رغم أن الجوامع والمساجد في مدينة هلسنكي (عاصمة فنلندا) ليست شحيحة، فإن هذه الدولة كبقية أوروبا، شهدت في السنوات الأخيرة ازدياداً في الأحزاب اليمينية، التي تتبع كلّها منهجاً واحداً لاجتذاب الناخبين، وهو تغذية مخاوفهم من الهجرة والمهاجرين.
وهذا ما حصل في هلسنكي، التي ينظر مجلس المدينة حالياً في مسألة منح الضوء الأخضر لمشروع إقامة مجمع ديني ومسجد كبير بها، بعدما أثار لغطاً سياسياً وجدلاً واسعاً، إثر الكشف عن أن مملكة البحرين هي التي ستتكفل بقيمة بنائه البالغة 151 مليون دولار، حسب تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية، الخميس 4 مايو/أيار 2017.
هذا المشروع الذي يحمل اسم مجمع "الواحة Oasis" الإسلامي، من المزمع إنشاؤه على مساحة 1800 متر مربع على الطراز المغربي الأندلسي، وسيكون -حسب وصف مخطَّط المشروع- مركزاً ثقافياً اجتماعياً مفتوحاً لكل سكان المدينة من المسلمين على اختلافهم وتنوعهم، فضلاً عن فتح أبوابه لغير المسلمين أيضاً.
وكان قادة الجالية المسلمة بالمدينة قد تقدموا أول مرة بمقترح ومخطط المشروع قبل عامين، لإنشاء مجمع مسجد إسلامي على موقع صناعي قديم بحجم يعادل ضعف حجم الكاتدرائية البروتستانتية اللوثرية بالمدينة، بيد أن هذا المخطَّط تحول إلى قضية ساخنة وسط انتخابات بلدية هلسنكي الشهر الماضي.
ثمة الكثير من الجوامع في هلسنكي، إلا أن جميعها –عدا واحداً- مبانٍ متهالكة قديمة كانت لها استخدامات أخرى فيما مضى، قبل أن يتم تحويلها إلى مساجد للمسلمين.
وعن العداوة التي قوبل بها المشروع، تتحدث وزيرة الداخلية الفنلندية المسؤولة عن سياسة البلاد المعادية للتطرف، تاريا مانكنن، قائلة: "إن الوزارة وجدت بمشروع المسجد جوانب إيجابية عديدة، وإن التحدي يكمن في أن تمويل المسجد سيكون من البحرين وربما من دول خليجية أخرى، حسب المخطط".
وتضيف الوزيرة لموقع ميدل إيست آي البريطاني: "إن دور اللاعبين الذين يمولون المسجد وأنشطته قد يشكل خطراً أمنياً إن أدى إلى خفض الشعور بالانتماء إلى المجتمع الفنلندي في أوساط الجالية المسلمة".
لكنّها أكدت أن أي رد فعل معادٍ للمسلمين من شأنه أن "يزيد من تغذية التطرف العنفي المدفوع دينياً".
أما مديرة مشروع بناء المسجد بيا جاردي، فكتبت بصفحة مدونتها الخاصة على الإنترنت: "التمويل صار محل جدل رغم أننا لم نباشر بناء أي شيء بعد".
وأضافت مديرة المشروع أن المؤسسة الفنلندية التي تتولى مقترح المشروع تعني أن جميع المخططات متوقفة على التنسيق الدقيق الصارم والإشراف.
وتابعت: "القوانين لا تشمل أي تعاليم تطرفية راديكالية ولا طرقاً للعمل، فالمخطط واضح في أن أنشطة المسجد ستخضع لإدارة المسلمين الفنلنديين وأن الأنشطة ستجري باللغة الفنلندية؛ فخطب الجمعة مثلاً لا بد من إجرائها بالعربية والفنلندية".
وكان عدد من المرشحين في الانتخابات البلدية التي جرت في أبريل/نيسان الماضي قد خاضوا في موضوع المقترح وناقشوه مع شخصيات سياسية وأخرى من الوسط العام الإعلامي من قبل.
وتوعّد محافظ المدينة الجديد، اليميني الوسطي يان فابافوري، في أثناء حملته، بأنه سيسعى بفاعلية لوقف إنشاء هذا المسجد.
وتضم هذه الدولة الأوروبية الشمالية (فنلندا) 80 مسجداً صغيراً يتعبّد فيها 60 ألف مسلم يعيشون وسط سكان البلاد البالغ عددهم أكثر من 5.5 مليون نسمة.