الهجوم الحالي على شيخ الأزهر من غلمان الإعلام المصري = غوغائية علمية قبل أن تكون تطاولاً على مقام رفيع.
باختصار: لا يستطيع شيخ الأزهر تكفير "داعش"، لسببين:
أولاً : لأنه لا يوجد بالفعل في الإسلام كهنوت، فليس شيخ الأزهر هو المشرع بل هو مقيد بالنصوص الثابتة وإجماع الأمة، ولو خرج عليهما لصار أضحوكة لطلبة الإعدادي الأزهري قبل أن يضحك عليه أهل العلم في أنحاء الأرض؛ لأن شيخ الأزهر ليس هو الدين، بل هو مؤتمَن على بلاغه وتعليمه، فالدين متجاوز لشخص شيخ الأزهر وفوقه، تحاكم مواقفه وفقاً له على موازين العلم وليس وفقاً لعواطف أو أهواء، كما يكتسب شيخ الأزهر مكانته من مدى محافظته على الأمانة، ومدى التزامه بقوانين العلم في مواقفه، وتكفير داعش ليس عملاً علمياً ولا دينياً.
ثانياً : لأن تكفير هؤلاء الدواعش سيكون تكفيراً لارتكاب كبيرة هي القتل وسفك الدماء بلا حق -كما يحكى من أفعالهم- والتكفير لارتكاب الكبائر هو رأي الخوارج المستحلين لدماء أهل القبلة، ولو كفرنا أصحاب الكبائر لوجب تكفير شاربي الخمور والزناة والحرامية ومَن يعق والديه، وكثير من الناس، ولاستحل الناس دماء بعض، وعمت الفوضى، وهي الفتنة بعينها!
مذهب الصحابة واختيار أهل السنة: أن أصحاب الكبائر مسلمون فسقة، إن لم يستحلوا الكبائر وإلا كفروا، وإن لم يتوبوا منها وإلا ارتفع عنهم وصف الفسق! (والاستحلال معناه اعتقاد حل سفك الدماء المعصومة لا الخطأ ولا الإجرام ولا التطاول في سفكها).
ومذهبهم: أنه لا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه، والعبد لا يدخل الإيمان بفعل الجوارح بل بتصديق القلب وإذعانه.
إن غالب ما عانت منه الأمة من آراء أهل التطرف والتكفير في العقود الأخيرة لم يأتِ إلا من تبنّي هؤلاء لآراء الخوارج، وتكفير داعش سيجعل الأزهر من حيث الحقيقة داعشياً، فنكون وقعنا فيما هربنا منه!
أما تجديد الخطاب الديني فأولى خطواته أن يكف هؤلاء عن الحديث عن تجديد الخطاب الديني، وأن يحتفظوا بآرائهم (المهمة) لأنفسهم، وأن يتركوا العيش لخبازيه، والعلم لأهله، ونقترح على هؤلاء أن يقضوا أوقات فراغهم في حضور بعض مجالس العلم، فهذا أنفع لهم وللأمة!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.