“ثلث سوريا”.. إليك الجائزة غير المتوقعة التي ينتظرها الأكراد من الأميركيين مقابل تحرير الرقة!

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/07 الساعة 11:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/07 الساعة 11:18 بتوقيت غرينتش

كشف الأكراد السوريون عن خططهم لإعادة رسم خريطة الجزء الشمالي من البلاد عن طريق ربط منطقة الإدارة الكردية في شمالي سوريا، والمعروفة بـ"روج آفا" بالبحر المتوسط، في خطوةٍ من شأنها أن تثير غضب تركيا المجاورة.

وفي إشارةٍ أخرى على تزايد الثقة الكردية في شمالي سوريا، قال مسؤولون إنَّهم يُخطِّطون للحصول على دعمٍ سياسي من الولايات المتحدة لإنشاء ممرٍ تجاري إلى البحر المتوسط كجزءٍ من صفقةٍ مقابل دورهم في تحرير الرقة والمدن الأخرى من قبضة تنظيم (داعش)، حسب تقرير لصحيفة الأوبزرفر البريطانية.

الفرات وإدلب

وأشارت شخصياتٌ بارزة إلى أنَّ قوات سوريا الديمقراطية، القوة التي تضم نحو 50 ألف مقاتل، وتهيمن عليها ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، والشريكة المهمة للولايات المتحدة في معركتها ضد داعش، تُجهِّز لاحتلال الرقة بعد استئصال داعش منها، وقبل أن تندفع بصورةٍ أعمق داخل الأراضي العربية، على طول وادي الفرات، وانتزاع مدينة دير الزور من التنظيم المُتطرِّف.

وفي تطورٍ آخر مُدهِش، كشف مسؤولٌ أنَّ قوات سوريا الديمقراطية في نهاية المطاف قد تندفع حتى باتجاه الغرب لتحرير مدينة إدلب، الواقعة على بعد 170 كم غربي الرقة، والتي يسيطر عليها حالياً تحالفٌ من الجهاديين الإسلاميين، من ضمنهم فرع تنظيم القاعدة السابق، جبهة النُّصرة، وفق ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.

البحر المتوسط

وقالت هدية يوسف، الرئيسة المشتركة للمجلس التأسيسي للفيدرالية الديمقراطية شمالي سوريا، التي توسَّعت من منطقة الإدارة الكردية في شمالي سوريا "روج آفا" لتضم أراضي عربية كبيرة، لصحيفة "الأوبزرفر" البريطانية: "إنَّ الوصول إلى البحر المتوسط ضمن مشروعنا في شمالي سوريا، وهو حقٌّ مشروع لنا"، حسب قولها.

وعند سؤال هدية عمَّا إذا كان ذلك يعني مطالبة الولايات المتحدة بتقديم دعمها السياسي لهم من أجل الحصول على طريقٍ تجاري يصل إلى البحر، بمجرد أن يساعدوها على استئصال داعش من شمالي سوريا، قالت: "بالطبع".

وأضافت هدية خلال حديثها في مدينة المالكية السورية، بالقرب من المنطقة التي استهدفت غاراتٌ تركية مؤخراً أهدافاً كردية فيها، ما أسفر عن مقتل 20 من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية: "إذا ما وصلنا إلى البحر المتوسط، سيحل ذلك الكثير من مشكلات السكان في شمالي سوريا، وسيستفيد الجميع"، على حد قولها.

ومن شأن فتح المنطقة أمام طرق التجارة الدولية أن يمنح قوة كبيرة للأكراد في شمالي سوريا، والتحايل على الحصار الحالي على منطقة روج آفا الناتِج عن إغلاق الحدود مع تركيا والتوتُّرات مع العراق.

غير أنَّ تلك الخطط ستثير غضب تركيا، التي تدخَّلت في سوريا بالفعل لمنع الأكراد من توسيع أراضيهم على طول كامل الحدود التركية.

الأميركيون يحمونهم

وكان الطيران التركي قد شنَّ الثلاثاء، 25 أبريل/نيسان 2017، غاراتٍ جوية على مواقع للقوات الكردية في شمال شرقي سوريا، وشمالي العراق، موقعاً عشرات القتلى في تصعيد دفع الأكراد إلى مطالبة التحالف الدولي الداعم لهم بالتدخل لوقف اعتداءات أنقرة.

وأعلنت تركيا أيضاً استهداف "مجموعة إرهابية" متحالفة مع حزب العمال الكردستاني في شمال غربي العراق، حيث قُتل ستة عناصر من قوات البشمركة الأكراد كانوا موجودين في المكان المستهدَف.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية آنذاك أن الولايات المتحدة "تشعر بقلق عميق" إزاء الضربات الجوية التركية التي استهدفت قوات كردية في العراق وسوريا، من دون تنسيق مناسب، سواء مع الولايات المتحدة أو التحالف الدولي الأوسع لهزيمة "داعش".

وبعد الغارات التركية الأخيرة، انتقل المئات من القوات الأميركية عبر روج آفا، وصولاً إلى الحدود التركية، في عرضٍ مثير للتضامن مع الأكراد، أثار بدوره توتُّراتٍ بين واشنطن وأنقرة.

وفي يوم الأربعاء، 3 مايو/أيار، أشار مساعدٌ بارز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إمكانية استهداف القوات الأميركية المتواجدة إلى جانب حلفائها الأكراد، وهو تحذيرٌ لم يُحدِث أي تغييرٍ في رؤية واشنطن للأكراد، باعتبارهم حليفاً لا غنى عنه في المعركة الوشيكة لتحرير معقل داعش في الرقة.

ماذا سيفعل الأسد؟

ويقع البحر المتوسط على بُعد 100 كم من أقصى نقطةٍ يسيطر عليها الأكراد، وستطلَّب الخطة اتفاقاً مع النظام السوري.

وعلى الرغم من توصُّل وحدات حماية الشعب الكردية والرئيس السوري بشار الأسد إلى اتفاقاتٍ سابقة بخصوص عددٍ من القضايا، مثل مطار القامشلي، الذي بقي تحت سيطرة الجيش السوري برغم وقوعه عميقاً داخل الأراضي الكردية، فإن من شأن أي اتفاقٍ أن يتطلَّب موافقة روسيا، الحليفة القوية للأسد، التي نشرت بدورها مؤخراً قواتٍ بريةً في أراضٍ يسيطر عليها الأكراد من أجل العمل مع وحدات حماية الشعب الكردية.

وسُلِّطت الأضواءُ على النفوذ الروسي في سوريا مرةً أخرى الجمعة، 5 مايو/أيار 2017، حينما كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مناطق حظرٍ للطيران أمام الجيش الروسي، والتركي، والإيراني، والأميركي، بهدف حماية المناطق الآمنة للمدنيين على الأرض.

ثلث سوريا

ومن شأن تحرير قوات سوريا الديمقراطية للرقة ودير الزور على طول نهر الفرات أن يُوسِّع رقعة الأراضي التي تسيطر عليها فيدرالية شمالي سوريا الكردية، لتصل إلى نحو ثلث مساحة البلاد، مقارنةً بـ16% كانت تحكمها الفيدرالية.

وقالت هدية إنَّه سيجري عقد استفتاءٍ لسُكان الرقة، لتقرير ما إذا كانوا يرغبون في تشكيل قوات سوريا الديمقراطية -التي تضم ميليشيات عربية ومسيحية آشورية- حكومةً بعد هزيمة داعش.

وقالت: "السكان في دير الزور والرقة يريدون وصول قوات سوريا الديمقراطية؛ في الحقيقة، تتكون قوات سوريا الديمقراطية من سُكانٍ من تلك المناطق".

وحسب الصحيفة، يبدو بالفعل أنَّ قوات سوريا الديمقراطية تستعد للإبقاء على سيطرتها على الرقة. وشهدت الأوبزرفر ضُبَّاط شرطة عرباً وأكراداً يجري تدريبهم في بلدة مبروكة السورية، تحديداً لتسيير دورياتٍ في الرقة بعد تحريرها.

وقالت مصادر أيضاً، إنَّ مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية كانوا بالفعل على بُعد 10 كم من دير الزور، التي ستُصبح أكبر معاقل داعش في سوريا، بعد طرد التنظيم من الرقة.

وفيما يتعلَّق بإدلب، التي تقع على بُعد 55 كم من البحر المتوسط، قالت هدية إنَّ أي هجومٍ سيكون "مُتوقِّفاً على الأحداث".

وأضافت: "إذا ما طهَّرنا كلَّ تلك المنطقة (شمال شرقي سوريا) من الإرهابيين، ربما نتَّجه بعد ذلك إلى الجانب الآخر لتطهير تلك المنطقة أيضاً. إذ تخضع إدلب لجبهة النُّصرة، التي تُوجد على لائحة التنظيمات الإرهابية".

من جانبه، قال مُتحدِّثٌ باسم الخارجية الأميركية إنَّ مستقبل سوريا يجب أن يُحدِّده السوريون أنفسهم، مُجدِّداً التأكيد على موقف واشنطن بعدم الاعتراف بـ"أية منطقة حكمٍ ذاتي أو حكمٍ شبه ذاتي مُعلنة من طرفٍ واحد".

أعداد الأكراد في سوريا

ولا يوجد إحصاء رسمي دولي يمكن من خلاله معرفة عدد الأكراد في العالم، أو في الدول التي يتوزعون فيها، وسوريا ليست اسثتناءً، لكن هناك بعض الأرقام من مصادر مختلفة تناولت أعدادهم بشكل تقديري.

فقد قدر أستاذ العلاقات الدولية المهتم بالشأن الكردي ميخائيل م جونتر (Michael M. Gunter) أعدادَهم في سوريا سنة 2004 بنحو مليون نسمة، وهي أرقام قريبة من دراسة بعنوان الجغرافيا البشرية للأكراد في سوريا، أعدَّها الباحثُ المتخصص في التاريخ الاجتماعي للجزيرة السورية والمسألة الكردية في سوريا مهند الكاطع، ونَشَرَها معهد العالم للدراسات حيث قدرت أعدادهم وفق إحصاءات سنة 2004 بنحو 952.390 نسمة من مجموع سكان سوريا، البالغ آنذاك 17920844 نسمة، وبذلك تكون نسبة الأكراد هي 5.31% كحدٍّ أقصى بالنسبة لإجمالي عدد السكان في سوريا.

وأشار الباحث إلى أن نتائج هذه الدراسة قد لا تتماهى مطلقاً مع ادِّعاءات بعض الأحزاب والقوى الكردية في سوريا، التي تُبالغ في موضوع نسبتها، في محاولة منها لإعادة استنساخ تجربة أكراد العراق، وطرح "الفيدرالية" على أُسس عرقية في سوريا، وهو مطلب يصطدم بواقع ديموغرافي وجغرافي مغاير للمزاعم التي ظهرت منذ بدء الثورة السورية، والمتعلقة بأعدادهم وتاريخهم في المنطقة، وأحقيتهم في مناطق هي في حقيقة الأمر لا تقتصر عليهم فقط، بل مشتركة مع مكونات أخرى.

ووفقاً للدراسة فإن نسبة من أكراد سوريا جاؤوا للبلاد جراء حملة كمال أتاتورك لقمع انتفاضات الأكراد في تركيا، حيث نزح الآلاف منهم نحو مناطق النفوذ الفرنسي في سوريا، وبخاصة المناطق الحدودية في الجزيرة- الحسكة لاحقاً.

وأصبحت سوريا بعد ثورة الشيخ سعيد سنة 1925م ملجأً للأكراد الفارِّين من القمع، كما يقول الزعيم الكردي عبد الرحمن قاسملو.

ويقدّر ديفيد مكدول أعداد الأكراد القبليين الذين عبروا الحدود في فترة تهدئة القبائل بين عامي 1925-1928م، هرباً من القوات المسلحة التركية، بنحو 25 ألف نسمة.

ويوثِّق ذلك العلامة محمد كرد علي، وزير المعارف السوري الذي زار المنطقة سنة 1931م، في رسالته التي أرسلها إلى رئيس الجمهورية السوري آنذاك، حيث ذكر المهاجرين من مختلف الإثنيات الذين "استوطنوا على الحدود وكانت جمهرتهم من الأكراد".

تحميل المزيد