كان تايسن بينز في غرفته عندما وردته رسائل نصية تفيد بانتحار شخص كان يعرفه.
وما هي إلا برهة وجيزة حتى قام الولد ذو الـ11 عاماً من شمالي ميشيغن بشنق نفسه.
تقول صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن فتاة تواجه الآن تهماً جزائية على خلفية موت الصبي.
ويوضح المدعي العام في مقاطعة ماركيت بالولاية المذكورة مات وايس، بأن صديقة تايسن ذات الـ13 عاماً، تظاهرت بأنها شخص آخر حينما أرسلت لتايسن الرسائل الكاذبة بشأن موتها هي، فما كان من الولد إلا أن صدّق الكذبة ثم قتل نفسه لأسباب ما زالت مجهولة، وذلك خلال ساعتين من تلقيه الرسائل.
وأضاف المدعي العام أنه لا يستطيع الجزم بطبيعة العلاقة بين تايسن والبنت، إلا أن التقارير الإعلامية أفادت بأنها حبيبته.
وتحدث وايس إلى "واشنطن بوست" قائلاً "إن التأثير الذي أصيب الولد به ينمّ عن ارتباط منطقي، فقد فعل فعلته خلال ساعات قلائل من المحادثة النصية."
ارتكاب جريمة
أما الفتاة التي لم يعلن عن اسمها، فتواجه تهماً بالاستخدام الكيدي المؤذي لخدمة الاتصالات التي قد تصل عقوبتها لـ6 أشهر في سجن الأحداث، فضلاً عن تهمة استخدام الحاسب الآلي لارتكاب جريمة، والتي قد تصل عقوبتها إلى حبس سنة كاملة؛ وكلتا التهمتين جنحٌ غير جنائية.
ووقع الحادث بتاريخ 14 مارس/آذار 2017، بعدما عاد تايسن من المدرسة كالمعتاد، حسبما قالت أمه كاترينا غوس من مقاطعة ماركيت بميشيغان. "كان كل شيء طبيعياً، حتى أنه كان سعيداً وفخوراً لأنه ذهب إلى جلسة دروسه الخاصة دون أن يذكره أحد بها"، تقول غوس لـ"واشنطن بوست"، فكافأته الأم بأن خبزت له بعض الحلويات، ثم بعد تناول العشاء صعد تايسن إلى غرفته.
وبعد العاشرة مساء بقليل، تفقدت الأم غرف أبنائها الـ3 لتضعهم في أسرتهم وتطفئ الأنوار. فوجدت غرفة تايسن موصدة من الداخل، لكنها تمكنت من فتح بابه بمفتاحها هي. حالما دخلت، ظنت أن ابنها يختبئ أو يمازحها بخدعة ما لأنه لم يكن في سريره. تقول الأم للصحيفة "دخلت الغرفة وظننته يمازحني مزحة صبيانية، ثم عثرت عليه في خزانته.. حاولت الإسراع ورفعه وكنت أصرخ، وقلت لابني الأكبر أن يتصل بالطوارئ. صغيري يصرخ ألماً."
وتابعت الأم السرد قائلة إن طاقم الإسعاف الطبي تمكنوا من إنعاش تايسن الذي مكث في المستشفى 3 أسابيع قبل أن يتوفى يوم الثلاثاء 4 أبريل/نيسان.
وتضيف غوس بأن ابنها كثيراً ما كان يستخدم تطبيق سناب شات الهاتفي، وليلة وفاته كان يبعث رسائل نصية ويتحدث على سناب شات مع تلك البنت التي كانت تستخدم حساب شخص آخر عندما أخبرته أن صديقته الحبيبة توفيت. وتوضح الأم أنه لم يحذّر أحدٌ تايسن من كون الأمر كله مزحة.
وتتابع "لقد استخدمَت حساب صديق لها لكي يبدو خبر موتها موثوقاً أكثر. أما هو فقد كان بريئاً جداً وطيباً وساذجاً لدرجة أنه صدقها وأنهى حياته بنفسه."
ويقول المدعي العام وايس، إن ثمة إشارات للمحادثة النصية التي تمت بينهما في سناب تشات، إلا أنه من غير الواضح محتوى ما تحدثا عنه على تطبيق التواصل الاجتماعي المذكور، لأن المحققين لم يتمكنوا من الحصول على تلك الرسائل والولوج إليها.
مزحة خبيثة
وفي مقابلة لها مع وكالة الأسوشييتد بريس الإخبارية وصفت غوس وفاة ابنها بأنها نتيجة "مزحة سمجة خبيثة" ونوع من التنمر الرقمي على الإنترنت والذي يُمارس في الشبكات الاجتماعية، مضيفة أنها تريد نشر وزيادة الوعي بتأثير منصات هذه الشبكات الاجتماعية في تصرفات وأفعال الأطفال. وتضيف "أريد له ببساطة أن يغدو وجه القضية، فهذه قضية جدية أشعر أنها مهملة تماماً، فالطريقة التي يستخدم الأطفال بها الشبكات الاجتماعية حالياً في يومنا وعصرنا هذا مريعة وحسب."
وتقول غوس أيضاً أن ابنها وتلك البنت كانا يرتادان المدرسة نفسها، ورغم أن المزحة تمت خارج المدرسة إلا أن المسؤولين فشلوا في فعل اللازم لدرء الأذى عن ابنها وحمايته.
وقد حاولت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الاتصال بالبنت أو عائلتها، ولم يتضح بعد إن كانت قد وكّلت محامياً لها أم ليس بعد.
وفي تصريح نشر الخميس 6 أبريل/نيسان قال ويليام سوندرز المسؤول المشرف على المدارس الحكومية في منطقة ماركيت، إن مسؤولي المدرسة يؤيدون تصريحات غوس بخصوص أخطار الشبكات الاجتماعية، بيد أن معلوماتهم فيما يخص الحادثة محدودة لأنها حصلت خارج المدرسة.
وقال سوندرز "لقد شعر جميع معلميه وزملائه في المدرسة وخارج أسوارها بفقدان تايسن، وإن فقدان تلميذ وزميل صفٍ لهو أصعب ما يُطلب من مدرسة أن تواجهه، لكن ذلك يهون بالمقارنة مع ما تقاسيه العائلة ولا بد."
ويضيف "بعد الخسارة المروعة لتلميذ، نسأل أنفسنا "كيف لنا بذل المزيد؟" وللإجابة على هذا السؤال نتطلع لشراكة الآباء والأمهات والمجتمع لمضاعفة جهودنا في تربية الكل."
أما وايس فقال إنه يفضل وصف موت تايسن بأنه نتيجة عمل خادع، لكنّه في الوقت نفسه أضاف بأنه ليس ضد ما صرحت به غوس، بأن موت ابنها جاء نتيجة تنمر على الإنترنت.
وكان حاكم ولاية ميشيغان ريك سنايدر عام 2011 (من الحزب الجمهوري) قد أقر قانوناً يلزم المدارس بتفعيل واتخاذ سياسات ضد التنمر والمضايقات، سمي ذاك القانون بـ "قانون مات لأمن المدارس" على اسم مراهق في الـ14 قتل نفسه عام 2002 بعدما هوجم في المدرسة.
وفي العام الدراسي 2012-2013 ذكر 1 من كل 5 تلاميذ أنهم تعرضوا للتنمر إما بالإهانات أو بالشائعات أو بالإيذاء الجسدي وفق تقرير صدر عام 2015 عن وزارة التربية الأميركية؛ في حين أن المضايقات على الإنترنت كانت أقل حدوثاً إذ طالت 1 من كل 14 تلميذاً.
ووفقاً لدراسة أجرتها الأكاديمية الأميركية لأطباء الأطفال عام 2016 فإن أرقام الانتحار بين المراهقين ارتفعت بشكل دراماتيكي في العقود الأخيرة، ووجدت الدراسة أن الوقوع ضحية التنمر مرتبط "ارتباطاً واضحاً" بالانتحار أو الدفع للتفكير بالانتحار.
كذلك وجدت الدراسة أن استخدام الإنترنت المفرط "مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمستويات الأعلى من الاكتئاب" وبالأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار.
وقالت غوس إن ابنها الذي كان يمارس رياضة الهوكي والغولف ويسافر مع فريقه لخوض مباريات كرة القدم مع فرق المدن الأخرى، لم تكن لديه أية مشاكل كامنة أو خفية قد تلمح إلى أنه قد يقدم على إلحاق الأذى بنفسه.
وختمت الأم قائلة "لقد كان جيداً وسعيداً تماماً، ولم يكن أي حزن آخر يلم به، بل كان لديه عدد هائل من الأصدقاء، وكل من عرفه يعرف أنه كان نجماً لامعاً."
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Washington Post الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.