ميركل تعلم الطريق لقلب ترامب.. لقاء يجمع الطرفين في لحظة حاسمة لكل من ألمانيا وأميركا

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/17 الساعة 07:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/17 الساعة 07:54 بتوقيت غرينتش

يلتقي أقوى رجل في العالم واحدة من أقوى النساء وأكثرهن تأثيراً في العالم.

كانت عاصفة ثلجية قد حالت دون زيارةٍ مخطَّطةٍ للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الثلاثاء 14 مارس/آذار 2017، للعاصمة الأميركية واشنطن، فتأجلت الزيارة إلى الجمعة 17 مارس 2017، حيث الأجواء أصفى، من ناحية الطقس على الأقل، بحسب ما توقعت الأرصاد الجوية.

باستثناء قدرتهما على التأثير الكبير في العالم الغربي، لا يتشابه دونالد ترامب وأنجيلا ميركل في شيء تقريياً.

فترامب ذو شخصية تحب الظهور الصارخ، مندفع وذو لسان ولهجة تُقرع لهما أجراس الخطر في برلين؛ أما ميركل، فمتحفِّظة براغماتية متأنِّية متريِّثة في اتخاذ قراراتها.

وأمطر ترامب، مراراً، المستشارة الألمانية بوابل من انتقادات نارية على انتهاجها سياسة فتح باب الهجرة للاجئين، فيما عارضت ميركل قراره حظر السفر.

ولكن العلاقة بين الطرفين، من شأنها أن تعود بعواقب طويلة الأمد على مستقبل أوروبا وغيرها.

على طاولة الأعمال


يبدو أن ميركل، التي قيل إنها درست خطابات ترامب وتمعّنت حتى في مقابلة قديمة له مع مجلة بلاي بوي الترفيهية، قد استنتجت أن الطريق إلى قلب ترامب هو عبر التجارة والأعمال.

وتصطحب ميركل، برفقتها في هذه الزيارة، المديرين التنفيذيين الرئيسيين لكل من شركة سيارات BMW وكهربائيات Siemens وشركة Schaeffer الصناعية، بحسب موقع شبكة بي بي سي البريطانية.

ومن المتوقع أن يتمكنوا من تعزيز المصالح المشتركة في العلاقات الاقتصادية لحلف شمال الأطلسي؛ وأن يثبتوا أيضاً وجود 810 آلاف شخص في أميركا، هم موظفون لدى الشركات الألمانية هناك.

لكن على المستشارة ومرافقيها التزام الصلابة وفرض شروطهم دون إبداء تساهل أو تراخٍ على طاولة الاجتماعات، فالرئيس ترامب كان قد لمح مؤخراً إلى إمكانية فرضه تعريفةً ضريبيةً أعلى على الواردات الآتية من دول كألمانيا، حيث الفائض الجاري يفوق نظيره الأميركي.

وسيتم مناقشة وطرح مواضيع كثيرة مدرَجة على أجندة اللقاء في غضون ساعتين.
في مقدمة هذه القضايا، الناتو والشرق الأوسط والإرهاب العالمي. وتنفق ألمانيا حالياً على الدفاع نحو 1.23% من إجمالي ناتجها المحلي، بيد أنه من المتوقع أن تجدد المستشارة ميركل لترامب التزامها بالتعهد برفع معدل الإنفاق الدفاعي تدريجياً حتى يبلغ نسبة الـ2%، التي يهدف الناتو إلى بلوغها.

إلا أنه من جهة أخرى، فثمة الكثير من المواضيع التي من المرجح أن يختلف عليها الطرفان.

ففي موضوع التغير المناخي، ستصرّ ألمانيا على أهمية خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، فيما لا يبدو واضحاً دعمُ ترامب لاتفاق باريس المناخي.

كما تسعى ألمانيا للحصول على رد موحد على عمليات روسيا شرق أوكرانيا، والتزام بالعقوبات في حالِ أُخِلّ ببنود اتفاق هدنة مينسك.

سقف توقعات برلين من هذه الزيارة ليس مرتفعاً، فمن غير المرجح للقاء ميركل-ترامب، أن يسفر عن خلق أجواء الثقة الدافئة نفسها التي سادت التحالف السياسي بين المستشارة والرئيس أوباما، والتي لم تتغير أو تتبدل حتى عندما افتُضِح أن الأميركيين كانوا قد تنصتوا على اتصالات ميركل الهاتفية.

ولا ننسى أيضاً، أن العام الجاري هو سنة انتخابية بالنسبة للمستشارة.

ميركل في "وضعية تلقين الدروس"


لا يحظى ترامب بشعبية واسعة أبداً وسط الألمان، فقد كشف استبيان شعبي أجرته مؤخراً القناة التليفزيونية الوطنية، أن الثقة بالولايات المتحدة تحت إدارة ترامب قد هبطت إلى مستوى قياسي جديد حتى تساوت مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وحسب موقع بي بي سي، فإن ميركل بحاجة لأن تسير بثبات على حبل دبلوماسي مشدود، فالمطلوب منها أن تبني مع الرئيس ترامب علاقة تعاون دون أن تبدو كأنها تضحي بقيمها أو تخيب آمال من يرون فيها آخر قلعة حصينة للغرب تدافع عن هذه المُثُل الديمقراطية.

وكانت المستشارة قد ذكَّرت ترامب بمسؤوليته تجاه هذه القيم المشتركة وشرحت له اتفاقيات جنيف من قبل، ويبدو من الواضح الآن أن ميركل ما زالت في "وضعية تلقين الدروس" بعدما أعلنت نيتها أن تشرح لترامب "أنه بالنسبة لنا، فالوطنية والعضوية في الاتحاد الأوروبي وجهان للعملة ذاتها".

وباستثناء تيريزا ماي البريطانية، تعد ميركل أول قائدة من الاتحاد الأوروبي تلتقي الرئيس الأميركي الجديد الذي يدعم مغادرة بريطانيا للاتحاد.

وستعمل المستشارة على تأكيد الأهمية التي تعلّقها على لملمة المشروع الأوروبي الهش والحفاظ على تماسكه.

قد توصف هذه بأنها زيارة تعارف، كما تقول أنجيلا ميركل: "من الأفضل التحدث مع أحدهم بدلاً من التحدث عنه".

لكن حكومات عديدة تترقب هذا اللقاء من كثب؛ كي تستقرئ دلالاته، وما الاحتمالات المتوقعة لتطور علاقة أميركا بألمانيا وأوروبا، وما يترتب على ذلك بالنسبة لبقية العالم.

– هذا الموضوع مترجم عن موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد