نشرت شركة القطارات الألمانية (دويتشه بان)، الثلاثاء 14 مارس/آذار 2017، فيديو تناول موضوع التسامح، وتجاوز الأحكام المسبقة عند التعامل مع المسلمات.
وأرادت "دويتشه بان" أن تستخدم التنوع بين ركابها، من حيث الجنسية والدين والعرق، وسيلة للترويج للتسامح والتعايش بين السكان.
وأرفقت الشركة الفيديو بتعليق يشير إلى أنهم ينقلون كل يوم 3.7 مليون شخص من النقطة "أ"، إلى النقطة "ب"، وأنه سيكون الأمر أجمل إن استطاعوا ليس فقط عبور المسافات دون إصدار حكم مسبق على غيرهم من الركاب.
ويُظهر الفيديو شاباً يجلس مقابل فتاة محجبة في قطار فائق السرعة، واضعاً كومبيوتره المحمول أمامه، ويبدأ بالتساؤل: "لماذا ترتدي هذا الحجاب؟ هل ينبغي لها ذلك؟ هل تريد ذلك؟ هل تريد العائلة (أن تلبسه) أم زوجها؟.. وإن كانت ليست في هذه السن.
من ناحية أخرى، ما الذي تقرأه؟ القرآن على الأرجح.. وماذا غير ذلك؟.. الأمر سيان! غداً لدي امتحان في التشريح ويجب أن أركز.."، فيما تقرأ هي في كتاب وتبدو شاردة وهي تشاهد المناظر المحيطة بها على الطريق.
ثم يبدأ بالسؤال بصوت مسموع: "أين تقع النواة قبل البصرية؟"، فترد الفتاة على نحو مفاجئ: "في الوطاء.. كان لدي (هذا) في الفصل السابق أيضاً"، ثم تضع الكتاب على المنضدة ليتبين أن ما كانت تقرأه هو كتاب للتشريح الوصفي يسمى "sobotta"، ثم تظهرهما اللقطات اللاحقة وهما يتحدثان وتبدو الفتاة وهي تشرح له بعض ما يظهر على شاشة حاسوبه.
الربط بين البشر
وجاء هذا الفيديو المعنون بـ"زمن التسامح"، كجزء أول من سلسلة جديدة، تعد تكملة لحملة شركة السكك الحديدية الإعلانية "هذا الزمن يخصك"، بحسب موقع مجلة "W&V" الألمانية التجارية.
ونقلت المجلة عن أنتيا نويباور، مسؤولة التسويق والعلاقات العامة في "دويتشه بان" قولها إنه بنمط سردي قصصي، ستستخدم على وجه الخصوص في قنوات الإعلام الاجتماعي، ستُروى دوماً قصص متعلقة بالقطار في سياق مجتمعي حالي.
وأضاف ميشائيل بيترسون المدير في قسم التسويق بقسم النقل لمسافات طويلة، أن الشركة تريد إيصال قيم الترحاب بالضيف والحداثة والموثوقية، وإظهار ما هو أفضل شيء يمكنهم القيام به في كل أنحاء العالم وهو "الربط بين البشر".
وقال رولاند شتاوبر مدير خدمة الزبائن في شركة "Ogilvy & Mather Frankfurt" الإعلانية التي أنتجت الفيديو، إنه في أوقات يتزايد فيه عدم التسامح، هناك رد واحد على الأحكام المسبقة والتهميش، وهو "التسامح".
وأشار إلى أن الفيديو لا ينبغي له أن يروِّج لمزايا القطارات فقط؛ بل أن يضع إفادة تشجع على التفكير فيها.
حذف التعليقات السيئة
وكانت الردود على صفحة الشركة بموقع فيسبوك متضاربة، بين مرحب، ومَن رأى أن على الشركة استثمار المال الذي تصرفه على هذه الإعلانات في تحسين خدماتها، كما أخذ النقاش منحىً دينياً في كثير من الأحيان، إلى جانب الكثير من التعليقات المتضمنة لإهانات، والتي دأب مدير الصفحة على حذفها بسرعة.
فقالت معلقة تدعى روزي (532 إعجاباً): "يا إلهي! يا لهذه الأحكام المسبقة والبغض! سأشعر بالخزي قريباً لكوني ألمانية، العيش وترك الناس يعيشون هو بالتأكيد بديل للكراهية".
وقال مستخدم يدعى مهدي، إنه بعد هذا الفيديو سينسى كل التأخيرات في السفر بالقطار، وتعليقاً عنصرياً سمعه من أحد مراقبيها، معبراً عن شكره للشركة.
ووصل الأمر بمستخدم يدعى سيرغي إلى إعلانه أنه سيلغي بطاقة اشتراكه في الشركة، وسيفعل ابنه كذلك، جراء "إعلان الحجاب" هذا، الأمر الذي دفع عدداً من المعلقين إلى التعبير عن فرحتهم؛ لتناقص عدد الركاب العنصريين شخصاً، فيما أكد الكثيرون له أنه لم يفهم رسالة التسامح المتبادل التي طرحها
الفيديو.
ودعا مستخدم آخر حصل على قرابة 1000 إعجاب، المعلقين إلى الكف عن المبالغة في ردود فعلهم المفزعة، التي توحي بأنهم يشاهدون سيدة محجبة للمرة الأولى.
وأكد أن العالم الغربي لن يزول من خلالها، وأن هناك شخصيات أخطر بكثير أحياناً تسافر في قطاراتهم، من السيدات المسلمات.
وتساءل معلق آخر، فيما إذا كانت للقصة بقية، هل يحب بعضهما بعضاً ويتزوجان ويفكران في إنجاب الأطفال، فردت "ماريا" (38 اعجاباً)، المستاءة -كما يبدو- من الأمر، بأن ذلك لن يحدث، إلا إذا اعتنق الشاب الإسلام، وأن هناك عدداً قليلاً جداً من الزيجات بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى، الأمر
الذي نفاه مستخدم آخر يدعى "إيمري" (٢٠٨ إعجابات)، مؤكداً أن أعداد حالات الزواج المذكورة كثيرة، ووصف ما كتبته ماريا بالهراء.
وجاء نشر هذا الفيديو في اليوم نفسه الذي قررت فيه محكمة العدل الأوروبية أنه من حق أرباب العمل حظر الرموز الدينية، ومن ضمنها الحجاب، وأنه لن يدخل في سياق التمييز بحسب الدين أو العقيدة، وذلك لدى تداولها قضية سيدة مسلمة طُردت من عملها لرفض صاحب الشركة ارتداءها الحجاب.