من باب المساندة والعشرة والشراكة الحياتية في النفس والمال، تكبدت الدكتورة أم البندري (اسم غير حقيقي لخصوصيتها الإجتماعية) التي تعمل في إحدى الجامعات السعودية في الرياض، قروضاً مالية بقيمة 400 ألف ريال سعودي على مرحلتين، وذلك لشراء منزل وتوفير رأس مال لمشروع تجاري لزوجها ووالد طفلتها.
إلا أن الصدمة كانت أن هذا البيت ذهب لزوجته وأبنائها في دولة أخرى، وأوضحت أم البندري في حديثها لـ"عربي بوست" لقد "اكتشفت بعد مرور 3 سنوات من العشرة والتضحية وتقديم الغالي والنفيس في حياتي، أن زوجي كان متزوجاً بامرأة من جنسية أخرى، ولديه منها أبناء، وذلك قبل أن يرتبط بي تحت ضغط عائلته".
قرض بنصف مليون
وتقول أم البندري بحسرة وألم: "كان يخطط معي لامتلاك بيت رغيد، عوضاً عن العيش في الإجارات، وأقنعني أن أحصل على قرض بأربعمائة ألف، حتى يكمل هو الباقي ونشتري بيتاً ويفتتح بما تبقَّى مشروعاً صغيراً".
وما إن وصلت الأموال لحساب زوجها، بدأت تتغير تصرفاته وأفعاله، بعكس ما كان عليه. وتقول: "كلما ناقشته بموضوع المنزل كان يغير الموضوع ويؤجله بذريعة أن العقار مرتفع، ويبحث عن بيت بحي وسعر مناسبين، حتى مرَّ عام، ثم تبخَّرت كل أحلامي حينما قال لي إنه استخدم جميع الأموال في مشروعه، وإنه سيعوضني خيراً متى ما نجح المشروع".
الضعف وانعدام الثقة
حرم الله أم البندري من الإنجاب لمدة عامين، لذلك كانت تشعر بالضعف وانعدام الثقة، وتخشى أن يتخلى عنها زوجها، فسكتت وكظمت غيظها في ذلك الحين، إلى أن حملت وأنجبت ابنتها بعد ثلاث سنوات من الصبر.
وأوضحت: "لم تكتمل فرحتي بأول طفلة لي، حيث صدمتُ وأنا لم أتجاوز الأربعين يوماً على ولادة البندري بأن زوجي متزوج بأخرى ولديه ثلاثة أبناء منها، أكبرهم كان في السابعة من عمره".
بيتي ليس ملكي
وتقول: "علمت أن المنزل الذي كان من المفترض أن يكون ملكي كانت تنعم به أخرى، على حساب جهدي وتعبي وتضحياتي".
إلا أن أم البندري لم تلجأ للقضاء، حيث تذكرت ابنتها التي لا تريدها أن تكون ضحية دناءة زوجها وعدم وفائه، بحسب وصفها.
قائلة: "لا أريد لابنتي البندري أن تخجل من تصرف والدها، أو أن ينقص ذلك من حبها واحترامها له كما حدث معي، حيث إنني لم أستطع أن أكمل حياتي مع مخادع، ولذلك تجاوزت الأمر من أجل طفلتي، ولكن الله سيقتص منه عاجلاً غير أجل".
ووجهت أم البندري نصيحه للزوجات، بألا تُسلم كل ما تملك للزوج، مهما كانت تثق به.
حالات متعددة
إلا أن أم البندري لم تكن الحالة الوحيدة التي يتم بها استغلال الزوجة السعودية، سواء مالياً أو عن طريق تسجيل السيارات بأسمائهن، حيث طرح برنامج "معالي المواطن"، الذي يعرض على قناة mbc قصصاً متعددة لسيدات تكبَّدن مخالفات مرورية ضخمة، بالرغم من أنهن لا يقدن السيارة.
70 % قروضهن للزوج
وأوضح الأستاذ أحمد المحارب، مدير سابق للقروض في أحد البنوك السعودية، أن نسبة النساء اللاتي يتقدمن بطلب القروض لمساعدة الزوج تصل لـ70%، ومنها ما هو عن إدراك وموافقة تامة من الزوجه، والكثير عن طريق الإكراه والإجبار من قبل الزوج.
الإكراه والإجبار
ويقول المحارب: "هناك من السيدات من تحضر مع زوجها وتطلب القرض، ولكن تتواصل معنا في وقت لاحق، وتطلعنا أنها مجبرة، مما يدفعنا لرفض الطلب دون معرفة الزوج، إذ إننا نوضح أن سبب الرفض يعود لأسباب ائتمانية، وهناك من يأتي إلينا بأخته على أنها زوجته، محضراً أوراقها كاملة، ومن ثم نكتشف أن الأمر تم عن طريق التزوير والاحتيال".
البنك لا يحل أي نزاع بين زوجين، وعلى أي زوجة أن تلجأ للقضاء في حال تم التحايل عليها من قبل الزوج، مشدداً على ضرورة أخذ الحيطة والحذر من قبل النساء، وخصوصاً اللاتي تكون رواتبهن عالية، إذ تسمح لهن بأخذ قرض ضخم، مما قد يعرضهن لمشاكل عديدة بحشب المحارب.
من جهته أوضح الدكتور والمستشار القانوني حسام الحبردي لـ"عربي بوست"، أن العلاقة الزوجية هي علاقة تعاقدية، ولكنها تختلف عن أي علاقة تعاقدية أخرى، أي أنه لا توجد ضمانات كما في العلاقات التعاقدية التجارية وغيرها.
ويقول: "الزوجة والزوج يمنحان بعضهما ما يشاءان أثناء فترة الزواج، بالتراضي والقبول، بلا إكراه ولا تدليس".
كيف يحميها النظام
وعما إذا كان هناك نظام قانوني يحمي الزوجة المساندة لزوجها مالياً في السعودية، أوضح الحبردي قائلاً: "ليس هناك نص معين يكفل للزوج أو الزوجة حقوقهما مادياً بعد إنهاء الزواج، ولكن لكل مثال وضع معين. مثلاً: تستطيع المرأة التي تكبدت مخالفات مرورية باسم زوجها أن تقيم دعوى في لجنة النظر في المنازعات المرورية، أو حتى في القضاء العام، لتطالب الزوج بدفع المخالفات التي تكبدها هو، سواء كان متعمداً أم لا".
كما وجَّه الحبردي نصيحة للزوجات بمعرفة حقوقهن في النظام، وعن كيفية ذلك يقول: "من تقترض لتساعد زوجها في شراء بيت يجب أن تحصل على ضمان بتسجيل العقار أو نصفه باسمها، ومن تشتري لزوجها سيارة يجب أن تحصل على ضمان أن السيارة ملكها وأنه هو مستخدم لها فقط".
مشيراً أن المرأة التي تمنح زوجها وكالة شرعية، يجب أن تجعلها محددة في جزء معين ولا تكون عامة، على أن تتعامل مع الزوج وكأنه مدين وهي دائن، عندها لن يتلاعب، وإن تم التلاعب بعد إنهاء الزواج تطالب بحقها من خلال القضاء الشرعي، وأضعف الإيمان لحفظ الحق المالي هو الاحتفاظ بشهادة الشهود.