شهدت بعض الشوارع الرئيسية في العاصمة الاسكتلندية إدنبرة لافتات كبيرة تحمل علامة استفهام، وعبارة تقول "مدينة خالية من الإسلاموفوبيا". وتعد هذه الحملة الدعائية إحدى مراحل مشروع أقدمت عليه بلدية المدينة للحد من ظاهرة الخوف من الإسلام أو الإسلاموفوبيا.
وتقوم فكرة هذا المشروع على عدة مراحل بدأت من الإعلان الترويجي عن الحملة في الشوارع والأماكن العامة، ثم دعوة مؤسسات المجتمع المدني لتقديم مقترحات مشاريع لمكافحة الإسلاموفوبيا. وأخيراً أتيحت الفرصة للسكان المحليين للتصويت على هذه المشروعات، لتقوم البلدية والشرطة المحلية بتمويل هذه المشاريع مالياً.
وقد أسفرت عملية التصويت الإلكتروني عن فوز ثلاثة عشر مشروعاً، منها مشروع جلسات الشاي الذي قدمته جمعية أمينة الاسكتلندية لتشجيع اللقاءات بين المجتمعات المحلية، ومشروع اليوم الترفيهي للآباء والأطفال برعاية مسجد إدنبرة المركزي، وجمعية فاذرز لون الاسكتلندية.
من ناحيته يقول الضابط سكوت كنيدي بشرطة اسكتلندا، وأحد المشرفين على المشروع لعربي بوست، إن المشروع يحظى بإشراف مجموعة متعددة الأديان، تشمل المسلمين والسيخ والهندوس؛ نظراً لأن جرائم الكراهية تطال أتباع هذه الأديان أيضاً. مضيفاً أنهم فكروا في الإقدام على هذه الخطوة في أعقاب حادثة الاعتداء على صحيفة تشارلي إبدو الفرنسية قبل عامين. إذ سجلت الشرطة الاسكتلندية تزايداً في عدد البلاغات المقدمة من نساء مسلمات بسبب الاعتداءات عليهن على خلفيات جرائم الكراهية.
وأضاف كنيدي أنهم شعروا بأن الأمر يحتاج إلى فكرة مبتكرة لمكافحة هذه الظاهرة. ولهذا كان التفكير في تصميم برنامج دعم مالي لمواجهة هذا الأمر، فتم تصميم هذا المشروع الذي بدأ قبل أربعة أشهر، في يناير/كانون الثاني الماضي، ووصل الآن إلى مرحلة تنفيذ المشروعات الملحقة به، التي تم التصويت عليها موخراً.
كما أشار إلى أنهم فضَّلوا أن يكون قرار اختيار المشاريع الممولة بيد المجتمع المحلي لتشجيع الديمقراطية في اتخاذ القرار من ناحية، ومن ناحية أخرى لضمان انخراط المجتمعات المحلية من أديان وثقافات مختلفة في هذه الفكرة والتفاعل معها، ومع الأنشطة التي ستتمخض عنها.
كما صرَّح بأن المشروع يهدف لتشجيع ضحايا جرائم الإسلاموفوبيا وشهود مثل هذه الوقائع على الإبلاغ عنها وعدم السكوت عليها.
ويعقد لمجلس المحلي للمدينة والشرطة اجتماعات منتظمة ودورات تدريبية مع ممثلين للجالية المسلمة، من أجل مناقشة أفضل السبل لمكافحة الإسلاموفوبيا، وأيضاً نشر الوعي بالدين الإسلامي ودور المرأة المسلمة.
وسيتم تنظيم ورش عمل ترفيهية وتعليمية في عشر مدارس لمكافحة فكرة الكراهية، الذي تنظمه جمعية كفى اسكتلندا، ومشروع عرض فيلم أصوات سورية وإقامة جلسات نقاش حوله وحول خبرة العائلة اللاجئة في إدنبرة من تنظيم جمعية مرحباً. ومن المقرر أن تنطلق هذه المشاريع وغيرها في الفترة القادمة لتحقيق هدف الحملة الساعي لأن تكون إدنبرة عاصمة أوروبية خالية من الإسلاموفوبيا.
تعميم الفكرة
من جانبه رحَّب محمود نبوي مدير دار الرعاية الإسلامية في إدنبرة بهذه الخطوة، وقال في تصريحات لعربي بوست، إنها خطوة ممتازة، وتأتي في وقت حساس للغاية يمر به مسلمو بريطانيا وأوروبا.
وأشار إلى أن اسكتلندا بشكل عام تخفض فيها معدلات الإسلاموفوبيا مقارنة ببقية المدن البريطانية، لكنه شعر شخصياً ببدء تسرب هذه الاعتداءات إلى إدنبرة، في أعقاب حادث تشارلي إبدو في فرنسا. إذ تعرض لاعتداءات لفظية على باب المسجد، وتعرض مسلمون آخرون من رواد المكان لاعتداءات مشابهة. ويأمل نبوي أن يتم تعميم هذه الفكرة على بقية المدن البريطانية والأوروبية، لرفع الوعي بمثل هذا النوع من الاعتداءات.
وتقع اسكتلندا شمال بريطانيا، وتمثل ثلث مساحة أراضيها، كما تتمتع بدرجة استقلال إداري ومالي عن بريطانيا، ولديها برلمان محلي وحكومة محلية يسيطر عليها الحزب القومي الاسكتلندي، الساعي لانفصال البلاد بشكل كامل عن المملكة المتحدة. ويمثل المسلمون نحو 1 فاصل 5% من إجمالي عدد السكان في اسكتلندا. وأشارت دراسة صادرة عن جامعة إدنبرة مؤخراً إلى أن ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية أفضل من المسلمين في بقية أرجاء بريطانيا.