يطلق باحثون بريطانيون، الثلاثاء 2 مايو/أيار 2017، مشروعاً يستغرق 3 سنوات لتصميم مساكن بمخيمات اللاجئين الواقعة بالمناطق ذات المناخات شديدة الحرارة أو قارصة البرودة، حيث تتراوح فيها درجات الحرارة بين 45 إلى -10 درجة مئوية، في محاولة لتقليل معاناة اللاجئين التي تفاقمت في السنوات الأخيرة.
ويهدف الفريق الدولي، الذي تترأسه جامعة باث ويضطلع بتصميم مشروع الإسكان الصحي للنازحين، إلى تحسين الظروف المعيشية للاجئين من خلال إقامة مساكن منخفضة التكلفة وسهلة التشييد، وفق تقريرٍ لصحيفة الغارديان البريطانية.
وسبق أن لجأت العديد من المحليات في ألمانيا إلى فكرة البيوت الخشبية كحل لأزمة سكن اللاجئين خلال عام 2016 بعد التدفق الكبير للاجئين خاصة السوريين للبلاد حيث قامت شركات متخصصة بتصنيع الهيكل الأساسي للبيوت بشكل سريع ونقله للأماكن المطلوبة.
وتتميز هذه المباني بسهولة تعديلها ونقلها من مكان لآخر، كما يمكن استخدام الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء لها الأمر الذي يوفر تكاليف استخدام الطاقة، وفقاً لتقرير لموقع دويتش فيليه الألماني.
كرامة اللاجئين
وحسب الغارديان فإنه في المشروع الجديد سوف تتحمل التصميمات العشرون التي يضعها هؤلاء الباحثون درجات الحرارة المفرطة وتكفل خصوصية وراحة وكرامة المقيمين بها.
وتعد تلك الأبحاث بمثابة أكبر دراسة عالمية في مجالات الظروف المناخية والاجتماعية ومدى نقاء الهواء في المخيمات التي تستوعب النازحين، بحسب تقرير الغارديان.
وتتعاون جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا بالأردن والجامعة الأردنية الألمانية وجامعة مرسين بتركيا في هذا المشروع. وسوف يتم أخذ آراء هؤلاء المقيمين بمخيمات اللاجئين وهيئات المعونة حول كيفية إمكانية تحسين الرعاية السكنية والاجتماعية.
وقد عمل جيسون هارت، كبير محاضري أنثروبولوجيا التنمية بجامعة باث، مع اللاجئين بالأردن والشرق الأوسط على مدار 20 عاماً.
وقال "شهدت التحديات اليومية التي يواجهها النازحون من أجل عيش حياة كريمة في ظل الظروف القاسية؛ ويمكن أن يحدث السكن اللائق فارقاً هائلاً. ومن ثم، أشعر برغبة شديدة في التعاون مع الزملاء العاملين في مجالات الهندسة المعمارية والمدنية في عملية تصميم المساكن بما يتفق مع آراء وطموحات اللاجئين أنفسهم".
مساكن غير صحية
ووجدت دراسة تجريبية أجراها الفريق البحثي مؤخراً أن تصميم مساكن اللاجئين قد يسبب لهم بعض المشكلات، بما يزيد من الأعباء التي تقع على عاتق المنظمات الإنسانية. ويمكن أن تتدهور صحة اللاجئين حينما تخفق تلك المساكن سيئة العزل في تحمل درجات الحرارة المفرطة، بينما يمكن أن يؤدي التصميم الذي لا يراعي الخصوصية والأمان إلى الإضرار براحة ورفاهية للاجئين.
وسوف يستخدم الباحثون مجموعات جديدة من المواد التقليدية وغير التقليدية لضمان الحفاظ على دفء المساكن شتاءً والمحافظة على برودتها خلال الصيف.
ومن بين التصميمات العشرين، سوف يتم بناء 6 تصميمات بالمملكة المتحدة لاختبار زمن التشييد واختبار الصمود الحراري داخل غرفة متغيرة المناخ بجامعة باث. ويتم نقل أفضل التصميمات إلى الأردن لاختبارها في ظل الظروف المحلية، بينما يقدم شاغلو تلك المساكن وهيئات المعونة آراءهم وردود أفعالهم تجاهها.
وكانت مخيمات اللاجئين تعد بمثابة حل قصير الأجل للهجرة الجماعية، ولكن بعضها استمر قائماً على مدار عقود من الزمن في العديد من أقاليم العالم. ويشهد العالم حالياً أعلى معدلات النزوح البشري في التاريخ، حيث تؤدي النزاعات على غرار النزاع في سوريا إلى إقامة جيل جديد من مخيمات اللاجئين.
وكان البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، قد شبه بعض مراكز إيواء اللاجئين في أوروبا بـ"معسكرات الاعتقال" التي أقامها النازيون، داعياً إلى استقبال المهاجرين بشكل أفضل.
مناخ متطرف
وذكر البروفيسور ديفيد كولي من جامعة باث قائلاً "ألهمتني المناخات شديدة الحرارة أو قارصة البرودة، التي يعيش بها النازحون في مخيمات اللاجئين إلى اقتراح تنفيذ هذا المشروع، الذي سوف يدفع أبحاثي إلى آفاق جديدة في مجال تصميم المباني منخفضة الطاقة".
وإلى جانب الأردن، سوف يتم إجراء البحوث في مخيمات لاجئين بثلاثة بلدان أخرى تم اختيارها لتوفير أوسع نطاق ممكن من الظروف المناخية والثقافية والاجتماعية والسياسية. ويدرس الفريق حالياً العمل في تايلاند وتركيا وتنزانيا. وسوف يتولى الفريق أيضاً إعداد كتيب لتوضيح مزايا كل من التصميمات وتوفير إرشادات حول توافق التصميم مع السياق المحيط وتقديم خطوط إرشادية حول عملية التشييد.
وقال البروفيسور عبد الله الزعبي، نائب رئيس جامعة الأميرة سمية "تمثل مشاركتنا بالمشروع جزءاً ضئيلاً من الجهود الأكبر التي تبذلها الأردن لاستضافة أطفال سوريا البائسين الذين يواجهون ظروفاً معيشية قاسية بالصحراء. ونأمل أن تخفف نتائج المشروع من معاناة اللاجئين وتؤدي إلى حصولهم على إقامة كريمة بالأردن قبل عودتهم بصورة نهائية إلى وطنهم".
وقد حصل المشروع على تمويل قدره 1.5 مليون جنيه إسترليني من مجلس بحوث العلوم الهندسية والفيزيقية.