رغم جهود تعليمية للتعريف بالإسلام وإعلامية لرصد أي انتهاكات لحقوق المسلمين في الولايات المتحدة الأميركية، فإن جرائم الكراهية بحق المسلمين في تصاعد، ضمن ظاهرة "الرهاب من الإسلام" (الإسلاموفوبيا)، التي بدأت إثر هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وتتزايد مع كل هجوم إرهابي في الغرب، ولا سيما عقب هجمات باريس الدموية في 2015، بحسب مركز بحثي ومجلس حقوقي وتقارير إعلامية.
ووفق دراسة حديثة صادرة عن مركز "الأمير الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي المسيحي" بجامعة جورج تاون الأميركية، تتصاعد جرائم الكراهية بحق المسلمين في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ منذ عام 2016، الذي شهد 180 جريمة، منها: 12 جريمة قتل، و34 اعتداءً جسدياً، و49 اعتداء لفظياً، و56 جريمة تدمير ممتلكات، إضافة إلى 9 حوادث إطلاق نار متعمد.
وتتراوح أعمار ضحايا هذه الجرائم، بحسب الدراسة، بين 18 و24 عاماً، فيما تقلّ أعمار بعض مرتكبيها عن الثانية عشرة، في مؤشر على ما يبدو على تغلغل وانتشار كراهية المسلمين.
وهو ما أكده "مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية" (كير)، المدافع عن حقوق المسلمين، بإعلانه تزايد الجرائم بحق المسلمين، خلال 2015 و2016، بنحو 584% مقارنة بالأعوام السابقة.
وفيما يلي رصد لـ8 أوجه لجرائم الكراهية بحق مسلمين في المجتمع الأميركي منذ عام 2015، الذي شهد مقتل 140 شخصاً في هجمات بالعاصمة الفرنسية تبناها تنظيم داعش:
1- محاولات قتل
اقتحم شخص يدعى "بيرو كولفاني" مطعم ساركير هاكي (من بنغلاديش) للأطعمة الحلال، في مدينة نيويورك، وسأله عن المنتجات المجانية، قبل أن يبدأ في الصراخ نحو 10 دقائق، مطالباً بـ"قتل جميع المسلمين"، ثم تدخَّل جيران وأنقذوا "هاكي" من المهاجم.
وهذا الهجوم، في ديسمبر/كانون الأول 2015، كان واحداً من 37 مظهراً لـ"الرهاب من الإسلام" شهدته المدينة، خلال الشهر ذاته، وفق موقع "بازفيد" الإلكتروني.
2- رسائل تهديد
تعد رسائل التهديد هي الأكثر رواجاً بين المناهضين للإسلام، خاصة منذ أن استخدم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عبارات اعتبرها منتقدون "عنصريةً ومعاديةً للإسلام والمسلمين"، خلال حملته لانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التي أوصلته إلى البيت الأبيض.
وفي شهر الانتخابات، كتب طلاب أميركيون اسم "ترامب" على باب غرفة العبادة الخاصة بـ"منظمة الطلاب المسلمين" في نيويورك؛ بهدف تهديدهم، وهو ما تكرر في مساجد رئيسية بعدد من المدن.
قبلها، وفي مدينة نيوجيرسي مثلاً، بعث مجهولون، عام 2015، برسالة إلى مركز إسلامي، كتبوا فيها: "لا نريدكم هنا، نحن لا نحبكم، أنتم شياطين، اخرجوا من بلدنا، وعودوا إلى صحرائكم".
3- اتهام بالإرهاب
كثيراً ما يحاول المناهضون للإسلام الربط بين المسلمين والإرهاب، دون مراعاة لتأثير هذا الادعاء على المسلمين بغض النظر عن أعمارهم.
وفي ولاية جورجيا، سألت معلمة طفلة محجبة، تدعى فايزة عثمان، في الصف الثامن، بشأن ما إذا كانت تحمل قنبلة في حقيبتها المدرسية؛ ما دفع بقية الطلاب إلى الارتباك والتشكك في نوايا وميول زميلتهم، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
4- قطع علاقات
منذ هجمات 2001، تبدلت حياة الفتاة الأميركية من أصول أردنية أمينة خطابة، بعد أن هاجم مناهضون للمسلمين متجر والدها أمام عينيها، وقطع عدد من أصدقائها علاقتهم معها.
بعدها، توقفت أمينة عن الاستماع إلى الموسيقى الغربية ومشاهدة المسلسلات الأميركية، التي كانت تظن أنها ستجعلها أقرب إلى المجتمع الأميركي.
وقالت الفتاة لموقع "غلوبال نيشان"، إن "الإسلاموفوبيا التي عانيتها دفعتني إلى ارتداء الحجاب أولاً لإظهار حقيقة إسلامي في الأماكن العامة، وتأسيس موقعي الإلكتروني، خاصة بعد ابتعاد أصدقائي عني".
"الفتاة المسلمة" هو اسم الموقع، الذي أسسته أمينة عام 2009، عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها، في محاولة لتغيير الصورة النمطية المسيئة إلى المرأة المسلمة، وإظهار حقيقة موقف القرآن من النساء خاصة.
5- حرق مصاحف
في مدينة توسان، بولاية أريزونا، دخل شخص إلى مسجد وجمع مصاحف، ثم مزقها، وألقاها في أرجاء المسجد، وفق تقارير إعلامية محلية.
وفي 2015، أطلق أميركيون دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لحرق نسخ من القرآن الكريم أمام البيت الأبيض في واشنطن، بدعوى "الاحتجاج على السياسات الخائنة التي تمارسها الحكومة في واشنطن، والتصدي للدين الإسلامي الراديكالي"، على حد قولهم.
6- تشهير بالمسلمين
نشرت منظمة مناهضة للمسلمين، تُدعى "مكتب العلاقات الأميركية الإسلامية" (بير)، أسماء وعناوين 60 مسلماً من العاملين في جهات داعمة للإسلام؛ بهدف ترويعهم.
واتخذت المنظمة، المعادية للإسلام، اسمها من "مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية" (كير)، لتكون على شاكلته، ولكن مناهضة له كلياً.
وقالت علياء سالم، وهي مسؤولة في "كير": "أبحث دوماً عن اسمي في قوائم المسلمين، التي تعدها هذه المنظمة؛ لما تمثله هذه القوائم من خطر على حياتي"، وفق صحيفة "دالاس مورنينغ نيوز".
7- مقاطعة مؤسسات
في مارس/آذار الماضي، اتخذ اثنان من أولياء الأمور إجراءات قانونية ضد مدرّسة في ولاية نيوجيرسي؛ لعرضها فيلم رسوم متحركة يتناول أركان الإسلام على تلاميذ الصف السابع، وفق وسائل إعلام محلية.
ولخوفهما من أن تهتم طفلتهما بالإسلام وتعاليمه، نقل زوجان في ولاية تكساس طفلتهما من مدرستها، منتصف العام الدراسي؛ إثر تكليفها واجباً مدرسياً حول الدين الإسلامي وأركانه الخمسة الرئيسية، بحسب صحيفة "وورد نت دايلي".
وقالت الأم للصحيفة: "لا أعتقد أنه من الصحيح أن تتلقى ابنتي هذه المعلومات في المدرسة".
فيما دعا أولياء أمور في ولاية تينيسي، عام 2015، المسؤولين المحليين إلى التحقيق فيما قالوا إنه مناهج دراسة مؤيدة للإسلام.
8- طرد مسلمين
يعد طرد مسلمين من أكثر أوجه "الرهاب من الإسلام" انتشاراً، لا سيما في مؤسسات حكومية خدمية ومصارف.
وشهدت الشهور القليلة الماضية تزايداً في وقائع طرد مسلمين من على متن رحلات جوية، بدعوى الخوف من احتمال انتمائهم إلى جماعات إرهابية.
وبينما كان الطالب خير الدين المخزومي، في أبريل/نيسان 2016، على متن إحدى طائرات شركة "ساوث ويست" الأميركية؛ للتوجه من لوس أنجلوس إلى أوكلاند، تحدث باللغة العربية خلال مكالمة هاتفية، فطرده مسؤولو الشركة من الرحلة.
وحاولت شركة الطيران تبرير الواقعة بالقول إن هدفها هو "سلامة الركاب والطاقم على متن الطائرة"، بينما أعلن مكتب التحقيق الاتحادي الأميركي (إف.بي.آي) أنه "لم يكن هناك أي دليل يدين المخزومي على الإطلاق".
طرد المخزومي، وهو إجراء متكرر بحق مسلمين على العديد من الرحلات الجوية، أرجعه الطالب، في تصريحات لشبكة "سي إن إن" الإخبارية، إلى "الرهاب من الإسلام في الولايات المتحدة الأميركية".