إذا كان لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطةٌ سرية لهزيمة تنظيم (داعش)، كما تعهَّد خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، فإنَّ حلفاءه الدوليين في تلك المعركة يأملون إذن في الحصول على لمحةٍ عن تلك الخطة، اليوم الأربعاء 22 مارس/آذار 2017.
وإذا كان وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، يأمل في تغيير الانطباع المتزايد بعدم كفاءته في الحكومة، فإنَّه لن يحصل على فرصةٍ أفضل من هذا الأسبوع، حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
ويجتمع وزراء خارجية 68 دولة في واشنطن، اليوم الأربعاء، للاتفاق على الخطوات المقبلة في سبيل هزيمة تنظيم داعش، وذلك في أول اجتماع من نوعه للتحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة منذ فوز دونالد ترامب بالرئاسة.
وسيستضيف وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الاجتماع، في ظل تعهد ترامب بجعل محاربة داعش أولوية، وبالفعل وجه الأخير وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالات أخرى، في يناير/كانون الثاني 2017، لوضع خطة لهزيمة التنظيم المتشدد.
ويخسر عناصر التنظيم السيطرة على أراضٍ في العراق وسوريا، إذ تتقدم 3 قوى منفصلة تدعمها الولايات المتحدة وتركيا وروسيا باتجاه مدينة الرقة السورية، معقل داعش.
وهذا الاجتماع الأول للتحالف الدولي منذ انتزاع القوات العراقية السيطرة على عدد من المدن العراقية من الدولة الإسلامية العام الماضي 2016، وتحريرها لشرقي الموصل.
وعلى الرغم من أن اجتماعاتٍ كهذه قد عُقِدت بانتظامٍ على مدار سنوات، إلّا أنَّ هذه هي المرة الأولى، منذ ديسمبر/كانون الأول 2014، التي يُتوقَّع أن يحضر فيها مُمثِّلون من جميع الدول الـ68 الأعضاء في التحالف.
فرصة تيلرسون
وقالت جوليان سميث، المسؤولة السابقة بوزارة الدفاع، ونائبة مستشار الأمن القومي السابق لنائب الرئيس السابق جوزيف بايدن: "لا أحد يريد أن يفوِّت هذا الاجتماع. فهم جميعاً يعتقدون أنَّ تلك ستكون فرصة الإدارة الأميركية لإعلامهم بأي تغيير في سياسة أو استرتيجية الولايات المتحدة".
وهذا الاجتماع المُغلَق هو أول حدث دبلوماسي رئيسي يستضيفه تيلرسون. وفيما يشبه حفل التقديم، سيواجه تيلرسون تدقيقاً مُكثَّفاً بشأن مواقفه من جانب حشدٍ من المُجتمعين الخبراء في استبيان لمدى قوته.
وفي هذه المرحلة من فترة ولايته في وزارة الخارجية، لم يقنع تيلرسون أحداً بعد بأنَّه يتمتَّع بالكثير من التأثير على ترامب أو في توجيه السياسة الأميركية.
وهناك انطباع بأن تيلرسون ربما يكون لاعباً هامشياً في إدارةٍ يهيمن عليها كبار مستشاري البيت الأبيض ستيف بانون وجاريد كوشنر، وذلك بسبب عدم قدرة وزير الخارجية الأميركي أو عدم رغبته في اختيار نائبه، أو حتى حماية وزارته من تقليصات كبيرة مُقترحة في الميزانية، أو غيابه عن اجتماعاتٍ مع زعماءٍ أجانب في البيت الأبيض، أو عدم تدبيره رواياتٍ فعَّالة بشأن زياراته الخارجية.
وسيكون اجتماع، الأربعاء، هو أول فرصة جيدة لتيلرسون من أجل تغيير ذلك الانطباع، وهو أمرٌ ضروري في حال كان يرغب في أن يكون حاضراً ضمن أكثر المجالس استئثاراً بالقوة في العالم.
لكنَّ إدارة اجتماع مع 67 من نظرائه، لم يقابله الكثيرون منهم شخصياً بعد، من شأنه أن يُمثِّل اختباراً حتى لأعتى الدبلوماسيين، وينطوي الأمر على ذلك النوع من المساومات المعقدة المتعددة الأطراف التي لا تعرف التعامل معها سوى قِلّة قليلة فقط من كبار المسؤولين التنفيذيين.
وكان تيلرسون -الذي كشف أنه لم يكن يريد المنصب حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية- مديراً تنفيذياً لشركة إكسون موبيل، حيث كان القيام بالصفقات الفردية، وليس الصفقات متعددة الأطراف، هو القاعدة، كالأمر في العمل الدبلوماسي.
وكان الاجتماع الذي عُقِد، في فبراير/شباط 2017، في ألمانيا، وحضره وزراء الخارجية من دول مجموعة العشرين هو اجتماعه مُتعدِّد الأطراف الحقيقي الوحيد بصفته وزيراً للخارجية حتى الآن، لكنَّه لم يتحدَّث كثيراً. وهذه المرة، سيكون عليه أن يُلقي خطاباً ترحيبياً، وستكون هناك خيبة أمل في حال لم يُقدِّم تصريحاتٍ جوهرية.
المشكلة هي أن تيلرسون ليس لديه الكثير ليقوله. فخلال الحملة الانتخابية كانت تعهدات ترامب بشأن السياسة الخارجية أكثر صرامةً من أوباما فيما يتعلق بالصين وداعش. لكن حتى الآن هناك مؤشرات قليلة على أن ترامب يعتزم تفعيل تلك التعهدات كرئيس.
واتخذت رحلة تيلرسون، الأسبوع الماضي، إلى الصين مظهر "المصالحة" بشكل مفاجئ، كما أن جهود إدارة ترامب ضد تنظيم داعش كانت حتى الآن مماثلة تقريباً لتلك الخاصة بأوباما، بالاعتماد الكبير على دعم الجيوش التي تقاتل في حربها الخاصة، بدلاً من نشرِ أعدادٍ كبيرةٍ من القوات الأميركية في مناطق النزاع الساخنة.
في الحقيقة، أوضح تيلرسون بالفعل، أن أحد الأسباب التي تدفع وزارته إلى خفض ميزانيتها هو أنه يتوقَّع أن تتدخَّل الولايات المتحدة الأميركية في صراعاتٍ خارجية أقل، وليس أكثر من ذلك.
وعلى الرغم من أن أفراد القوات العراقية يفوقون المتشددين عدداً بكثير، فإن التنظيم يلجأ إلى تفجير السيارات الملغومة دفاعاً عما تبقى من معاقله.
وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي التقى بترامب في واشنطن، الإثنين 20 مارس/آذار 2017، إنه حصل على تأكيدات بتسريع الدعم الأميركي في الحرب على داعش.
وجاء في بيان للبيت الأبيض بعد اللقاء، أن ترامب والعبادي اتفقا على أنه "لا يمكن هزيمة الإرهاب بالقوة العسكرية وحدها"، وأن الزعيمين يحثان على تعزيز الروابط التجارية كذلك.
تسريع أم تغيير
وترى نيويورك تايمز، أنه من المرجَّح أن تتردَّد كلمة "تسريع" قليلاً جداً في الأيام القليلة المقبلة في واشنطن، وهي التي استخدمها مارك تونر، المتحدث المخضرم باسم وزارة الخارجية، مراراً، يوم الإثنين، لوصف خطط إدارة ترامب.
ووعد تونر بأنه "سيكون هناك بعض الأفكار الجديدة على الطاولة"، قائلاً إن اجتماع الأربعاء كان مُخطَّطاً له أن يهدف إلى "تسريع وزيادة التركيز على كيفية تسريع جهودنا".
وأعرب بعض خبراء مكافحة الإرهاب عن أملهم في أن يكون تسريع الجهود المُتعهَّد به حقيقياً.
وقال مايكل ليتر، الذي استقال من رئاسة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب في 2011: "لم أكن معجباً بما فعلته الإدارة السابقة، خاصة ما قد أصفه بأنه اعتمادٌ على السلبية والوكلاء والقوات الخاصة".
وأضاف: "ما آمل أن أراه من هذه الإدارة هو الانتقاء والمشاركة العميقة، التي قد تعطي ثقةً أكبر لحلفائِنا، وبالتالي ستكون شراكتنا ذات مغزى أكثر".
وستركز مناقشات، اليوم الأربعاء، أيضاً على سُبل المساعدة في إعادة إعمار الموصل، وأساليب التصدي لعمليات الدولة الإسلامية في ليبيا وغيرها.
وفي سوريا يعمل التحالف بقيادة الولايات المتحدة مع تحالف لجماعات كردية وعربية مسلحة. وتركز جهوده في الوقت الحالي على تطويق واستعادة الرقة في نهاية المطاف.
وقال رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي يحظى بدعم روسيا وإيران، إنه يرى إمكانية للتعاون مع ترامب، لكنه أضاف أن الحملة العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة ضد داعش بسوريا تقتصر على عدد قليل من الغارات.
وتواجه إدارة ترامب بعض القراراتِ الصعبة خلال الأشهر المقبلة، منها كيفية حماية السكان المدنيين في مدينة الموصل، شمالي العراق، التي تتعرض لهجومٍ الآن، من وقوع مزيد من الخراب، وهل ينبغي إشراك القوات الكردية في سوريا في الحربِ المقبلة في مدينة الرقة على الرغم من المعارضة اللاذعة من قبل الحكومة التركية؟ وكذلك كيفية دعم الحكومة الليبية الهشَّة لمقاومة الخطر المتنامي من داعش.