اعتبر العديد من المراقبين أن العلاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي مرشحةٌ لمزيد من التوتر، بعد الفوز الصعب للرئيس رجب طيب أردوغان في استفتاء الأحد حول تعزيز صلاحياته الرئاسية.
وفور إعلان فوز مؤيدي تعزيز الصلاحيات الرئاسية في الاستفتاء مساء أمس الأحد، تطرق أردوغان الى احتمال تنظيم استفتاء حول إعادة العمل بعقوبة الإعدام في تركيا، الأمر الذي يعني على الفور استبعاد أي عضوية محتملة في الاتحاد الأوروبي.
وتابع أردوغان، الاثنين 17 أبريل/نيسان، في السياق التصعيدي نفسه عندما أعلن أن فكرة إجراء استفتاء حول مواصلة أو وقف المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، واردة.
وقالت إسراء أوزيوريك، المتخصصة بالشؤون التركية في مدرسة لندن الاقتصادية: "إذا كان أردوغان يعتقد أن خطابه المُعادي لأوروبا يمكن أن يكسبه مزيداً من الشعبية فسيواصل حملته".
ولم يحصل أردوغان على الدعم الكبير الذي كان يرغب فيه عبر الاستفتاء، إذ لم يوافق سوى 51.4% من المقترعين على التعديل الدستوري، وهي نسبة متواضعة.
وتوقع المحلل إبراهيم دوغوس الذي يتخذ من لندن مقراً أن أردوغان "قد يتشدد أيضاً في مواقفه بالنسبة لبعض المسائل مثل عقوبة الإعدام، بهدف حشد المؤيدين".
والمعروف أن القسم الأكبر من التعديلات التي أقرها استفتاء الأحد لن يبدأ تطبيقه إلا بعد الانتخابات الرئاسية عام 2019.
وهاجم أردوغان طوال حملته الانتخابية الدول الأوروبية بشدة وكرر اتهاماته لبعض قادتها باعتماد سياسة "نازية" ضد الأتراك، ما أثار ردود فعل مستهجنة ضده.
وقال المحلل مارك بييريني من مركز كارنيغي أوروبا: "من مصلحة السلطة في تركيا التحرك سريعاً لأن هامش المناورة أمامها يضيق. والهدف من إعادة العمل بعقوبة الإعدام مزدوج: كسر أي شكل من أشكال المعارضة الداخلية، وقيام الاتحاد الأوروبي بوقف التفاوض مع تركيا بشأن انضمامها".
تحذير
سارعت برلين وباريس الى تحذير تركيا من تداعيات إعادة العمل بعقوبة الإعدام، واعتبر وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل أن اتخاذ قرار من هذا النوع يعني "انتهاء الحلم الأوروبي" بالنسبة الى تركيا.
كما اعتبرت باريس أن إجراء استفتاء شعبي حول عقوبة الإعدام سيعتبر نوعاً من "القطيعة مع الالتزامات" التي اتخذتها أنقرة.
وتوقعت أماندا بوس، المحللة في مركز السياسة الأوروبية في بروكسل، أن العلاقات الصعبة أصلاً بين الاتحاد الأوروبي وتركيا "يمكن أن تصبح أكثر صعوبة".
وأضافت: "من الواضح أن قرابة 50% ممن اقترعوا لصالح (لا) يتوقعون من أوروبا ألا تقطع التزامها بتركيا".
وتابعت: "قد تكون عملية الانضمام قد ماتت منذ فترة، إلا أن إعلان إنهائها رسمياً ستكون له تداعيات هائلة".
وكان الاتحاد الأوروبي دعا، مساء الأحد، الى قيام "أوسع إجماع وطني ممكن" حول الإصلاحات الدستورية التي قد تعدل "في ضوء التزامات تركيا تجاه أوروبا".
وقالت أماندا بول: "إن قيام علاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي تكون مقصورة فقط على الاقتصاد والتجارة سيعني ضربة قاسية جداً للديمقراطيين الأتراك والذين يدعمون تحديث البلاد. وإذا واصل الاتحاد الأوروبي تجاهل الضربات التي توجه الى الديمقراطية في تركيا ماذا سيقال عن الاتحاد الأوروبي؟".
أما الأوروبيون الذين كانوا يتحفظون منذ البداية على انضمام محتمل لتركيا الى الاتحاد الأوروبي، فطالبوا بوقف مفاوضات الانضمام على غرار وزير الخارجية النمساوي سباستيان كورتز وزعيم الاشتراكيين في البرلمان الأوروبي جياني بتييلا.
وكان النواب الأوروبيون طالبوا منذ تشرين الثاني/نوفمبر بتجميد مفاوضات الانضمام مع تركيا. وقالت المقررة بشأن تركيا كاتي بيري من المجموعة الاشتراكية إنها تفضل ألا تتذكر من استفتاء الأحد "سوى ملايين الأتراك الذي نتشارك معهم القيم الأوروبية والذين اختاروا مستقبلاً مختلفاً لبلادهم".
وقال مارك بييريني: "في الحقيقة الأمل ضعيف بأن تعود تركيا الى أجواء سياسية واجتماعية هادئة. أوروبا ترغب بهذا الأمر إلا أن القيادة التركية لا يبدو أنها ترى فائدة لها من ذلك".