أسوأ مآسي اللاجئين.. تسريب يكشف تجاهل إيطاليا لمساعدة قارب يعج بمئات السوريين.. لماذا رفضت روما إنقاذهم؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/11 الساعة 08:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/11 الساعة 08:27 بتوقيت غرينتش

أظهرت مقاطع صوتية مسرّبة أن السلطات الإيطالية تعمّدت عام 2013 تجاهل قارب يعج بمئات اللاجئين قبالة سواحلها وتركه لمصير الغرق رغم علمها بأنه كان يمر بحالة الخطر.

ففي 10 أكتوبر/تشرين الثاني 2013 غادر قارب يحمل قرابة 480 شخصاً من زوارة في ليبيا متجهاً نحو جزيرة لامبيدوسا جنوب إيطاليا، غير أنه انقلب وغرق على بعد 61 ميلاً بحرياً (حوالي 113 كيلومتراً) جنوب الجزيرة، ما أودى بحياة 268 لاجئاً منهم 60 طفلاً، حسب تقرير لمجلة نيوزويك الأميركية.

أسوأ مآسي اللاجئين

واعتُبر هذا الحادث آنذاك، أسوأ مآسي أزمة اللاجئين إلى أوروبا، وفقاً لموقع "كلمتنا".

وكانت صحيفة "واشنطن بوست"، قد ذكرت في مساء 10 أكتوبر/تشرين الأول 2013، أن معظم ركاب القارب كانوا من السوريين الذين غادروا بلادهم إلى ليبيا، عندما اندلع الصراع في وطنهم في عام 2011، ثم أجبروا على الفرار من ليبيا، عندما اندلع القتال هناك أيضاً.

وبعد مضيّ 4 سنوات على الفاجعة، التي هزت قلوب الإنسانية، نشرت مجلة "إسبريسو" الإيطالية، يوم الإثنين الماضي، تسجيلاً صوتياً يكشف أن السلطات الإيطالية تركت السوريين يغرقون في مياه المتوسط، رغم تحذيرهم قبل عدة ساعات من تحطم سفينة اللاجئين.

وقد أبحر القارب حتى الساعة الخامسة من مساء اليوم التالي، عندما انقلبت على بعد 61 ميلًا بحريًا جنوب لامبيدوزا. وبينما تم إنقاذ بعض الركاب من قبل سفن إيطالية ومالطية، مات أغلب الركاب قبل وصول رجال الإنقاذ.

وتسبب الحادث في ضجة إعلامية ساهمت في إنشاء "مار نوستروم"، وهي عملية البحث والإنقاذ التي قامت بها البحرية الإيطالية الآن، والتي تم استبدالها في أواخر عام 2014 ببرنامج أصغر حجمًا، تحت إشراف الاتحاد الأوروبي يسمى "تريتون".

لكن حتى نشر التسجيل الصوتي، لم يكن الجمهور يعلم أن اللاجئين أخطروا السلطات الإيطالية بأنهم في حالة محنة، في وقت مبكر قبل 5 ساعات من غرق سفينتهم.

وعلى الرغم من أن سفينة اللاجئين قد اتصلت بحرس السواحل الإيطالي، وحذرت من أنها فقدت محركاتها، وأن الماء يتسرب إليها، وعلى متنها أطفال مصابون، فإن السلطات الإيطالية رفضت التدخل عدة لساعات.

ونشرت مجلة "إسبريسو" الإيطالية المقاطع الصوتية التي تسلمها مراسلها صحفي التحريات فابريسيو غاتي من مصادر في مالطا، كما نشرت المجلة أيضاً محادثات موثقة دارت بين أحد ركاب القارب واسمه مهند جمو وبين السلطات الإيطالية، حسب "النيوزويك".

رفضوا تقديم العون

وتكشف التسجيلات الصوتية أن خفر السواحل الإيطالية بلغ أن القارب يمر بوضع خطر حرج قبل حوالي 5 ساعات من انقلابه، إلا أن المسؤولين مع ذلك رفضوا مد يد العون وقالوا لجمو – الذي نجا من الغرق – إن على الركاب التوجّه إلى مالطا، لا إلى إيطاليا.

كما نقلت النيوزويك عن صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن رفض خفر السواحل تقديم العون جاء رغم وجود مركب إيطالي على بعد 20 ميلاً فقط (32 كم) من قارب اللاجئين، مقارنة بمركبة مالطية كانت على بعد 70 ميلاً (112 كم).

والمنطقة التي كان قارب اللاجئين يعبرها هي منطقة خاضعة لسيطرة مالطا حسب اتفاقية مع إيطاليا، إلا أن مالطا تبعد عن هناك 118 ميلاً بحرياً (219 كم) مقارنة بلامبيدوسا الإيطالية و61 ميلاً بحرياً (113 كم).

وأجرى جمو اتصاله الأول بالسلطات الإيطالية عند الساعة 12:39 ظهراً بالتوقيت المحلي، حيث سمع صوته في التسجيل يقول لخفر السواحل "إننا نموت" والمياه آخذة في التسرب إلى داخل القارب.

ثم جاء اتصاله الثاني من أصل 5 اتصالات في حوالي الساعة 1:17 ظهراً، يسمع فيه أحد رجال السلطات الإيطالية يقول له إن قاربهم أقرب إلى مالطا وإن عليهم الاتصال بالسلطات المالطية.

وفي الساعة 1:48 ظهراً اتصل جمو تارة أخرى بخفر السواحل الإيطالية قائلاً إنهم اتصلوا بالسلطات المالطية التي أخبرتهم بأن لامبيدوسا أقرب لهم.

ثم أجرت السلطات المالطية اتصالاً بنظيرتها الإيطالية عند الـ4:44 عصراً قائلة إنها ستتولى مهمة الإنقاذ، لكنها طلبت من إيطاليا أن تبادر إلى إرسال زورقها القريب لأنه سيكون أسرع بالوصول من مركب الإنقاذ المالطي، فما كان من الإيطاليين إلا أن رفضوا إرسال زورقهم بذريعة أنه يمثل "أداة مهمة لا غنى عنها في رصد الأهداف الجديدة" وأن ابتعاثه إلى نقطة الاستغاثة سيحمّل إيطاليا "مسؤولية نقل [اللاجئين الركاب] إلى أقرب ساحل".

بعد ذلك عند الـ5:07 عصراً وافقت إيطاليا أخيراً على إرسال قارب نجدة بعدما أخطرتها السلطات المالطية أن زورق اللاجئين انقلب، لكن في ذاك الوقت كان المئات بعداد الغرقى.

تقاعس أم تضارب

وسواء كانت الحادثة خطأً حقيقياً سببه تداخل وتضارب نطاق المسؤوليات أو كان تنصلاً فعلياً يتعمد البخل بالمساعدة، فإن التسجيلات تشير إلى تقاعس السلطات الإيطالية وتخاذلها عن التحرك بسرعة لحماية أرواح البشر، حسب مجلة نيوزويك.

منذ 2013 وآلاف اللاجئين والمهاجرين الأفارقة والسوريين وغير ذلك من الجنسيات يغرقون أثناء رحلة عبور المتوسط الخطرة من ليبيا أو تركيا باتجاه أوروبا. معظمهم استعان بخدمات المهربين الذين جنوا مكاسب مالية طائلة على حساب أولئك الذين على استعداد للمجازفة بحياتهم في سبيل الوصول إلى بر أوروبا.

ومع أن مساعي الإغاثة وجهود النجدة والإنقاذ قد تكاثفت منذ سنة 2013 خصوصاً في ذروة الأزمة عام 2015، إلا أن شبح الموت غرقاً ما زال ماثلاً يخيم على أجواء المتوسط ومن يحاولون عبوره، وفقاً لنيوزويك.

ففي عطلة الأسبوع الماضي قيل على لسان ناجين إن أكثر من 200 لاجئ يُخشى من أنهم قضوا غرقاً أثناء محاولتهم العبور من ليبيا، كما حذرت الأمم المتحدة من أن خطر الانقلاب والغرق قد زاد سوءاً عن ذي قبل نظراً لكثرة اللجوء لاستخدام قوارب مصنوعة من المطاط بدلاً من الخشب.

وقد نقلت وكالة رويترز للأنباء أن خفر السواحل الإيطالية والليبية أنقذا الأسبوع الماضي وحده قرابة 7500 شخص قبالة سواحل ليبيا؛ وفي عام 2016 وصل إيطاليا عبر البحر عددٌ قياسي من اللاجئين بلغ 181 ألفاً، لكن إيطاليا تقول إن الأعداد هذا العام زادت 30% حتى الآن، ما يضع إيطاليا في وضع الاستعداد لاستقبال رقم قياسي جديد هذا العام.
إنقاذهم روما؟

علامات:
تحميل المزيد