فيلم كلوز آب لمخرجه عباس كيارستمي، هو أكثر قصة واقعية في تاريخ السينما، كلوز آب عمل فني راقٍ جداً على درجة عالية من الإنسانية والواقعية.
بطلنا هو حسين سابزيان، شاب فقير يدفعه شغفه السينمائي لانتحال شخصية المخرج المشهور محسن مخملباف، لكن ليس بدافع سيئ أو بنية مبيتة، لم يرد حسين سابزيان سوى أن يحظى باهتمام السيدة المسنة التي كانت تحدثه في المواصلات، لكنه يقرر الانغماس في دور المخرج، ويعرض على السيدة أن يزورها بعد أن أخبرته بأن أبناءها معجبون بأعماله.
يزور سابزيان منزل السيدة، ويتعرف على أسرتها ويكمل لعب دور المخرج المشهور، ويخبرهم أنه بصدد مشروع سينمائي جديد، وأنه سيصور في منزلهم.
حسين سابزيان المسكين أعجبه أن تعامله العائلة باحترام، وأن يسمعوا ما يقول باهتمام، وأن يرى وجهة نظره على أرض الواقع، فلم يكن الناس مهتمين بفعل ما يقوله من قبل.
أراد سابزيان أن يبتعد عن الواقع، واقع أنه فقير وبلا عمل وغير قادر على إعالة أسرته ويعيش في مكان بائس.
ولكن أحلام سابزيان الوردية لم تستمر لوقت طويل؛ حيث تم اكتشاف أمره والقبض عليه، وتم نشر الخبر في الصحافة.
تثير القصة اهتمام مخرجنا عباس كيارستمي، الذي قرر زيارة سابزيان في محبسه، ويسأله عما إذا كان هناك شيء يستطيع عمله من أجله؟
"بإمكانك أن تصنع فيلماً عن معاناتي" يجيب حسين سابزيان.
يمضي عباس كيارستمي قدماً في هذا الاتجاه؛ حيث يحصل على التصاريح اللازمة لتصوير محاكمة حسين سابزيان، وقبل بدء المحاكمة يسأل كيارستمي الإذن من سابزيان لتصوير محاكمته.
"نعم لأنك كل جمهوري "يجيب سابزيان.
يستخدم كيارستمي عدسة كلوز آب لتصوير اعترافات سابزيان للمحكمة، التي يقر فيها بانتحاله شخصية المخرج محسن مخملباف، وذلك لولعه بالفن والسينما.
يشرح سابزيان للمحكمة ظروفه القاسية وحبه للسينما، ولفيلم الدراجة لمحسن مخملباف، حديث سابزيان يلمس القلوب ويحرك مشاعر الإنسانية داخلنا.
يقوم مخرجنا عباس كيارستمي بتحويل المحاكمة إلى فيلم بعد أن اتفق مع العائلة التي خدعها حسين سابزيان، في الفيلم يقوم الجميع بدوره، فكل شخص في العائلة يظهر بشخصه وبصفته، والصحفي صاحب السبق الصحفي في نشر الخبر يظهر أيضاً بشخصه في الفيلم؛ ليقدم لنا كيارستمي أكثر القصص السينمائية واقعية.
"كلوز آب" يكشف جوانب أخرى للسينما ومنظوراً آخر للحياة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.