بداية جديدة

التزكية ركن من أركان الدين، وواحد من أضلاع ثلاثة بمثلث: الإسلام، والإيمان، والإحسان، الوارد في حديث جبريل عليه السلام، والتزكية واحدة من مهمات النبوة التي بعث لأجلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال: (يعلمهم ويزكيهم)، وبدونها فأنت على دين ناقص أو محرّف، وهي لا تكون إلا على يد مرب!

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/22 الساعة 06:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/22 الساعة 06:14 بتوقيت غرينتش

* اقترب رمضان وحالي كما هو!

– وستظل هكذا حتى تُميت نفسك!

* فلمَ أُميتها؟ وكيف؟

– المقصود إماتة صفاتها المهلكة حتى لا تأمرك إلا بخير، فتكون في كل لحظة في ترقٍّ مستمر، وهذا لا يكون إلا بالتربية والتزكية والسلوك.

* هلا زدت الأمر وضوحاً؟

– التزكية ركن من أركان الدين، وواحد من أضلاع ثلاثة بمثلث: الإسلام، والإيمان، والإحسان، الوارد في حديث جبريل عليه السلام، والتزكية واحدة من مهمات النبوة التي بعث لأجلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال: (يعلمهم ويزكيهم)، وبدونها فأنت على دين ناقص أو محرّف، وهي لا تكون إلا على يد مرب!

* فلمَ ينبغي أن تكون التزكية على يد شيخ مرب؟!

– لأن تربية الإنسان لنفسه (دور) لا يكون عند العقلاء، ولأنه خلاف السنة، وإلا فلمَ بعث الله الأنبياء صلوات الله عليهم، ولأنه ينبغي في كل مجال أن نرد الأمر إلى أهله، تأمل قوله تعالى: (الرحمن فاسأل به خبيراً).

* فلمَ تختلف طرائق المربين؟!

– اختلاف الطرائق في التزكية كاختلاف مدارس الفقهاء في الفقه، فكما في الفقه اجتهاد يجعل للفقيه مدرسة، ففي التزكية إذن وذوق ومجاهدة يجعل للرباني طريقة.

* فهل ذكر القرآن أو السنة موضوع الشيخ الرباني والطرق؟

– القرآن دل على وجوب سؤال أهل الذكر، فقال (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، أي الذين ورثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقام الإحسان وانتصبوا لتزكية الخلق.

أما الطرق فهي اجتهاداتهم في التربية والاجتهاد لا ينكر إن صدر عن أهله، كما في سائر المجالات.

* فكيف نعرف شيخ الصدق من شيخ الزور؟

– ذكر أهل الله أنفسهم شروط الشيخ، التي منها: أن يكون عالماً عاملاً بالشرع ظاهراً وباطناً، يدل حاله عليه، مجاهداً لنفسه تربى على يد أهل الله، وأُذِن له بالتسليم.

* وماذا عن اتباع الشيخ أو الولي والتسليم له فيما لم يرد فيه نص؟

– لا يجب اتباع إلا من أوجب الشرع علينا اتباعه، والشرع أوجب علينا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله دلنا على وجوب اتباع أهل العلم، فاتباع من ثبتت أهليته وولايته هو عين اتباع الرسول لمن يعقل، أما حديث التسليم فيما لم يرد فيه نص، فكلام يدل على القصور؛ لأن الولي لا يأتي بما يخالف النصوص إن كان ولياً، لكن بفهم أهل العلم للنصوص لا بفهم العوام؛ لأن القاعدة أن (الدليل ليس بمعطي الدلالة من نفسه وإلا ما تخلف عن ناظر فيه)، بمعنى أن لأهل العلم من الأنظار ما ليس لغيرهم، بحيث ينظر العامي للنص، ولا يفهم منه إلا معناه السطحي، والعالم يخرج منه بعشرين مسألة، كما هو مشاهد لدى الفقهاء في استنباطاتهم، وكبار المتكلمين في نظراتهم، وأهل الله في إشاراتهم؛ لذا فواجب العامي ليس طلب النص، ولا الدليل؛ لأنه لن يفيده بشيء، والحديث معه حول الأدلة والنصوص تضييع للوقت، بل واجبه سؤال من يثق فيه، وهذا القدر يكفيه.. إن رام العمل لا الجدل.

* فهل اجتماع الناس على الذكر أو الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة؟

– بل سنة هجرها الناس لتشويش أهل الضيق والجهل، أما قرأت ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ﻫﺮﻳﺮة، عن أبي ﺳﻌيد -‏رضي اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ- ﻗﺎﻻ:
ﻗﺎل رﺳﻮل اﻟﻠﻪ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ- (ﻻ ﻳﻘﻌﺪ ﻗﻮم ﻳﺬﻛﺮون اﻟﻠﻪ إﻻ ﺣﻔﺘﻬﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، وﻏﺸﻴﺘﻬﻢ اﻟﺮﺣﻤﺔ، وﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ، وذﻛﺮﻫﻢ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻤﻦ ﻋﻨﺪﻩ).

أما قرأت ما رواه الإمام مسلم أيضاً في صحيحه وﻋﻦ أﺑﻲ ﻋﺜﻤﺎن ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪري ﻗﺎل: (قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ؟، قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ، قَالَ: آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّي، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: "مَا أَجْلَسَكُمْ"، قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: " آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ ؟"، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ؟ قَالَ: "أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ".

* فكيف أبدأ؟!

– ابدأ بالإكثار من الصلاة على رسول الله، واطلب من الله بصدق أن يدلك على من يدلك عليه، وأدمن مطالعة (إحياء علوم الدين) لحجة الإسلام الغزالي أو مختصر مختصره المسمى (مختصر منهاج القاصدين) لابن قدامة المقدسي لا سيما ربع المهلكات وربع المنجيات، وطالع (الرسالة القشيرية) للإمام القشيري، و(المنهاج القويم في التزكية) لشيخنا العمري، وخذ قبل ذلك رسالة (أيها الولد) لحجة الإسلام، لتصحيح الوجهة، وإياك والاغترار بذاتك إن ذقت شيئاً، أو الاكتفاء بنفسك إن حصلت معلومات، فهو عين الانقطاع والحرمان.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد