجابية تتسرب لكل المحيطين به، في حين كانت البهجة تغمر الجميع في حضوره. لازلت لا أصدق أنه مات، كلما تخيلت هذه الحادثة البشعة، تسري في جسدي قشعريرة".