"لن نستطيع استخدام هذا المطار لأسباب كتير، وأرجو أن تعفوني إني أقول ليه".. هكذا تحدث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن مطار النزهة، قبل عدة أيام أثناء مشاركته بالمؤتمر الدوري الثالث للشباب بالإسماعيلية، الأمر الذى أثار الكثير من الجدل بشأن ما يعتذر الرئيس عن ذكره.
الإعلام يتهم الانفلات الأمني وجماعة الإخوان
قبل ساعات أعاد المذيع المصري أحمد موسى في برنامجه "على مسئوليتي" على إحدى الفضائيات المصرية، الحديث مرة أخرى معلناً اكتشافه الأسباب التي رفض "السيسي" ذكرها. "إنه قبل تشغيله ذهبت لجان من الرقابة الإدارية والأمن الوطني والقوات المسلحة وكل مؤسسات البلد ورفعوا تقارير للسيد الرئيس".
وأوضح "موسى" أن السر يكمن فى أنه بعد الانفلات الأمني الذي حدث بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، أنشأ بعض الناس عدداً من المساكن حول المطار وأصبح المطار في وسط المساكن.
وطالب بمحاسبة المسئولين عن تطوير المطار الذي تكلف 350 مليون جنيه ( 19 مليون دولار) عن إهدار تلك الأموال، موجهاً التهمة لحكومة جماعة الإخوان.
التطوير في عهد المجلس العسكري
"في عهد حكومة التنظيم".. هكذا اتهم أحمد موسى جماعة الإخوان المسلمين بأنها السبب في إهدار المال العام الذي أنفق على تطوير مطار النزهة دون دراسة صحيحة.
الصحيح هو أن المطار تم إغلاقه للتطوير فترة حكومة الدكتور كمال الجنزوري في حكم المجلس العسكري، في ديسمبر/كانون الأول 2011.
ووفقاً لبيان أصدرته وكالة أنباء الشرق الأوسط وكالة الأنباء الرسمية للدولة فإنه "تقرر إغلاق مطار النزهة بالإسكندرية اعتباراً من أول يناير القادم لبدء أعمال التطوير الشاملة بالمطار لرفع كفاءة الممرات ومبنى الركاب وذلك ضمن خطة الشركة المصرية للمطارات بتطوير المطارات".
وتقرر نقل الحركة الجوية القادمة للإسكندرية إلى مطار برج العرب والذى يضم أحدث الإمكانات لخدمة الركاب وذلك لحين الانتهاء من أعمال التطوير، وفقاً لموقع "الوفد".
وزير الطيران: هناك سبب "وجيه" لا يمكن ذكره
ظهر الثلاثاء الأول من شهر مايو/أيار الحالي، كان شريف فتحي وزير الطيران المدني يدخل مبنى نقابة الصحفيين بوسط القاهرة، ليشارك في ندوة مفتوحة عن أحوال الطيران في مصر. هناك قال الوزير أنه يعلم مدى الحاجة لتشغيل هذا المطار، ولكن في حالة وجود سبب وجيه لوقف العمل به، فالأفضل هو الانسحاب، وكرر الوزير تعبير الرئيس السيسي: مش هنقدر نشغله بهذا الشكل، واعفوني من ذكر الأسباب.
لكن فى أغسطس/آب من العام الماضي تحدث الوزير في مناسبة أخرى بصورة مختلفة.
كان الرأي العام ينتظر موعد افتتاح المطار بعد تجديده، وتأجل الموعد أكثر من مرة. هذه المرة قدم الوزير موعداً جديداً، وقال إن مطار النزهة فقد أحد ممراته بسبب تجاوزات البناء فى حرم المطار بعد ثورة يناير 2011، وما تبعها من انفلات وهدم تطبيق القوانين التي تحمي المطارات وتحظر الارتفاع حولها. "المفروض أن المطار جاهز للافتتاح نوفمبر القادم بعد التطوير، لكن ذلك لا يمنع أننا بصدد إعادة دراسة جدوى تشغيل المطار كاستثمار طويل الأجل".
وأوضح الوزير أن الاستثمارات المجدية من وجهة نظره هي تحويله لمنطقة تجارية، قائلاً "ربما كان من الأجدى النظر في الاستثمارات المجدية للمطار كتحويله لمنطقة تجارية بعد أن فقد بعض ميزاته لجذب حركة النقل الجوي".
هذه الجهات مسؤولة عن "السلامة" في المطار
اعترض يسري عبد الوهاب رئيس الاتحاد المصري للنقل الجوي تحت التأسيس، على كلام وزير الطيران بأن الأجدى تحويل المطار لمنطقة تجارية قائلاً "إن الاستثمار في المطارات أكبر من أي اسثمار آخر، معتبراً أن قوة الدولة وقوة استثمارها يقاس وفقاً لما تملكه من عدد المطارات"، واصفاً المطارات بأنها بوابة مصر للاستثمار.
وقال عبد الوهاب لـ"عربي بوست" إنه يمكن تحويله لمطار خاص لرجال الأعمال إذا كنا نبحث عن استثمار، فهذا يدر عائداً على الدولة أما الحديث عن منطقة تجارية فهي تعود بالمنفعة فقط على المستثمر. "التفكير في إغلاق مطار ليس بالأمر السهل، ولكن يحتاج أولاً لخبراء يدرسون البدائل والاقتراحات من أجل توفير ملايين أنفقت والحفاظ على ملايين قادمة".
وطالب "عبدالوهاب" بالكشف عن الجهات التي سمحت بتطوير المطار قبل دراسة مدى صلاحية المكان، مؤكداً أن هناك عدداً من الجهات التي تسمح وتحدد صلاحية المكان مثل الملاحة البحرية والداخلية والجهات الأمنية، التي تحدد المسافات المسموح بها لبعد المطار عن المناطق السكنية والارتفاعات المحيطة كاحتياط أمني ضد إطلاق صواريخ مثلاً.
وقال رئيس الاتحاد المصري للنقل الجوي إنه "في حالة موافقتهم قبل التطوير وإنفاق الملايين فلابد من تحمل خسائر الإغلاق، أما في حالة عدم معرفتهم بالأمر فيجب محاسبة المسئول عن إهدار ملايين من أموال الدولة".
"الأسباب الفنية" موجودة منذ عهد مبارك
الاعتراضات الفنية التي تحدث عنها الإعلام المصري أمس كانت موجودة أثناء تشغيل المطار، وكان أحد الممرات مغلقاً من الأصل. مفاجأة ألقى بها المدير السابق للمطار، اللواء مجدي سلامة.
"الممر مغلق منذ عدة سنوات، إبان عهد الرئيس الأسبق مبارك؛ بسبب مسؤول كبير بالقوات البحرية، عندما بنى عمارتين بارتفاع كبير بمنطقة سموحة، والمدرسة الأميركية المجاورة للمطار، زودت ارتفاع المدرسة، وحررت آنذاك محضراً ضدها".
في ذلك الوقت كان المطار يعمل بطاقة تزيد عن طاقته الفعلية، واستقبل نحو مليون و800 ألف راكب في عامه الأخير.
ولم يترك المدير السابق لمطار النزهة الدولي مجالاً للاجتهاد، وهو يؤكد أن هناك مفاوضات تتم الآن بين مجموعة طلعت مصطفى العقارية المعروفة، بشراكة شركة إماراتية وأخرى سعودية لشراء أرض مطار النزهة.
الرئيس عبد الفتاح السيسي زار المطار منذ عامين، عقب النوات المتتالية في فصل الشتاء، وخصص مليوني جنيه لإزالة مياه الأمطار من المطار، وحمَّل قائد المنطقة الشمالية العسكرية المسؤولية، وبعد مضي عشرة أيام قدمنا مذكرة بأن المياه ما زالت موجودة فخصص الرئيس مليوني جنيه أخرى، وفقاً للواء سلامة.
والأمن يستطيع إزالة المخالفات
قال مصدر فني داخل مطار القاهرة الدولي، فضل عدم ذكر اسمه، إن حساب المسافة الآمنة للسكن من المطارات تحتاج معادلات وعمليات حسابية معقدة لبعد كل مبنى من الممر والارتفاع المسموح به، موضحاً أنه يتم تشكيل لجنة خاصة لدراسة ذلك الأمر ومن الممكن أن تستعين بالأمن لإزالة العقارات المخالفة.
وعن السبب الذي تحدث عنه الإعلامي أحمد موسى قال إنه قد يكون أحد الأسباب ولكنه لا يعرف السبب الحقيقي، ومزح قائلاً "إذا كان الرئيس قال مش هيقول عايزين أنا أقول".