ذكرت إحصائيات الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، أن السلطات المغربية فككت خلال 14 عاماً 3 آلاف و94 شبكة للاتجار بالبشر، طرح ذلك في ندوة جمعية "الأيادي المتضامنة" غير الحكومية، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، ومفوضية الاتحاد الأوروبي، بمناسبة "اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري"، الذي وافق يوم الأم ويوم الشعراء، وللأسف أن تزاحم العنصرية الأم والشعر في سنويتهما.
بقراءة ما تم تداوله في الندوة يمكن أن نستشرف العقول التي تدير البلاد العربية مع اختلاف البيئات والتوازنات والسياسات، تتشابه في التخلف، وهي سبب شيخوخة الدول التي آلت للسقوط، بينما يسند بقاؤها بضعة أعمدة اهترأت، وليس هذا موضوعنا.
هل سمعتم أو قرأتم لشاعر ليست المرأة ملهمته؟
غالباً الإلهام أنثى، ولكن أكثر الاضطهاد لها الرجل الذي يتغنى بالشعر المكتوب في خصلات شعرها وضفائرها السنبلية وجبينها اللامع وثغرها الشهي.. إلخ.
بينما تقارير منظمة الصحة العالمية في فبراير/شباط 2016 تقول: "يمثّل العنف الممارس ضد المرأة" الذي يمارسه ضدها شريكها المعاشر أو العنف الجنسي إحدى المشكلات الصحية العمومية الكبرى وأحد انتهاكات حقوق الإنسان، وأن واحدة من كل 3 نساء (35%) من النساء العالم يتعرضن في حياتهن للعنف على يد شركائهن الحميمين أو للعنف الجنسي على يد غير الشركاء" انتهى.
ولكن.. ليتها لا توجد هذه الـ"لكن"، فإن الندوة، وبالتأكيد غيرها كثير من الأنشطة، انعقدت في يوم يحتفل فيه العالم باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري (21 مارس/آذار من كل عام)، وهذا يجرنا لفرع آخر في مسألة التمييز ضد المرأة، وليس فقط استعمالها للاستمتاع الجنسي واعتبارها حاوية لقمامة المرضى والساديين.
المرأة هي الأم التي يحتفل بها العالم كل 21 مارس، هل هي محمية من التمييز كأنثى؟
هل هي في أعلى المراتب القيادية بنفس نسبة الرجال؟ أمّا زالت تخضع لنظرية السقف الزجاجي؟
هل القوانين تعطيها حقوقها كاملة كزوجة؟ وبعد الطلاق كحاضنة؟ وفي حال الزواج من أجنبي هل تتعامل كمواطنة مع أبنائها؟ وفي حال عدم اقترانها برجل ماذا تمنحها السياسات الإسكانية للدول بالذات الخليجية الغنية والمرفهة (السكن مثال لا حصر في التمييز ضدها)؟
النساء في واقعنا ليس لهن شخصية اعتبارية منفصلة عن الرجل (أب، زوج، أخ، ابن) وكل القوانين في الخليج بالذات لا تعطيها حق الحياة الكريمة إلا في "بيت أبيها" أو "بيت زوجها" أو "بيت أخيها" أو "بيت ابنها"!
ماذا عن المرأة بلا تلك الحبال التي تتعلق بها "لتعيش" أليست هذه العنصرية ضدها والتمييز؟
أما احتفالية التمييز العنصري فقصتها بدأت في عام 1960، حين قتلت الشرطة في (جنوب إفريقيا – شاربفيل) 69 شخصاً كانوا مشتركين في مظاهرة سلمية ضد قوانين المرور المفروضة من نظام الفصل العنصري آنذاك، وصارت احتفالية سنوية في 21 مارس اليوم العالمي للقضاء على الفصل العنصري والتمييز، هل بالفعل ونحن في مارس 2017 تغيرت الأمور بما يليق باحتفالية؟ لنقرأ ما يلي:
في مصر، وفقاً للمركز المصري لحقوق المرأة، يصل عدد حالات الاغتصاب سنوياً لأكثر من 200 ألف سيدة، وارتفعت مع الأزمات السياسية التي شهدتها مصر مؤخراً.
في الأردن، سجلت السلطات ارتفاعاً في أعداد حالات الاغتصاب، فمن كل 100 ألف سيدة تغتصب اثنتان، كما ذكر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجرائم.
في الخليج، أشارت اللجنة الأممية ضد التعذيب إلى وجود حالات كثيرة من العنف المنزلي الموجه ضد الخادمات والمساعدات المنزليات، اللاتي يتعرضن للعنف الجسدي، والاغتصاب، والأذى الجنسي.
عذراً.. بماذا احتفل؟!
ليتنا نعمل وننتج أكثر بدلاً من وهم نحتفي به؛ لأن هناك من باعنا الفكرة، فبالرغم من اعتقادي بصدق نظرية المؤامرة إلى حد كبير وتأثيرها في حياتنا الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية، فإن وجود العلة لا يعتبر سبباً للتوقف أمامها بلا علاج.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.