“سيقتلوننا في المرة القادمة”.. عائلة يمنية تخشى هجمات ترامب بالطائرات من دون طيار

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/30 الساعة 14:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/30 الساعة 14:41 بتوقيت غرينتش

كل يوم، وبينما يسمعون أزيز الطائرات بدون طيار فوق رؤوسهم، تنتظر عائلة طعيمان أن ينتهي دونالد ترامب من قتلهم.

كانت الطائرات بدون طيار عادة ما تحوم مرة واحدة في الأسبوع فوق الروضة، القرية اليمنية التي تعيش فيها هذه العائلة، ما يجعل الأطفال يفرّون ركضاً للاختباء تحت أي سقف.

الآن، وفقاً لمقداد طعيمان، تحوم الطائرات بدون طيار كل يوم (وأحياناً ثلاث أو أربع مرات). وعادة ما تحوم في الأفق بعد الظهر، وأحياناً أخرى تأتي بعد غروب الشمس وتستمر حتى شروق الشمس، وفقاً لما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.

ولم تطلق الطائرات بدون طيار أسلحتها لمدة أربعة أشهر، إلا أن دورياتها تكثفت منذ أواخر يناير/كانون الثاني عندما تولى ترامب منصبه كرئيس للولايات المتحدة. ويعتقد مقداد، وهو بائع سيارات مستعملة عمره 24 عاماً ويعمل أحياناً حارساً لخطوط الأنابيب، أن هذا الأمر ليس من قبيل المصادفة.

في أكتوبر/تشرين الأول 2011، قُتل صالح، والد مقداد، وشقيقه البالغ من العمر 17 عاماً إثر غارة جوية شنتها طائرة بدون طيار بعد أن قادوا السيارات في الصحراء للعثور على بعض الإبل المفقودة. وقد نجا شقيق آخر من الانفجار كان معهم، عز الدين البالغ من العمر 14 عاماً، واختبأ حتى الصباح عندما عثر على جثة والده وشقيقه ممزقتين.

في عام 2014، أعطت صحيفة الغارديان البريطانية كاميرا لشقيق مقداد البالغ من العمر وقتها 13 عاماً ليُسجل حياته اليومية. وفي يناير/كانون الثاني 2015، قُتِل أيضاً في هجوم لطائرة بدون طيار.

وتعد ضربات الطائرات بدون طيار الأميركية في اليمن جزءاً أساسياً من الحملة ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، إلا أن عائلة طعيمان تنفي أي صلة لها بالإرهاب وتقول إن العائلة لم تتلق أي تفسير من السلطات الأميركية أو حلفاء الحكومة اليمنية بخصوص استهداف هذه الطائرات لأفراد العائلة.

ووفقاً لمقداد، بدأ شقيقه عز الدين يقول: "إنهم سيقتلونني في المرة القادمة".

وتحت إدارة ترامب، تصاعدت الغارات الجوية بشكل كبير في العراق وسوريا، مما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا من المدنيين.

كما زادت الغارات الجوية في اليمن، حيث تستمر الحملة الأميركية ضد الإسلاميين جنباً إلى جنب مع الحرب الأهلية المعقدة، والتي استقطبت بالفعل منافسيها الإقليميين السعودية وإيران.

وتدرس إدارة ترامب خططاً لتعميق تدخل الولايات المتحدة في الحرب الأهلية التي تدور بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران ضد دول الخليج التي تدعم الرئيس المنفي عبد ربه منصور هادي.

وتشعر عائلة طعيمان بأنها مُعلقة بين الحملتين: فدعمها لهادي يجعلهم في صف الولايات المتحدة، حتى وإن كانوا يخشون استهدافهم من قبل ضربات الطائرات الأميركية بدون طيار.

وفي واشنطن، تعرض أوباما للانتقادات من قبل اليمين الأميركي بسبب رغبته الشديدة في عدم تحمل المخاطر، رغم أن مراقبي حقوق الإنسان ذكروا أن توجيهات إدارته بشأن تجنب وقوع إصابات بين المدنيين كانت متراخية.

وفي ظل حكم ترامب، تستمر هذه التوجيهات غير فعالة على أرض الواقع، وفقاً لما ذكره مسؤول في الإدارة الأميركية مؤخراً لصحيفة الغارديان.

ويقول، ميكا زينكو، الباحث بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي والمتخصص في مكافحة الإرهاب: "في ظل إدارة أوباما، كان الجمهوريون يُعربون باستمرار عن مخاوفهم من أن إدارة البيت الأبيض الدقيقة لمسألة كيفية نشر الطائرات بدون طيار، وتحديد أماكنها، والقواعد غير الواقعية لاشتباك هذه الطائرات عرقلت استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب. وإنه حتى بدون توجيه رسمي، يمكن لترامب أن يعكس هذا الوضع عن طريق تفويض سلطة شن الضربات إلى مسؤولين من المستوى الأدنى، مما يعني الموافقة على شن المزيد من الضربات وبالتالي المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين".

ويخشى مقداد من أن يعتزم ترامب الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه في عام 2015 عندما قال: "حينما تنال من هؤلاء الإرهابيين، يجب أن تقضي على عائلاتهم".

وينفي مسؤولون أميركيون اعتزام الإدارة تنفيذ هذه السياسة التي يقول الخبراء القانونيون إنها ستشكل جريمة حرب. ولكن مع مقتل ثلاثة من أسرته، لا يستبعد مقداد تنفيذ هذه السياسة.

وقال مقداد في مقابلة هاتفية أجرتها منظمة ريبريف (Reprieve) الحقوقية: "في الأساس، شعرنا بأن [ترامب] لا يحترم حياة البشر. شعرنا بالخوف الشديد".

وأكد أنه إذا كانت لدى الولايات المتحدة أية أدلة ضد عائلته "يرجى إحضارها إلى المحكمة. نحن مستعدون لتوضيح الأمور أمام أي محكمة أميركية".

من منزل عائلة طعيمان اليمنية إلى العراق وسوريا، زادت وتيرة الضربات الجوية الأميركية في الأسابيع الأخيرة.

وقد نفت القيادة المركزية الأميركية التراخي في قواعد الاشتباك ذات الصلة. ومع ذلك فقد اعترفت، بقرار شهر ديسمبر/كانون الأول بخصوص تفويض عملية اتخاذ القرار الخاصة بالضربات الجوية، والذي جعل الأمر أسرع بالنسبة "للمستشارين" العسكريين الأميركيين الذين يقاتلون بجانب القوات العراقية في الموصل فيما يتعلق بالاستعانة بالضربات الجوية.

وقال شون سبايسر، السكرتير الصحفى للبيت الأبيض، يوم الإثنين 28 مارس/ آذار: "أعتقد فلسفياً أن الرئيس أوضح صراحةً أنه يريد منح القادة على الأرض المزيد من المرونة لتنفيذ مهامهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)".

وتظهر إحصاءات القوات الجوية الأميركية أنه منذ ديسمبر/كانون الأول أسقطت الولايات المتحدة بشكل كبير المزيد من القنابل على العراق وسوريا أكثر من أي وقت مضى على مدار هذه الحرب ضد داعش التي دامت عامين ونصف العام.

وفي يناير/كانون الثاني، فجّرت الطائرات الحربية الأميركية 3600 قطعة ذخيرة، تلتها في فبراير/شباط 3440 ذخيرة. وقد تجاوزت هذه الكميات من الذخيرة أقصى كمية للأسلحة استُخدمت سابقاً في شهرٍ واحد، إذ بلغت الذخيرة المستخدمة في نوفمبر/تشرين الثاني 3242 قطعة.

وأعلنت منظمة Airwars التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، والتي تعكف على تعقب نتائج الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، أن دعاوى وقوع ضحايا في صفوف المدنيين بسبب الولايات المتحدة وحلفائها ارتفعت بشكل حاد لدرجة أن المنظمة لم تعد مواردها كافية لمواصلة رصد الخسائر البشرية الأخرى التي تسببها روسيا، التي تعرضت للانتقاد فيما مضى من قبل الولايات المتحدة بسبب انتهاجها للقصف العشوائي.

وفي مارس/آذار 2017 وحده، تعقبت منظمة Airwars ادعاءات مقتل ما يقرب من 1000 مدني في العراق وسوريا نُسبت إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

ويقول البنتاغون إنه يحقق في ادعاءات موثوقة عن مقتل مدنيين. لكن في الموصل، تسببت الوفيات الجماعية التي نجمت عن غارة جوية أميركية في 17 مارس/آذار في احتجاجات دولية ودفعت الحكومة العراقية إلى وقف هجومها.

وهناك اتجاه مماثل جاري في اليمن، إذ قال زينكو إنه اعتباراً من يوم الأربعاء 29 مارس، وهو اليوم الـ69 لترامب في السلطة، شنت الولايات المتحدة 37 هجوماً من طائرات بدون طيار أو غارات خارج إطار ساحات المعارك المعلنة، بمعدل هجوم واحد كل يوم ونصف تقريباً. وقد ركزت تلك الضربات والغارات بشكل كبير على اليمن. وكان آخرها يوم أمس الأربعاء فى محافظة أبين جنوب اليمن.

واكتشف زينكو من خلال دراسته في مجال مكافحة الإرهاب أن أوباما وافق على شن الضربات كل خمسة أيام ونصف اليوم تقريباً.

وفي وقت متأخر من إدارة أوباما، انتاب البنتاغون القلق من صمود تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهو الخوف الذي انتقل إلى إدارة ترامب. وصرَّحت القيادة المركزية للغارديان في فبراير/شباط بأن إدارة ترامب تفكر في تعيين اليمن ساحة قتال معلنة، الأمر الذي من شأنه أن يخفض عتبة الضربات الجوية والغارات إلى معيار مشابه للعراق وسوريا.

إلا أن مقداد قال لصحيفة الغارديان إن تنظيم القاعدة يستفيد بطرق مباشرة من الضربات الجوية التي تشنها الطائرات بدون طيار.

وقال مقداد إن "تنظيم القاعدة يحاول دائماً الاتصال بأفراد العائلة والجيران والأصدقاء بعد كل ضربة. وفي الوقت الذي لا تقوم فيه حكومتنا بحمايتنا، وعندما نشعر بأنها حكومة غير مسؤولة، أو أنها تعطي الأولوية لعلاقتها بالولايات المتحدة على حساب حماية مواطنيها، تبدأ رسالة تنظيم القاعدة في التأثير في نفوس الناس. نحن أشخاص محليون بسيطون، ويحاول تنظيم القاعدة استغلال هذه الحوادث. الأمر بسيط".

ورفضت القيادة المركزية الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التعليق على وضع عائلة طعيمان. وقال متحدث باسم البنتاغون إن اليمن لم يُعيّن بعد كساحة قتال معلنة.

وقال كريستوفر شيروود، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، إن "العمليات الأميركية اليومية في اليمن مأذون بها من قبل القيادة الأميركية المركزية استناداً إلى السلطات التي يمنحها الرئيس ووزير الدفاع".

وأشارت كيت هيغام، التي تدير مشروع تعقب الاغتيالات بمنظمة ريبريف، إلى أنه "ظلمٌ فادح" للمدنيين اليمنيين مثل عائلة طعيمان أن تعيش في خوفٍ من الهجمات التي تشنها الطائرات بدون طيار.

فهذه العائلة، وغيرها الكثير في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تشعر بالرعب من تصاعد الخسائر في صفوف المدنيين في ظل حكم الرئيس ترامب، وهم قلقون من أن يتم تصفيتهم لاحقاً. يتعين على الرئيس ترامب مراجعة برنامج الاستهداف بأكمله على وجه السرعة والتحقيق في الأعداد الضخمة من الضحايا في صفوف المدنيين.

ولم يعد مقداد يأبه بتنظيم القاعدة ولا بالولايات المتحدة. فمع مقتل ثلاثة من عائلته، لم يحصل مقداد على أي إجابات. كل ما يملكه فقط هي التساؤلات والخوف من المستقبل.

يقول مقداد: "عندما قُتل محمد في عام 2015، أدركت العائلة كلها أنها ليست مجرد حادثة عشوائية؛ إذ ربَّما يكون جميع أفراد الأسرة مُستهدفين. قد نُتهم بشيء لم يتهمنا به أحد رسمياً. الآن، أطلب من الجميع في أميركا: أن يقدموا لنا السبب وراء قتل أفراد عائلتنا".

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد