خسر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) السيطرة على مدينة الطبقة في الريف الغربي لمحافظة الرقة، الواقعة في شمال سوريا، وتعد هذه المدينة ذات أهمية لقوات "سوريا الديمقراطية" المدعومة من أميركا والتي طردت التنظيم منها، أمس الخميس 11 مايو/أيار 2017، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
وتكمن أهمية الطبقة في أنها تفتح الطريق أمام قوات "سوريا الديمقراطية" التي تضم مقاتلين كرداً وعرباً على التقدم نحو مدينة الرقة "عاصمة داعش" ومعقله الأبرز في سوريا.
وجاءت هذه السيطرة على الطبقة بعد مواجهة طويلة مع مقاتلي "داعش" الذين حاولوا الحفاظ على المدينة لكونها تمثل خط الدفاع الأول لهم لحماية مدينة الرقة.
وقال مسؤولان في وزارة الدفاع الأميركية لموقع "بازفيد" الأميركي إن انهيار سيطرة "داعش" على مدينة الطبقة وعن سد الفرات الواقع بها، جاء نتيجة مفاوضات اتفاق جرت بين قوات "سوريا الديمقراطية"، وعناصر من "داعش".
ونقل الموقع عن مسؤول ثالث قوله إن "انسحاب ما يقرُب من 70 من عناصر داعش كان انسحاباً غير مشروط"، وأوضح أنهم وافقوا على إزالة المتفجرات من حول السد، وتركوا أسلحتهم الثقيلة خلفهم.
مفاوضات مع داعش
وبيَّن المسؤولون الأميركيون أن مفاوضات الانسحاب، كانت قد بدأت منذ أسبوع ثم توقفت، وعادت لتُستَأنَف في وقتٍ سابق من الأسبوع الجاري، لتنهي بذلك شهرين من الاقتتال على المدينة والسد، ولتزيل كافة المخاوف من انهيار السد، الأمر الذي كان ليتسبَّب في كارثةٍ إنسانية في المنطقة.
ويشير موقع "بازفيد" إلى أن رغبة "داعش" في التفاوض من أجل التخلي عن المدينة، التي كانت يوماً جزءاً من خلافتها، أثارت تساؤلات حول ما ينذر به ذلك لمعركة الرقة، فهل سيحارب "داعش" حتى الرمق الأخير من أجل المدينة كما ادعى التنظيم؟ أم سيقاوم إلى حدٍّ معيَّنٍ، وينسحب حين يجد نفسه قاب قوسين أو أدنى من هزيمةٍ كاملة، ليوفر بعضاً من الموارد لاحتياجاتٍ أخرى؟
تقول المحلِّلة السورية في معهد واشنطن لدراسات الحرب، جيني كافريلا: "ينوي داعش أن يخسر الأراضي عمداً بالشكل الذي يجعله يكسب تسامح الناس معه مع الوقت. إن سقوط الرقة لا يعني انهيار داعش، خصوصاً إن هي تخلت عن المدينة حفاظاً على قوتها".
ويبقى ما الذي سيفعله التنظيم عند اندلاع معركة الرقة محل خلاف داخل الجيش الأميركي، ووفقاً لموقع "بازفيد" يتوقع بعض المسؤولين أن "داعش" سيقاتل دفاعاً عن الرقة إلى مرحلةٍ معينة، ثم، وعلى مشارف الهزيمة الحتمية، سيتفاوضون.
فيما يتوقَّع البعض أنها ستكون معركةَ تطهيرٍ تطرق كل بابٍ في المدينة وقد تمتد لعدة أشهر، على غرار معركة الموصل التي ظن العسكريون أنها قد تستغرق وقتاً طويلاً، إلا أنها امتدت لأشهر.
وتُعد مدينة الموصل أكبر بخمس أضعاف تقريباً من مدينة الرقة، لكن أحدث بيانات المسؤولين العسكريين الأميركيين تُقدِّر أن كلا المدينتين تحوي نفس العدد تقريباً من عناصر التنظيم، أي حوالي 4 آلاف مقاتل.
وقال مسؤولٌ في وزارة الدفاع الأميركية إنه في إطار الاستعداد للمعركة في الرقة، "قضى داعش شهوراً في بناء حزام ناسف حول المدينة، بالإضافة إلى أنه هجَّر أغلب قيادات المدينة وكبرائها مع عائلاتهم، ونقلهم إلى مدنٍ أخرى واقعة تحت سيطرته على امتداد وادي الفرات، كمدينة دير الزور السورية، ومدينتيّ القيم وأبو كمال العراقيتين".
تسليح القوات الكردية
ومنذ بدء عملية "غضب الفرات" لطرد مقاتلي "داعش" من الرقة، تمكنت قوات "سوريا الديمقراطية" من التقدم وقطع طرق إمداد رئيسية لمقاتلي التنظيم إلى المدينة. وتتواجد حالياً في أقرب نقطة لها على بعد ثمانية كيلومترات شمال شرق الرقة.
وقال نائب القائد العام لقوات "سوريا الديمقراطية" قهرمان حسن إن "الحملات العسكرية سوف تستمر حتى تتحرر جميع القرى والنواحي والبلدات المرتبطة في محافظة الرقة"، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وتحظى عمليات قوات "سوريا الديمقراطية" بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وبري عبر نشر مستشارين أميركيين على الأرض.
وأتت السيطرة على الطبقة غداة إعلان واشنطن للمرة الأولى عن خطة لتسليح قوات وحدات "حماية الشعب" الكردية، المكون الرئيسي لقوات "سوريا الديمقراطية". الأمر الذي أثار غضب أنقرة التي تصنف تلك الوحدات بـ"الإرهابية".
وأكد حسن في هذا الشأن: "في بداية تحرير الرقة أو الدخول إلى المدينة، سوف نتلقى مثل ما وعدونا (الأميركيون) الدعم بالأسلحة النوعية أو المدرعات". وأضاف "لم يصلنا (الدعم) حتى الآن. أعتقد أنه سيصل خلال الفترة القريبة".