بينما يحتفل الملايين في كوريا الشمالية يوم 14 أبريل/نيسان بيوم الشمس، وهو ذكرى ميلاد مؤسس الأسرة الحاكمة لكوريا الشمالية كيم إل سونغ، تثير الطموحات النووية لحفيده العديد من المخاوف بشأن مصير دولته، كما تهدد سلامة منطقة شرق آسيا.
يستمتع الزعيم الصغير ذو القوام الممتلئ كيم يونغ أون بلعبة الاستبداد المزاجية منذ توليه السلطة التي ورثها عام 2011، وهو الآن يلعب بالنار، وفق ما ذكر موقع دايلي ميل.
فهو لا يمانع أن يدفع دولته الصغيرة التي تعاني من الفقر إلى حافة الحرب مع القوة العظمى، أميركا.
شنّ حرب كورية ثانية سيؤدي إلى حمامات من الدماء
يدري كيم يونغ أون أنَّه لا يمكن أن ينتصر، ولكنه يعلم أيضاً أن شنَّ حرب كورية ثانية سيؤدي إلى حمامات من الدماء بسبب امتلاكه لترسانة أسلحة هائلة –تشمل كل شيء من القنابل النووية البدائية والقذائف البالستية وما يصل إلى 150 ألف قنبلة من قنابل غاز الأعصاب– التي يمكن أن يضرب بها مدن كوريا الجنوبية والقواعد الأميركية هناك.
بعد التهديدات المشؤومة التي أُطلِقت من بيونغ يانغ، عاصمة كوريا الشمالية، في الأيام الأخيرة سيكون التراجع بمثابة إذلال هائل لكيم يونغ أون.
ففي سبيل إنقاذ حكمه، كيم مستعد لتتخذ كوريا الشمالية الخيار الانتحاري الذي من شأنه أن يتسبَّب في نتائج مدمرة على المنطقة.
وهكذا تتكشَّف لعبة التحدي الرهيبة بين القائد الأعلى لكوريا الشمالية والرئيس الأميركي الجديد.
وعلى غرار والده وجدّه، اعتاد كيم مواجهة أميركا والأمم المتحدة، متجاهلاً العقوبات، ومهدداً إياهما بتجارب متكررة لإطلاق قذائف نووية وبالستية.
يتحدى رجلاً يحب المفاجآت أيضاً
ولكن يختلف الأمر مع دونالد ترامب، فهو يتحدى رجلاً يحب المفاجآت أيضاً.
في الأيام العشرة الأخيرة، عكس ترامب الموقف الأميركي تجاه سوريا وروسيا والصين. فقد تناسى خطاباته الغاضبة أثناء حملته الانتخابية المعادية لإرسال قوات أميركية لحل المشاكل الخارجية.
فقد شنَّ غارةً جوية على سوريا، ويُقال إنَّه قد يُرسل قوات برية إلى هناك.
كما أنه أطلق "أم القنابل" في أفغانستان ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وأرسل مجموعة حاملة طائرات أقوى بكثير من سلاح الجو الملكي البريطاني بأكمله إلى شبه الجزيرة، رداً على تقارير مخابراتية تفيد بأن كوريا الشمالية على وشك إجراء اختبار سادس للأسلحة النووية.
وقد صدرت صور رسمية، 13 أبريل/نيسان، للقوات الأميركية أثناء "التدريب" بالقرب من حدود كوريا الشمالية والجنوبية، بالإضافة إلى طائرات مقاتلة تصطف عند القاعدة الجوية الأميركية في اليابان، مما يشير إلى استعدادهم لحالة حرب وليس مجرد لعبة تهديدية.
وبذلك تدري العاصمة بيونغ يانغ أن الإدارة الأميركية لا تخاف استخدام القوة ضد أعدائها، أو أن تتحد مع أعداء سابقين إذا ما تطلب الأمر ذلك.
كان ترامب يتحدَّث قبل انتخابه بلهجة صارمة عن الصين بوصفها منافساً تجارياً وحامية لنظام كوريا الشمالية، ثم تناول مع الرئيس الصيني شي جين بينغ العشاء والنبيذ في منتجع مارالاغو الذي يملكه الرئيس في فلوريدا، في الأسبوع الماضي، وانقلب الموقف الدبلوماسي تجاه الصين رأساً على عقب.
أُبلغ الرئيس الصيني شي جين بينغ أن ترامب قد ألغى فكرة شنِّ حرب تجارية على الصين من برنامجه. وقد رأى البعض أن الصين قد استجابت لتغيير الموقف الدبلوماسي الأميركي بالامتناع عن التصويت في الأمم المتحدة، يوم الخميس 13 أبريل/نيسان، على قرار غربي يدين استخدام الرئيس السوري بشار الأسد للأسلحة الكيماوية، بينما استخدمت حليفتها السابقة روسيا حق الفيتو لإيقاف القرار.
الأضرار على حلفاء أميركا
تعتقد واشنطن أن الصين هي بطاقة ترامب الرابحة في تعامله مع كيم يونغ أون. فإذا تعاونت الولايات المتحدة مع الصين -حيث تهدد الأولى باستخدام القوة العسكرية بينما تهدد الأخرى بقطع إمداد الطاقة والغذاء– فهل من المؤكد أن تتراجع كوريا الشمالية وتتخلص من الأسلحة النووية؟
ولكن يرى الرئيس الصيني شي الأمورَ بطريقة مختلفة، لأنه أقرب للأزمة. فقد يؤدي الصراع في شبه الجزيرة الكورية إلى عواقب وخيمة تؤثر على الصين وعلى حلفاء الولايات المتحدة أيضاً؛ كوريا الجنوبية واليابان، بتوريط تلك البلاد عسكرياً والتسبب في نزوح طوفان من اللاجئين.
فَلِمَ إذن ارتفع صوت وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الذي لطالما كان هادئاً في حديثه، يوم 13 أبريل/نيسان، محذراً من إمكانية "نشوب الحرب في أي وقت"، وداعياً جميع الأطراف إلى التوقف قبل الوصول إلى مرحلة "لا رجعة فيها ولا يمكن السيطرة عليها".
ويعلم الصينيون أن كيم يونغ أون ليس دمية سهل التأثير عليها، فلطالما عمل على تصفية مواطني كوريا الشمالية ممن يتبين أنهم على علاقة وطيدة بالعاصمة بكين، حتى إنه أعدم عمه تشانغ سونغ- ثايك. ربما كانوا يحاولون في هدوء إيجاد بديل لقيادة كيم يونغ أون، ولكنه صفَّى المرشحين الواضحين، ومنهم أخوه غير الشقيق، الذي اغتالته فرقة قتل خاصة من كوريا الشمالية بغاز الأعصاب "بي أكس" في مطار ماليزي، في فبراير/شباط الماضي.
قد لا يمتلك كيم يونغ أون قذيفة يمكن أن تصل إلى واشنطن، ولكن لديه أسلحة يمكن أن تزلزل نوافذ الزعماء الشيوعيين في بكين.
وليست الأسلحة النووية لكوريا الشمالية هي كل ما يخيف شرق آسيا أو الغرب، فقد جمع كيم يونغ أون كمية هائلة من الأسلحة الكيماوية وغاز الأعصاب السام، التي قد تمثل تهديداً أسرع. وقد أعرب رئيس الوزراء الياباني عن مخاوفه من إطلاق صواريخ محملة بغاز السارين السام على بلاده.
يتبيَّن من الجانب التقني أنه يصعب على علماء كوريا الشمالية تصنيع قذيفة عابرة للقارات، يمكن أن تطلق رأساً حربياً نووياً باتجاه الساحل الغربي لأميركا.
ولكن، وكما أظهرت عملية الاغتيال في ماليزيا، يمكن تهريب غاز الأعصاب بسهولة في المطارات.
فيمكن أن تحمل بسهولة سفارة كوريا الشمالية في لندن، أو بعثتها الرسمية في الأمم المتحدة في نيويورك غازَ الأعصاب في الحقيبة الدبلوماسية، كما يبدو أن ذلك ما جرى في كوالالمبور.
أخطر لعبة تحدٍّ مروِّعة
قد تجنِّد كوريا الشمالية إرهابيين معادين للغرب لأداء هذه المهمة، كما يتضح أنها استخدمت الإندونيسيين والفيتناميين في ماليزيا.
مع ازدياد احتمال المواجهة ما بين كوريا الشمالية والغرب، نتجه صوب أخطر لعبة تحدٍّ مروِّعة منذ أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962.
هل كيم يونغ أون مجنون حقاً لتوجيه ضربات تجاه الأسطول الأميركي القريب من ساحله؟
وهل يمكن أن يتجاهل ترامب أيَّ فعلٍ استفزازي تقوم به كوريا الشمالية؟ يعلم كلُّ شخص أن الموقف المحلي قد ينفجر إذا ما أظهر أي موقف ضعيف بعد الكثير من التهديد والوعيد. فيمكن لترامب أن يتعايش مع هذا الأمر، ولكن لن يستطع كيم يونغ أون ذلك.
تجنب الحرب مع أميركا سينقذ الكوريين الشماليين من الانزلاق في دائرة جهنمية أبشع، ولكن يمكن أن يؤدي ذلك إلى إضعاف موقف كيم يونغ أون وهلاكه. فسيشعر المواطنون المقهورون بضعف النظام المنسحب، وقد يتجرأون على معارضته. وقد طوَّرت الأسرة الحاكمة لكوريا الشمالية أسلحة دمار شامل لحماية نفسها من التهديدات الداخلية كما تحمي نفسها من الغزو الأجنبي. فإذا أخفق إحكام فرض سيطرته بالداخل قد ينهزم، متسبباً في سقوط بلاده والبلاد الأخرى معه.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع The Daily Mail البريطاني. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.