قررت المحكمة العليا في الهند، الأربعاء 19 أبريل/نيسان 2017، محاكمة 3 من كبار سياسيي الحزب الهندوسي القومي الحاكم، بينهم وزير بالحكومة، في إطار قضية هدم مسجد باربي بإيوديا قبل نحو 25 عاماً.
والمسؤولون الثلاثة متهمون بتحريض متعصبين من الهندوس في عام 1992 لتدمير مسجد في إيوديا يعود تاريخ بنائه إلى القرن السادس عشر؛ ما أشعل واحداً من أعنف النزاعات الدينية في الهند، سقط فيه آلاف القتلى. وتم هدم المسجد بعد حملة قادها حزب الشعب الهندي (باراتيا جاناتا) الحاكم الآن.
وقررت المحكمة العليا أن أوما بارتي، ولال كريشنا أدفاني، ومورلي مانوهار جوشي، وهم جميعاً مسؤولون كبار في حكومة ناريندرا مودي، يجب محاكمتهم بتهم تتعلق بالتآمر الجنائي، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الهندية "برس تراست أوف أنديا".
ويأتي الحكم بعدما أسقطت محكمة أقل درجة تهماً وجهها إليهم مكتب التحقيقات المركزي الهندي؛ ما أطلق سلسلة من الطعون والطعون المضادة.
ونقلت الوكالة الهندية عن قضاة المحكمة العليا: "قررنا قبول طعن مكتب التحقيقات المركزي ضد حكم محكمة الله آباد العليا في اتجاهات محددة".
ويعتقد كثير من الهندوس أن مسجد بابري بُني بعد هدم معبد وُلد فيه إلههم راما.
"مستعدة للموت" من أجل المعبد
يريد البعض في الحزب الحاكم، الذي فاز مؤخراً في الانتخابات بأوتار براديش كبرى ولايات الهند، بناء معبد لراما على أنقاض المسجد المدمر وهي فكرة تثير غضب الأقلية المسلمة الكبيرة في الولاية.
وصرحت بارتي، وزيرة الموارد المائية في الحكومة، بعد الحكم، بأنها "مستعدة للموت" من أجل قضية المعبد وستسافر إلى إيوديا الأربعاء.
وأضافت للصحفيين: "لم يكن هناك مؤامرة. كان كل شيء واضحاً وظاهراً للعيان".
وتابعت: "أنا واضحة تماماً بشأن نقطة واحدة: كنت فخورة دائماً بالمشاركة في حركة معبد رام"، مؤكدة: "أنا مستعدة لأن أُشنق ولأن أذهب إلى السجن من أجل ذلك".
ونفى أدفاني (89 عاماً)، باستمرار، وجود مؤامرة إجرامية لهدم المسجد.
كان أدفاني موجوداً في إيوديا يوم هدم المسجد الذي أثار أعمال شغب في البلاد قُتل فيها الآلاف. وكانت حملته لبناء المعبد من محاور حياته السياسية. لكن أدفاني قال لاحقاً في حوار مع محطة "بي بي سي"، إن الحادث آلمه "بشكل كبير" وما كان ينبغي أن يحدث.
وقالت وسائل إعلام هندية إن التهم قد تقوض فرص أدفاني (89 عاماً) في أن يصبح رئيس الهند المقبل حين يكون المنصب شاغراً في وقت لاحق من العام الجاري.
وأمرت المحكمة العليا بأن يتم إنهاء هذه القضية التي تأخرت مرات عدة منذ بدئها في 1993، خلال سنتين.
محاكمة مسؤول كبير
لكن خبراء عبروا عن مخاوفهم من أن يطول أمدها.
وقال محامي الادعاء اي بي سينغ، الذي استجوب أدفاني بشأن الاتهامات بهدم مسجد بابري: "هناك مئات الشهود في القضية، وعلينا الآن إعادة دراسة" إفاداتهم.
وأضاف: "أشك في أن تُستكمل القضية في حياة أدفاني".
ولم يصدر تعليق على الفور من الحزب الحاكم.
لكن تجمّع المعارضة أشار إلى أن الحزب الحاكم "استخدم كل الحيل الممكنة" لضمان أن المسؤولين الثلاثة لن يتم توجيه التهم إليهم.
وقررت المحكمة العليا أيضاً محاكمة مسؤول كبير رابع في الحزب الحاكم هو كايلان سينغ، الذي كان يشغل منصب حاكم ولاية أوتار برادش وقت الحادث، بتهمة التآمر الجنائي.
إلا أن محاكمته ستؤجَّل حتى تنتهي ولايته كحاكم لولاية راجاستان. وبصفته هذه يتمتع سينغ بالحصانة.
وتضم قائمة المُتهمين وزيرة الموارد المائية أوما بهارتي، وكاليان سينغ، الحاكم الحالي لولاية راجستان ورئيس الوزراء السابق لحكومة ولاية أوتار براديش وقت وقوع الهجوم، والذي سيخضع للمحاكمة بمجرد انتهاء ولايته.
وتحدَّث كلاهما في السابق بفخرٍ حول دورهما في هدم المسجد، وهي الحادثة التي أطلقت شرارة العنف ضد الهندوس في كلٍ من باكستان وبنغلاديش المجاورتين، وأدَّت كذلك إلى أسوأ اضطراباتٍ دينية شهدتها الهند منذ تقسيمها، وفق صحيفة الغارديان.
ونفت الوزيرة أوما بهارتي الأربعاء أن يكون المسجد قد هُدِّم كجزءٍ من مؤامرة، وقالت إنَّها ستزور أيوديا مساءً كي تُصلّي للإله راما.
ويقول مسلمو الهند إنَّهم كانوا يتعبَّدون في المسجد حتى عام 1949، حينما أعاد رجال دين هندوس نصب تماثيل لراما وإلهة هندوسية أخرى، الإلهة سيتا، في المكان. وأُوصِدَت بوابات المسجد على مدار أربعة عقود لتفادي التوتُّر الديني، لكنَّها فُتِحَت أمام المسلمين عام 1989، الأمر الذي بدأ شوطاً جديداً من نشاط القوميين الهندوس.
ويبقى مستقبل الموقع السابق للمسجد، حيث لا يزال مسجد بابري مُحالاً إلى أنقاضٍ بعد مرور 25 عاماً، واحداً من أكثر القضايا السياسية حساسيةً في الهند.
ويدعو برنامج حزب بهاراتيا جاناتا وفق الغارديان إلى إنشاء معبد راما في المنطقة، غير أنَّ الحكومات المتعاقِبة، بما في ذلك حكومة مودي، لم تُظهِر استعداداً كبيراً للمعركة السياسية التي سترافق عملية البناء.
وقضت محاكم الهند العقدين السابقين في محاولة تسوية النزاع، ووجدت عام 2010 أنَّ ثلثي مساحة الموقع، البالغة 2.7 فدان، يجب أن تُخصَّص للهندوس، في حين يُخصَّص الثلث الباقي للمسلمين، مستشهدةً في ذلك بمسحٍ أثري وجد دلائل على "هيكل ديني هندوسي ضخم" هناك.
وقد عارضت مجموعات المسلمين الهنود، إلى جانب القاضي المسلم الوحيد الذي كان مشاركاً في القضية عام 2010، نتائج هذا المسح الأثري.