13 سبباً للانتحار ولكني لم أنتحر “1”

لن أحدثكم عن مستوى الإضاءة الناعمة الخافتة ذات الألوان الزرقاء الباهتة الباردة، حينما نتحدث عن عواقب انتحار الفتاة "هانا"، التي تعود للألوان الدافئة المائلة للحمرة، حينما نتحدث عن حياة "هانا" فتاة المدرسة الثانوية التي اختارت أن تنتحر وترسل لأصدقائها 13 شريطاً توضح لهم كيف كان كل منهم سبباً في انتحارها بأفعالهم.

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/22 الساعة 01:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/22 الساعة 01:53 بتوقيت غرينتش

كثيرون يتألمون، ولكن قلة مَن تصغي، تلك العبارة خلصتُ إليها عقب مشاهدة مسلسل 13 Reasons Why، الذي اعتبره الكثيرون -وأنا أولهم- ظاهرة درامية تستحق الدراسة والوقوف عندها، ليس فقط لتميز المسلسل على مستوى الحبكة الدرامية، وطريقة سردها، أو على مستوى التصوير، أو حتى لاعتماده على تكنيك "Flashback" الذي يعاونه Match Cut on Action، وإذا رغبتم القراءة عن تلك التكنيكات فيمكنكم أن تبحثوا عنها في جوجل.

لن أحدثكم عن مستوى الإضاءة الناعمة الخافتة ذات الألوان الزرقاء الباهتة الباردة، حينما نتحدث عن عواقب انتحار الفتاة "هانا"، التي تعود للألوان الدافئة المائلة للحمرة، حينما نتحدث عن حياة "هانا" فتاة المدرسة الثانوية التي اختارت أن تنتحر وترسل لأصدقائها 13 شريطاً توضح لهم كيف كان كل منهم سبباً في انتحارها بأفعالهم.

لن نتحدث عن مستوى أداء الممثلين الشباب الذين لفتوا الانتباه بمشاعرهم الصادقة، التي تصيبك بحالة من التقمص الوجداني مع شخصياتهم، فتبغض هذه، وتحب ذاك، وتتعاطف مع تلك، وتتمنى أن تقتل هذا.

لن أتحدث عن شركة Netflix التي ينبغي أن نصفها بأنها "شركة الإنتاج التي تعرف جيداً من أين تؤكل الكتف"، ومن أين تصنع دراما حقيقية تجمع بين المعادلة الصعبة في حصد جوائز النقاد، واقتناص إعجاب الجمهور.

لن أتحدث عن الجدل المثار حول المسلسل وتداعياته في تكثيف الاهتمام ببرامج منع الانتحار والتأهيل النفسي بالمدارس الأميركية، ولن أتحدث عن الفريق المعارض للمسلسل بدعوى أنه يُشجع الشباب على تعلم أساليب الانتحار ويدفعهم إلى الاستسلام، مع أنني أراه يدق ناقوس الخطر في كل المدارس، ليس داخل الولايات المتحدة فقط، بل بمصر التي ارتفعت بها معدلات الانتحار مؤخراً بين الشباب وغير الشباب!

هذا المقال ما هو إلا لإقناعك بأننا، بشكل أو بآخر، نختار أن نكون "هانا بيكر" أو من كانوا سبباً في انتحارها، وإليك 13 دليلاً دامغاً على كلامي:

1- شخصيات المسلسل: إذا شاهدت المسلسل سوف تجد أنه لا يخاطب فقط فئة المراهقين، بل تشعر بأنه يخاطبك بصورة شخصية، يشرح بعض الضغوط التي تواجهها، يصل إلى صميمك ويُخبرك بأن شخصيات هذا المسلسل موجودة بكل عصر، وفي أي مجتمع، وفي كل فئة عمرية؛ فمن منا لم يقابل شاباً مثل "ماركوس" لا يهتم سوى بنفسه؟ يتخذ كافة الأساليب غير الشرعية ليحافظ على مصالحه، وإذا اعترض أحدهم طريقه لا يتوانى عن إيذائه، وإذا كنت أنت تشبه "ماركوس" فينبغي أن تعمل بالسياسة.

من منا لم يشعر بأنه مثل "جيسيكا" يعيش وهماً كبيراً ولا يريد أحياناً أن يسمع حقيقة أنه المخدوع الأكبر؟ من منا لم تقهره ظروفه الأسرية والمادية مثل "جاستن"؟ من منا يخشى مواجهة مخاوفه مثل " كورتني"؟ من منا لم يأخذ دور المتفرج في كثير من الأحداث الحياتية مثل "كلاي" رغم أنه يمتلك القدرة على تغيير بعض الأمور، ولكنه آثر الصمت خشية الخسارة؟

من منا رأى أن أحدهم يحتاج لمساعدته، ولكنه لم يكترث أو ظن أن أحداً آخر قد يأخذ حبوب الشجاعة ويتحرك؟ الحقيقة أن أغلبنا يقف مُشاهداً منتظراً أن يفعل أحدهم شيئاً والطامة الكبرى هي أن لا أحد يتحرك!

2- حبكة المسلسل: إحساسنا بأن أفعالنا الصغيرة من نميمة أو مضايقة للآخرين أو السخرية منهم أو الوشاية بهم أو الحقد عليهم، أو الكذب أو النفاق، من وجهة نظر الكثيرين، ما هي إلا أمور بسيطة لا تستحق الاهتمام ولا يضاهي آثارها الجرائم أو الكبائر الأخرى مع أن تلك الصغائر تحولنا إلى مجرمين مستقبليين؛ فالأفعال الصغيرة غالباً ما ينتج عنها تداعيات كبرى لتتسع الدائرة للكارثة الأكبر.

3- السمات البشرية: ما يفاجئك بهذا المسلسل أن من قاموا بكل تلك الأفعال، أغلبهم أسوياء لم يتعرضوا لأي نوع من القهر أو الإيذاء النفسي، ولكنهم اختاروا ببساطة إيذاء الآخرين حفاظاً على مآربهم الخاصة أو مصالحهم الذاتية، وما أكثر من نقابلهم بحياتنا من تلك النوعية الذين أدمنوا إيذاء الآخرين في زمن من السهل أن تكون وحشاً ظالماً على أن تكون من الأخيار.

4- الشرائط في المسلسل: لكم تمنينا أن نرسل مثل تلك الشرائط أو الرسائل لكل من خذلونا أو ثبّطوا عزائمنا أو تركونا في منتصف الطريق أو كانوا سبباً في ضياع فرحتنا أو حلمنا، أو كانوا قادرين على مساعدتنا، ولكنهم تقاعسوا.

5- المونتاج: هو أعظم ما بهذا المسلسل، فاعتماده على فكرة القطع المتوازي المتطابق لزمانين وسياقين مختلفين في نفس المشهد، وكأن الفلاش باك يكمل ما يحدث بالواقع، هو الدليل الأكبر على أننا مهما هربنا مما حدث بماضينا وحاولنا نسيانه أو تناسيه أو كبح جماحه سوف تطاردنا ذكرياته لتؤثر على واقعنا، مثل الفريسة التي نجت من ضربات صيادها وعادت لتقتنصه.

6- أداء الممثلين: شعورك بالتوحد مع شخصية من شخصيات هذا العمل دليل على نجاح كاتب المسلسل، ولكنه دليل آخر على أنك واحد من هؤلاء، واحذر إذا كنت مثل المغتصب "برايس" فلا تهاون معك!

7- الحوار: مهما اختلفت التيما التي تدور حولها كل حلقة واختلف معها الحوار وأهدافه يبقى أن الهدف الرئيسي هو ألا تستلم، وألا تترك من هم بحاجة لمساعدتك، وألا تكون سلبياً، ومع الأسف في كثير من الأحيان نرفع الراية البيضاء ونترك الحياة وأناسها يفعلون ما يشاءون، وهو أولى درجات التنازل التي يعقبها الاكتئاب والضياع وصولاً للانتحار.

هناك من قاوموا ونجحوا، وأنا أمامك كنتُ مثل "هانا بيكر".. وللحديث بقية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد