“ميدل إيست آي”: عباس سيعرض على ترامب مقايضة أراضٍ مع إسرائيل.. فماذا عن القدس؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/21 الساعة 13:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/21 الساعة 13:58 بتوقيت غرينتش

كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني، أنَّ رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، سيعرض خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للضفة الغربية الثلاثاء، 23 مايو/أيار، خطةً تتضمَّن تخلّي الفلسطينيين عن 6.5% من أراضيهم لإسرائيل، وهي نسبة تعادل ثلاثة أضعاف ما وافقت عليه السلطة الفلسطينية سابقاً.

وقال مسؤولٌ فلسطيني مُقرّب من منظمة التحرير الفلسطينية لموقع ميدل إيست آيب إنَّ المُقترح يستثني القدس، ويبدو أنَّه يُعزِّز خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، من أجل تسوية سلامٍ فسطيني إسرائيلي.

وأخبر المصدر ميدل إيست آي أنَّ "الجانب الفلسطيني سيعرض في أثناء اللقاء مع ترامب رؤيةً جديدة منفصلة إلى حدٍّ بعيد عن غالبية الشعب الفلسطيني. وتقوم الرؤية بالأساس على مبادلة كثيرٍ من الأراضي الفلسطينية".

وقال المصدر: "كانت المحادثات السابقة بشأن تسويةٍ فلسطينية إسرائيلية تدور حول مبادلة 1.9% من الأراضي، لكنَّنا الآن نتحدث عن أكثر من ثلاثة أضعاف تلك النسبة".

وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، أنَّ عباس قد رفض عرضاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أولمرت في أثناء محادثات سلام العام 2008 الفاشِلة، للانسحاب شبه الكامل من الضفة الغربية، واقترح أولمرت حينها أن تحتفظ إسرائيل بنسبة 6.3% من الأراضي بغرض الإبقاء على السيطرة الإسرائيلية على المستوطنات اليهودية الرئيسية.

والتقى عباس في أوائل مايو/أيار 2017، مع ترامب في واشنطن في أول مباحثاتٍ مباشرةٍ بينهما. وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، حثَّ عباس ترامب في ذلك الوقت على استئناف مباحثات السلام على أساس العرض الذي قدَّمه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في عام 2008.

وتواردت هذه الأنباء قبيل زيارة ترامب الخارجية الأولى التي تشمل إسرائيل، وفلسطين، والسعودية، ومن المُتوقَّع أن يُقدِّم لأول مرة تفاصيل عن رؤيته المُتعلِّقة بالسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في مؤتمرٍ صحفي بالقدس.

ووفقاً لمصدرٍ بوزارة الخارجية الفلسطينية، فقد فشلت مباحثات السلام في عام 2008، لأنَّ الوفد الفلسطيني وافق فقط على مبادلة نسبةٍ من أراضيه تقل كثيراً عما عرضه أولمرت.

وأوضح المصدر: "كُنَّا نناقش مسألة تبادل الأراضي تلك منذ عمليات التفاوض مع أولمرت. لكن في مباحثات السلام في 2008، وافق الفلسطينيون على تبادل بين 1-2% فقط من الأراضي الفلسطينية، في حين كان أولمرت يدفع باتجاه تبادل ما يقرب من 6.5%".

وبحسب تقرير صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فقد عرض أولمرت تعويض الفلسطينيين بأراضٍ إسرائيلية تُعادل نحو 5.8% من مساحة الضفة الغربية، إلى جانب طريقٍ للربط مع قطاع غزة، وتضمَّن العرض المرفوض كذلك وضع البلدة القديمة بالقدس تحت إدارةٍ دولية.

وقال المسؤول الفلسطيني قريب الصلة بمنظمة التحرير الفلسطينية لموقع ميدل إيست آي، إنَّ القدس التي مثَّلت أكثر القضايا إثارةً للخلاف في المباحثات السابقة، ليست مذكورة هذه المرة في المقترح، الذي يُقال إنَّ عباس بصدد مناقشته مع ترامب أثناء زيارته.

"وثائق عُرضت على ترامب

وسبق أن ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، حسبما نقل عنها موقع قناة الميادين، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس والفريق المرافق له في واشنطن قاما بعرض وثائق وخرائط لترامب، تمّ التفاهم عليها بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي في الأيام الأخيرة لولاية رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، والتي قلّص الطرفان جداً، وفقاً لها، الفجوات بينهما في موضوع الحدود.

بدورها ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن مستشار الرئيس عباس نبيل شعث كشف للصحيفة في رام الله أن "عباس مرن حيال تبادل أراضٍ"، مشيراً إلى أنه "ما زال مستعداً للتفاوض بشأن الحد الأدنى" من تبادل الأراضي على طول حدود العام 1967″.

وبحسب الصحيفة فقد أكد شعث أن "عباس لم يغير موقفه".

ونقلت "جيروزاليم بوست" عن شعث قوله، إن "مقايضة الأراضي جزء أساسي من عملية المفاوضات منذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242 الذي يدعو إلى ضمان حرمة كل دولة واستقلالها السياسي في المنطقة".

وأضاف شعث، وفقاً للصحيفة، أن "إسرائيل لا تفكر في نفس النوع من مبادلة الأراضي مثل عباس، الذي يدعم مقايضة تقوم على تبادل الحد الأدنى من الأراضي"، وأن تكون "متساوية من حيث نوعية الأرض"، وتعتقد إسرائيل أنها "يمكنها مبادلة 62% من الضفة الغربية، المنطقة ج، مع 1% من الأرض الصحراوية حول غزة".

وتعهُّد ترامب في أثناء حملته الانتخابية الرئاسية بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، مما زاد من تعقيد المباحثات بشأن القدس في قضية الحل الفلسطيني الإسرائيلي.

وفي أعقاب تنصيب ترامب، حذَّره عباس من أنَّ نقل السفارة من شأنه أن يكون له "أثرٌ كارثي على عملية السلام، وعلى حل الدولتين، وعلى أمن واستقرار المنطقة بأسرها".

عملية السلام

وسعى الفلسطينيون حثيثاً من أجل التوصُّل إلى تسويةٍ تفاوضية تلبّي الشروط المنصوص عليها في مبادرة السلام العربية، وهو مقترحٌ وافقت عليه الجامعة العربية في عام 2002، يدعو إلى انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وحسب موقع ميدل إيست آي، فإن أعضاء في القيادة الفلسطينية يعتقدون أنَّ زيارة ترامب لن تُحقِّق شيئاً يُذكر للتوصُّل إلى إلى تسويةٍ تفاوضية تلبّي الشروط المنصوص عليها في مبادرة السلام العربية، التي وافقت عليها الجامعة العربية.

فقد قال عوني المشني، أحد أعضاء حركة فتح، لموقع ميدل إيست آي: "المسألة لا تتعلَّق بترامب أو أوباما أو أبو مازن، المسألة تتعلَّق بأنَّ إسرائيل لا ترغب في الانسحاب من الضفة الغربية أو من غزة، كما لا ترغب في إنهاء الاحتلال".

وأوضح المشني أنَّه بغض النظر عن تفاصيل هذا المقترح الجديد، فإنَّ أية مبادرةٍ للانسحاب من الضفة الغربية وغزة ستفشل في نهاية المطاف لأنَّ القيادة الإسرائيلية ترفض اتخاذ هذه الخطوة.

وأضاف المشني: "لن يسمح المناخ السياسي الحالي بالتوصُّل إلى حل. فالحكومة الإسرائيلية أكثر تطرُّفاً من أي وقتٍ مضى، ولن تتجاوب مع أية مبادرة".

وفي أثناء خطابٍ في ديسمبر/كانون الأول 2016، انتقد وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واصِفاً ائتلافه الحكومي بـ"الأكثر يمينيةً في تاريخ إسرائيل".

وفي حين قال نتنياهو إنَّه ملتزمٌ بحل الدولتين، قال مراقبون دوليون من بينهم كيري إنَّ جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية يبدو متجهاً نحو حل دولةٍ واحدة، يهدف إلى إقامة "إسرائيل الكبرى".

نهج الرجل الأوحد

وقال الصحفي المقيم بالقدس والمُحلِّل السياسي، راسم عبيدات، لموقع ميدل إيست آي إنَّ لديه القليل من التوقُّعات فيما يتعلَّق بدفع ترامب باتجاه تسويةٍ مُرضية للفلسطينيين، قائلاً إنَّ المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة تتلاقى الآن أكثر من أي وقتٍ مضى.

وقال عبيدات: "بالنظر إلى اللقاء الذي جمع ترامب ونتنياهو في وقتٍ سابق من هذا العام، 2017، لم تكن هناك أية مباحثاتٍ بشأن حل الدولتين، وهذا بالضبط هو هدف نتنياهو: إنهاء أي حديثٍ حول هذه المسألة".

ولفَّ الغموض هدف دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلة في الضفة الغربية، حينما قال ترامب في أثناء زيارة نتنياهو للبيت الأبيض في 15 فبراير/شباط 2017 إنَّه في حين يلتزم بالتوصُّل إلى اتفاق سلامٍ "عظيمٍ بحق"، فإنَّه ليس ملتزماً بحل الدولة الواحدة، ولا هو معارضٌ له.

وفي الوقت نفسه، يعتقد العديد من القادة الفلسطينيين أنَّ تبنّي عباس لنهج الرجل الواحد قد أبعده بصورةٍ متزايدة عن الشعب الفلسطيني، مما جعله لم يعد ممثلاً للشعب الفلسطيني، حسب تقرير ميدل إيست آي.

وقال عبيدات: "تواجه السلطة الفلسطينية أزمةً دولية، وتعاني مستويات ثقةٍ منخفضة بين صفوف الشعب الفلسطيني. إنَّ الشيء الوحيد الذي جعلها تستمر هو أنَّها تدفع رواتب عشرات الآلاف من المُوظَّفين".

وبحسب العضو بحركة فتح عوني المشني، سيجعل هذا النقص في تمثيل عباس للشعب الفلسطيني أي تحرُّكٍ له غير مهم.

وقال المشني لموقع ميدل إيست آي: "أشك في أنَّ أبو مازن سيوافق على تسوية، وحتى لو فعل، فإنَّ الشعب الفلسطيني لن يتخلّى عن القدس أو يوافق على استمرار الاحتلال".

تحالفٌ عربي

بدلاً من هدف التوصُّل إلى تسويةٍ بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يعتقد الكثير من المراقبين أنَّ ما يشغل رأس جدول أعمال زيارة ترامب هو تأسيس تحالفٍ عربي من شأنه أن يساعد على تطبيع العلاقات بين إسرائيل وجيرانها.

وقال المسؤول الفلسطيني: "ترامب يأتي إلى المنطقة بخطةٍ للمنطقة بأسرها تهدف إلى تطبيع العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين من ناحية، وبين الإسرائيليين وباقي العرب من ناحيةٍ أخرى".

وأضاف: "الهدف الرئيس لهذه الزيارة هو تأسيس تحالفٍ عربي تقوده السعودية لمحاربة إيران، وسوريا، وحزب الله".

ووفقاً لتقارير ظهرت الأسبوع الماضي، فقد عرض عددٌ من دول الخليج صفقةً لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، في حال اتَّخذت الأخيرة خطواتٍ لاستئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أن دول الخليج العربية عرضت قبيل زيارة ترامب للمنطقة اتخاذ خطوات ملموسة لإقامة علاقات أفضل مع إسرائيل، إذا كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيحقق تقدماً كبيراً يهدف إلى إعادة استئناف عملية السلام.

ووفقاً للصحيفة فإنه حسب هذا العرض فإن عدداً من الدول الخليجية مستعدة لإقامة خطوط اتصالاتٍ بينها وبين إسرائيل، وإطلاق مفاوضاتٍ تجارية، والسماح للطائرات الإسرائيلية بالطيران في مجالها الجوي.

وفي المقابل، سيكون على إسرائيل تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، وتخفيف قيود التجارة مع قطاع غزة.

ورُسِمَت الخطوط العريضة لمقترح تطبيع العلاقات مع إسرائيل في ورقةٍ نقاشية غير منشورة، جرى تشاركها بين عددٍ من الدول العربية، وحصلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عليها.

ووفقاً للصحيفة، كانت الورقة تهدف إلى إظهار التزام دول الخليج بالاصطفاف إلى جانب سياسة ترامب الخارجية، وهو الذي شدَّد على رغبةٍ للعمل مع الدول العربية للتوصُّل إلى اتفاق سلامٍ في الشرق الأوسط.

وتواصل موقع ميدل إيست آي مع محمد اشتية، وزير المجلس الفلسطيني للتنمية والإعمار، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، لكنَّه رفض التعليق على الموضوع.

وقال الصحفي والمُحلِّل السياسي راسم عبيدات، إنَّ إسرائيل وترامب ربما يستخدمان التحالف أيضاً "للضغط على القيادة الفلسطينية للقبول بتسويةٍ لا تشمل حل الدولتين".

واتفق المشني معه في ذلك، وقال: "الكثير من الحكومات العربية تعتقد أنَّ القضية الفلسطينية مثَّلت عقبةً في طريق تشكيل هذا التحالف، ولذا ستحاول تلك الدول العربية إيجاد طريقٍ للالتفاف عليها".

لكنَّ المشني، الذي اعتبر أنه رأي يتوافق مع غالبية الفلسطينيين، قد أصرَّ على أنَّه "حتى لو وافق عباس على التخلّي عن القدس، فإنَّه لا أحد بإمكانه فرض أي شيءٍ على الشعب الفلسطيني، وإنَّ الشعب الفلسطيني لن يسمح بحدوث ذلك".

وقال المسؤول: "إنَّ عباس يخوض معركةً خاسِرة. آمل ألّا يلتزم لترامب بأي شيءٍ".

تحميل المزيد