كنت جالساً أُحدق في الشاشة طوال الساعة الماضية في محاولة للتفكير في مقدمة مثالية. مقدمة ظريفة، ولكن أيضاً جذابة ومحفزة للفكر. كنت أريد الكتابة عن هذا منذ فترة طويلة؛ ولكن الاستخدام المتكرر لزر المسح على الحاسب أعاقني. حسناً، هذا بالإضافة للقلق.
أتصور أن هذه هي الطريقة التي شعر بها ميرفي لي عندما كتب الكلاسيكية الخالدة "Wat Da Hook Gon' Be". كان مورفي لي مبتكراً لم يلتزم بالبنية التقليدية لكتابة الأغاني. لم يكن بحاجة إلى تكرار نغمته وأعتقد أنني لست بحاجة إلى مقدمة تقليدية لهذه المقالة. بل وحتى الآن، فأنا ببساطة أكتب الكلمات حتى أتخلص من القراء الهوائيين الذين يرفضون قراءة المقالات التي لا "تجذب انتباههم على الفور". لذا، إذا كنت قد وصلت حتى هنا، أعط لنفسك فرصة. الأفضل لم يأت بعد.
على مدى ما أتذكر لطالما عرفت عن نفسي دائماً ثلاثة أشياء. لطالما عرفت أنني أسود. لطالما عرفت أنني أكره الخضراوات. ولطالما عرفت دائماً أن أذني كانت كبيرة وواسعة. بكبيرة وواسعة أعني مثل سيارة 99 Chevy suburban والأبواب مفتوحة. لا بأس، يمكنك الضحك. كان هذا قبل فترة طويلة من كون الآذان الكبيرة ظريفة. كان باراك أوباما ينشر كتابه الأول، وكان ويل سميث ممثلاً غير معروف نسبياً.
في البداية لم يكن لدي أي مخاوف بخصوص أذني. كانت كبيرة وواسعة؛ حقيقي تماماً. ولكن كذلك كان قبولي لأمور لم أستطع التحكم بها. وبعد كل شيء، فقد أكدت لي والدتي أن رأسي سوف ينمو لحجم يتناسب مع أذني في نهاية المطاف. لذا لم يكن هناك شيء أتضايق بشأنه. لكنني علمت سريعاً أن قبول الأشياء التي لا نستطيع التحكم بها فضيلة لا يطمح الجميع في حيازتها.
أتذكر كيف كنت متحمساً ليومي الأول في روضة الأطفال. كان على والدتي أن تعمل في وقت مبكر في ذلك الصباح، ولم تستطع اصطحابي أنا وإخوتي. وبما إننا كنّا نعيش على مسافة ميل أو نحو ذلك فقط من المدرسة لم تكن هناك حافلة يمكننا استقلالها. لذا اصطحبنا عمي إلى هناك سيراً. وأصر على أن نمسك جميعاً أيدي بعضنا البعض. استخلصت يدي من قبضته المُحكمة حول يدي ومحوت العرق على سروالي مباشرة قبل أن نصل إلى رصيف المدرسة. لم أكن أريد أن يراني أحد أُصطحب إلى المدرسة مثل بعض الأطفال الذين لم يبعدوا عن أمهاتهم أبداً. ولت تلك الأيام منذ فترة طويلة. أنا طفل كبير الآن.
من هناك كنت وحدي. سرت بثقة وسط قاعات الدراسة رافعاً رأسي عالياً للعثور على فصلي. كان اسم معلمتي هو السيدة هولي. أتذكر شعرها الأحمر ينسدل ويميل ذهاباً وإياباً مثل البندول حين انحنت لتُحيني. خطوت سريعاً للداخل وأمسكت مقعدي. كان هناك حوالي 15 طالباً آخرين في صفي. وكنت حريصاً على تحية كل منهم.
وبينما كنا نعمل في مجموعة، سألني أحد زملائي "دامبو، هل ستطير إلى الغداء؟" سمعت بعض الضحكات الخافتة. كان قلبي وأقلام التلوين في يدي تتسارع. غير متأكد من كيفية الرد، جلست فقط في صمت واستمررت في الرسم. وأعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يبدأ فيها اضطرابي. كانت هذه هي المرة الأولى التي يجعلني فيها شخص ما أشعر بعدم الارتياح في جسدي. لكنها لن تكون الأخيرة.
كانت الإغاظة والنكات تحدث بشكل متقطع طوال المدرسة الابتدائية، ولكن مستمرة بما يكفي لتذكيري بأن رأسي لم ينم لحجم يناسب أذني حتى الآن. على الرغم من هذا، تمكنت من تكوين دائرة من الأصدقاء. حتى أنهم سوف يقومون ليدافعوا عني في بعض الأحيان. كنت دائماً مقدراً ذلك. توقعت أن تلك المضايقات كانت مجرد حدث عارض وستنتهي تدريجياً بمرور الوقت.
نذهب سريعاً إلى الأمام، لليوم الأول لي في الصف السادس. كان الاضطراب يتملكني أكثر من الحماسة. إذ أمضيت الليلة السابقة أستعرض السيناريوهات في ذهني. أتوقع من قد يقول ماذا وكيف يمكنني الرد. عندما مشيت بين القاعات، لم يكن لدي نفس الثقة التي خبرتها ذات مرة. لم أرفع رأسي عالياً. وكان كتفاي متهدلين. ولم أكن حريصاً على مقابلة أي شخص، كنت مرعوباً.
سمعت همسات من الدعابات القوية من الطلاب الأكبر سناً، وكنت أعد نفسي لهذا.
اعتدت على جعل نفسي صغيراً. تجنبت المجموعات الكبيرة. نادراً ما بدأت حديثاً أو قمت بالنظر في أعين الآخرين. لم أكن أريد أن أُلاحَظ. كان هذا آلية للدفاع والنجاة على حد سواء. لم أكن أريد أن أشعر بعدم الارتياح بجسدي أكثر مما كنت عليه بالفعل. وضع في حسبانك أنني كنت أجتاز مرحلة البلوغ كذلك.
بدا أن تكتيكاتي نجحت لفترة من الوقت. حسناً، كان هذا حتى قرر شخص ما أن يشبهني بالدمية "ألمو دغدغني (Tickle me Elmo)". جذبتُ كل الضحكات الفريدة. لم أهن هكذا في حياتي. كانت الإهانات كثيرة ومكررة لدرجة أكبر من أن أذكرها في هذا المقال.
في نهاية الصف السابع بدأت النكات في الموت. سواء كان هذا بسبب دفاع الاصدقاء عني، أو لعدم وجود نكات جديدة، أو أن أخيراً نما رأسي لحجم مناسب لأذني. لم أهتم. كنت سعيداً فقط أن الأمر انتهى.
لكنه لم يكن قد انتهى بعد. ما لم أكن أعرفه هو أن الإساءة العاطفية والنفسية التي واجهتها في مراحل نموي سوف تؤثر عليّ في سنوات النضوج. وأنني سأقضي هذه السنوات في محاولة لاستعادة القطع الصغيرة التي أخذت مني. كان عليّ الآن أن أستعيد تقبلي الكبير والواسع للأشياء التي لا أستطيع التحكم بها. ويشمل هذا الآن عدم تقبل الآخرين لي. وكانت هذه العملية أكثر إيلاماً من تجربة التنمر في وقتها.
أترى؟ النكات لا تكون أبداً مجرد نكات.
فهي لا تشكل فقط كيف يرانا العالم ويتفاعل معنا؛ بل إنها أيضاً تشكل كيف نرى نحن ونتفاعل مع العالم. السعادة المؤقتة التي نشعر بها على حساب الآخرين، تتضاءل مقارنةً بالآثار طويلة الأمد للتنمر.
اليوم، لا أحمل أي ضغينة. بصراحة لا يمكنني أن أقول لكم من قال ماذا أو من ضحك على ماذا. وحتى لو تمكنت، الانتقام ليس شيئاً أسعى إليه غالباً.
لكن هناك أوقات أتخيل فيها كيف كانت ستزدهر شخصيتي بطريقة مختلفة إذا كان قد سُمح لها أن تنمو. في هذه الأيام عندما أمشي في غرفة مزدحمة لا يزال يعتريني بعض القلق. في الحقيقة، ربما سيحدث هذا دائماً. يجب علي أن أذكر نفسي أنني لم أعد أحتاج أن أجعل نفسي صغيراً.
هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأميركية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.