يقول الصومالي عبد العزيز، في مخيم موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية، "الوضع هنا أشبه بسجن، أشعر بالاختناق" معبراً عن استياء آلاف المهاجرين القابعين في الجزر اليونانية تطبيقاً للاتفاق الموقَّع قبل سنة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
ويبدو المخيم المقام وسط أشجار الزيتون رمزاً للإخفاق الأوروبي في التكفل بالهاربين من الحروب والبؤس، الذين تدفقوا بمئات الآلاف في 2015 و2016.
والمخيم المحاط بالأسلاك الشائكة ويُمنع على وسائل الإعلام دخوله، أقرب إلى مركز اعتقال منه إلى مركز استقبال أشخاص، غالباً ما يكونون مصدومين.
وقال عبد العزيز (30 عاماً)، الذي يقيم في المخيم منذ ثمانية أشهر، "ثمة دائماً شخص يصرخ، ودائما ما تحصل شجارات". وهو يعيش مع عشرات الأفارقة الآخرين في خيمة.
خفض عدد الواصلين
وأدى اتفاق 18 مارس/آذار 2016 بين أنقرة والأوروبيين لقطع طريق الهجرة عبر بجر إيجه، الذي دخل حيز التنفيذ بعد ذلك بيومين، إلى خفض عدد الواصلين إلى الجزر اليونانية القريبة من تركيا. وتم غلق هذا الطريق بعد إغلاق طريق البلقان من قبل البلدان الواقعة شمال اليونان مطلع آذار/مارس 2016.
لكنه أدى أيضاً إلى تكدس اللاجئين والمهاجرين الذين كان يأمل معظمهم، على غرار عبد العزيز، في الوصول إلى ألمانيا. وهم ينتظرون في المعسكر شهوراً، للنظر في طلبات اللجوء في اليونان، التي قدموها بأعداد كبيرة، حتى يتجنبوا ترحيلهم إلى تركيا بموجب الاتفاق الأوروبي التركي.
ويبلغ عدد هؤلاء بحسب المفوضية العليا للاجئين بين 9 و14 ألفا، بحسب الحكومة اليونانية، التي عدلت عن اقتياد هؤلاء إلى داخل البلاد حتى لا تغضب شركاءها الأوروبيين.
"الإعلام أساسي"
ومنذ سنة، أعيد 851 طالب لجوء ممن رُفضت طلباتهم أو تخلوا عنها إلى تركيا، بموجب الاتفاق بين أنقرة والأوروبيين، بحسب أرقام الشرطة اليونانية.
ويقول محامون إن بينهم أشخاصاً يحق لهم الحصول على الحماية الدولية، تخلوا عنها مستائين من الإجراءات المعقدة، أو هرباً من بؤس المخيمات.
وقال فيليب فورثينغتون، منسق مشروع دعم لجمعية هيئات المحامين الأوروبيين إن "الإعلام أساسي" للاجئين.
وخلال مقابلة حول طلبه اللجوء، رأى عراقي أنه من الأفضل أن يركز على كفاءته كسائق شاحنات، بدلاً من التركيز على الاضطهاد الذي قد تسببه ديانته المسيحية، بحسب زميل له.
فضيحة إنسانية
وتأقلم الاتحاد الأوروبي مع هذا الوضع الذي هو موضع تنديد جماعي من منظمات غير حكومية للدفاع عن اللاجئين، التي تعتبره فضيحة إنسانية. واعتبر ايبامينونداس فارماكيس من منظمة "التضامن الآن" (سولدارتي ناو) أن "هذا الأمر يوجه رسالة للمهاجرين بعدم القدوم".
غير أن تصاعد التوتر بين السكان والمهاجرين وصور الخيام العشوائية المنهارة تحت الثلوج التي نقلتها وسائل الإعلام، ووفاة ثلاثة مقيمين في مخيم موريا في ظروف لا تزال غامضة، نهاية يناير/كانون الثاني 2017، أدى إلى استفاقة السلطات.
"الحيرة والقلق"
وتحسنت ظروف العيش في مخيم موريا المكتظ وغير الصحي بجزيرة ليسبوس، مع ما يصل إلى ستة آلاف مقيم، بحسب اخيلياس زيموس من منظمة أطباء بلا حدود.
من جهتها قالت مفوضية اللاجئين إنه تم تسريع نقل الأطفال وضحايا التعذيب وغيرهم من ذوي الأوضاع الهشة، إلى داخل اليونان، ووصل عددهم حتى الآن إلى عشرة آلاف.
لكن الباقين "يعانون الحيرة" إزاء وضعهم "وعدم معرفة مصيرهم يجعلهم يعيشون في قلق شديد"، بحسب زيموس.
حالة "فزع" متنامية
وبحسب أطباء بلا حدود فإن حالات الإصابة الذاتية بجروح والانتحار شهدت "زيادة واضحة".
كما ندَّدت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) بحالة "فزع" متنامية خصوصاً بين الأطفال، بسبب "وعود لم يتم الوفاء بها" بموجب الاتفاق.
من جهة أخرى فإن الإجراء الذي ينص على ترحيل السوريين إلى تركيا بداعي أنهم سيكونون في أمان فيها، بقي معلقاً.
ولم يُجبر أي سوري رسمياً حتى الآن على الرحيل، كما قدمت شكوى إلى مجلس الدولة اليوناني بشأن قانونية ترحيل السوريين، الذي اعتبرته المنظمات الإنسانية تعدياً على حق اللجوء.
وفي خضم عملية ليِّ ذراع مع الأوروبيين، تهدد تركيا من جانبها دوماً بإعادة فتح حدودها باتجاه أوروبا أمام المهاجرين.
وتشدد السلطات اليونانية والأوروبية على تمسكها بالاتفاق الذي انتشر بموجبه عدد كبير من خبراء وعناصر الأمن الأوروبيين في الجزر اليونانية.
ووصف المفوض الأوروبي للهجرة ديميتريس افراموبولوس أثناء زيارة الخميس لليسبوس الاتفاق الأوروبي التركي بأنه شكَّل "نجاحاً".
وأضاف "أنه ينقذ الأرواح" بعد أكثر من ألف حالة غرق في بحر إيجه في 2015 و2016، وأتاح خفض عدد الواصلين "من نحو عشرة آلاف يومياً قبل عام إلى خمسين في المعدل".