ظاهرة مواعدة طالبات الثانوية العامة في اليابان أصبحت مقلقة، على خلاف البلدان الأخرى. ففي اليابان المواعدة تعني خروج فتاة بزيها المدرسي الموحد مع رجالٍ في العقد الخامس أو السادس من أعمارهم، بل وأكبر حتى من ذلك، مقابل المال، وفق صحيفة واشنطن بوست.
قد تتضمن هذه المواعدة أحياناً أن يتمشَّى الاثنان في الحي، أو يتناولا مشروباً في حانة. وكثيراً ما يتضمن ممارسة الجنس، أو بعبارةٍ أخرى دعارة الأطفال، والقليل جداً من الناس يرون في هذا الأمر مشكلة.
وقد شُدِّدَت القوانين بشكلٍ طفيف في السنوات الأخيرة للتعامل مع هذا الاستغلال، فحُظِرَ على الفتيات رسمياً العمل في محلات (فتيات الثانوية) عام 2014، لكنَّ الكثيرات لا يزلن يعملن هناك. بل صارت هناك كلمة تعبر عنهن في الإعلانات، وهي "تحت"، أي "تحت سن الـ18".
وفق تقرير واشنطن بوست قال أحد الرجال في الثلاثين من عمره كان يجلس على دكةٍ خشبية في مقهى مدرسة AKB الثانوية في أكيهابارا، وهي منطقة تسكنها الأقليات: "من السهل أن تتكلم مع أولئك الفتيات". وجلبت فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً لهذا الرجل وزميله جعةً وجلست للدردشة. وقد رفض كلا الرجلين الإفصاح عن أسمائهما.
وقال الرجل: "في الحقيقة، أصبحنا هذه الأيام نجد الحانات العادية غير جذابة. لقد مللتُ من الحانات التقليدية ومن النساء الكبيرات".
واعترف الرجلان أنَّ الزي المدرسي الموحد واحد من أكبر عوامل الجذب. إذ قال صديقه، وهو رجلٌ في الأربعين من عمره: "يبدين جذاباتٍ للغاية. تجعل الأزياء الموحدة أولئك الفتيات أكثر جاذبية مرةٍ ونصف مما هن عليه في الحقيقة".
تُعرَف هذه التجارة المشبوهة لـ"مواعدة فتيات المدارس الثانوية" في اليابان اختصاراً بلفظ "JK" (اختصاراً لجوشي كوسي، وتعني فتيات الثانوية العامة، وهو لفظٌ يُستَخدَم عالمياً لوصف هذه الظاهرة).
تتمشَّى الفتيات مع رجال، وهي تمشيةٌ تنتهي عادةً بنوعٍ من أنواع الخدمات الجنسية، وما يُطلق عليه صراحةً اسم الـ"المواعدة مدفوعة الأجر"، أي الدفع للفتيات مقابل ممارسة الجنس.
ومع أنَّ سن التراضي في اليابان عملياً وفق واشنطن بوست هو 13 عاماً، فإنَّ القوانين في معظم الأماكن داخل اليابان تصل إلى 18 عاماً.
أحد الأشخاص الذين يحاولون فعل شيءٍ حيال هذه التجارة هي جون تاشيبانا، من مؤسسة بوند بروجكت غير الربحية، التي تحاول إنقاذ الفتيات من الشارع ومنعهن من الوقوع في هذه التجارة.
قالت تاشيبانا: "هناك فتياتٌ في مواقف صعبة، ربما تعود أصولهن إلى أسرةٍ فقيرة، أو ربما يكنَّ قد تعرضن للإيذاء الجنسي في البيت، ويجدن صعوبةً في العيش. ويقول البعض إنَّهن وحيدات إلى حد رغبتهن في الموت أو الاختفاء. وعادةً لا يكون لهؤلاء الفتيات مكان يقمن فيه، لذا فإنهن يلجأن لهذه التجارة".
وبدأت ميو، وهي فتاة في الـ17 من عمرها في سنتها الثانية في مدرسةٍ ثانوية بطوكيو، هذا العمل العام الماضي، عندما مارست الجنس مع رجل في غرفة لأغاني الكاريوكي مقابل 30 دولاراً.
وقالت ميو، التي طلبت الإشارة إليها بالاسم الذي تعمل به فحسب: "عندما أعود إلى المنزل ليلاً أشعر بالوحدة، وأريد أن أشعر باحتياج شخصٍ ما لي. حينها أقوم بهذا الأمر".
والآن وفق واشنطن بوست تضع ميو منشوراتٍ على تطبيق للرسائل في العطلات الأسبوعية، عندما لا يكون لديها تدريبٌ على الرقص أو الموسيقى، وهناك تجد جمهوراً متعطشاً من طلاب الجامعة، ورجالاً في العقد السادس من أعمارهم، وهو نفس عمر أبيها.
وذات مرة خنقها أحد الرجال أثناء ممارسة الجنس. وقالت إنَّ رجلاً آخر "لم يتوقف عندما طلبت منه ذلك". لكنّها قالت إنَّ الرجال عموماً يعاملونها بشكلٍ حسن.
وقالت ميو أثناء تناول الغداء، وقد وضعت زينتها وارتدت سترةً كبيرة مثل سائر المراهقات: "أشعر بالقبول وبالحاجة إليَّ، ولولا ذلك لما شعرتُ بهذه المشاعر". وتحدثت عن حياتها بالمنزل، وأنَّ والديها يكرهان بعضهما البعض وهي تكرههما. وقالت: "أتمنى التوقف. قد أكون قادرة على التوقف لو لم أعد أشعر بالوحدة".
ويقول المدافعون عن الفتيات إنَّ هذه الممارسة لا تختلف في شيء عن دعارة الأطفال.
وقالت يومينو نيتو (27 عاماً) التي تدير منظمة كولابو، وهي جماعة دعم تساعد الفتيات المستغَلَّات في هذه التجارة: "بعض الفتيات يخبرنني أنَّ الأمر بمثل سهولة العمل في حانة لأغاني الكاريوكي، أو مطعم للأكل السريع، لكنَّ هذا ليس صحيحاً. فهؤلاء الفتيات يقنعهن بالغون، يعاملونهن بلطفٍ في البداية، بأنَّ هذا الأمر نوعٌ من العمل لإغرائهن بالدخول في تلك التجارة".
ساعدت مجموعة نيتو فتياتٍ اغتُصبنَ أو تعرَّضن للاعتداء، وفتياتٍ مصاباتٍ بصعوباتٍ عقلية أو صعوباتٍ في التعلم أُقنِعن بممارسة تلك الأعمال المنحطة لأنَّهن ظنن أنَّ هذه الأعمال سوف تجعلهن يشعرن بقيمتهن. وينتشر الاكتئاب وعدم الاستقرار العقلي بين هؤلاء الفتيات.