بدأ الهولنديون، صباح اليوم الأربعاء 15 مارس/آذار 2017، بالتوجه إلى مراكز الاقتراع في انتخابات تشريعية ستشكل اختباراً للتيار الشعبوي، قبل عمليات اقتراع مماثلة في أوروبا.
ويتوجه الهولنديون الذين ما زال كثيرون منهم مترددين، لا سيما بعد حملة طرحت فيها قضايا مرتبطة بالهوية وتخللتها أزمة دبلوماسية مع تركيا، إلى مراكز التصويت اعتباراً من الساعة 07,30 (06,30 ت غ) وهم في طريقهم إلى العمل أو المدرسة، إذ إن هذه المراكز أقيمت في محطات القطارات والمحلات التجارية وحتى في بيوت أفراد.
فبعد تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، تتجه الأنظار إلى حزب النائب اليميني المتطرف المعادي للإسلام خيرت فيلدرز، الذي تراجع في استطلاعات الرأي الأخيرة بعد تقدم استمر شهوراً.
وستغلق مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 21,00 (20,00 ت غ)، وينتظر صدور التقديرات الأولية للنتائج بعيد ذلك، بينما ما زال عدد قياسي من الناخبين لا يعرفون أي مرشح سيختارون عند التصويت.
وفي محاولة أخيرة لجذب الناخبين، تَوَاجَه رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي وفيلدرز، مساء الثلاثاء 14 مارس/آذار 2017، في مناظرة تلفزيونية.
وقال روتي "إذا كان الناس بحاجة إلى قائد فالأنظار تتجه إليَّ".
وحاول مرشح الإبقاء على الوضع القائم تحويلَ الاقتراع إلى معركة مع فيلدرز، قائلا إن أمام الهولنديين أحد خيارين: إما الفوضى أو الاستقرار.
تراجع مؤيدي فيلدرز
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة التي نشرت نتائجها، الثلاثاء 14 مارس/آذار 2017، إلى أن الحزب الشعبي الليبرالي والديمقراطي الذي يقوده فيلدرز يتقدم بفارق كبير على حزب فيلدرز، حزب الحرية.
وسيحصل حزب رئيس الوزراء على ما بين 24 و28 مقعداً من أصل 150 في مجلس النواب في البرلمان الهولندي، لكنه بعيد جداً عن الأربعين مقعداً التي يشغلها في البرلمان المنتهية ولايته، حسب الاستطلاعات الأخيرة.
أما حزب الحرية الذي تصدر اللائحة لأشهر، فلن يحصل على أكثر من 19 إلى 22 مقعداً، تليه الأحزاب التقليدية مثل حزب النداء المسيحي الديمقراطي والتقدميين في حزب الديمقراطيين-66.
ويمكن لحزب النداء المسيحي الديمقراطي، الذي هيمن لفترة طويلة على الحياة السياسية في هولندا، أن يصبح أيضاً أكبر حزب في البلاد، ومن شبه المؤكد أن يشارك في الحكومة. وخلال الحملة اقترح هذا الحزب إلزام التلاميذ بترديد النشيد الوطني، وأعاد فتح الجدل حول مسألة ازدواج الجنسية.
ووعد هذا الحزب، مثل حزب روتي، بالامتناع عن التعاون مع خيرت فيلدرز.
يتلخص برنامج فيلدرز الذي يقع في صفحة واحدة بإغلاق الحدود أمام المهاجرين ومنع بيع القرآن وإغلاق المساجد، في بلد يشكل المسلمون خمسة بالمئة من سكانه.
وقد جلبت له أفكاره دعماً كبيراً خلال أزمة الهجرة، لكن عدداً كبيراً من الهولنديين يرون أنه يبالغ فيها. وقال نيلز وهو يتابع المناظرة في حانة في لاهاي "من حقه إعطاء رأيه، لكنه لا يقترح أي حل، ولا يقوم سوى ببث الخوف".
بلد مشرذم
ويرى الخبراء أنه إذا خرج حزب النداء المسيحي من الاقتراع كأكبر حزب سياسي في البلاد، فيفترض ألا يشارك فيلدرز في الحكومة؛ إذ إن غالبية الأحزاب الأخرى ترفض التعاون معه.
ويُلزم النظام الانتخابي الهولندي النسبي بشكل شبه كامل، الحزبَ الفائز على تشكيل تحالفات حكومية.
وما عقّد المشهد السياسي، اندلاع أزمة سياسية في نهاية الأسبوع الماضي بين لاهاي وأنقرة، بعد منع السلطات الهولندية وزيرين تركيين من المشاركة في تجمعات مؤيدة للرئيس رجب طيب أردوغان.
وقدم 28 حزباً -وهو عدد قياسي- لوائح. وفي مشهد مشرذم إلى هذا الحد، يمكن أن يستغرق تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد أشهراً. الفترة القياسية حتى الآن بلغت 208 أيام، وسيولد نتيجة اتفاق بين أربعة أو خمسة أحزاب.
وبينما يواجه العماليون تراجعاً غير مسبوق، تشير استطلاعات الرأي إلى أن دعاة حماية البيئة سيحصلون على عدد من المقاعد، أكبر بأربع مرات من التي يشغلونها حالياً. وخلال المناظرة، قال زعيم حزب البيئة يسي كلافر (30 عاماً) إن بلاده تحتاج إلى "نوع جديد من القادة".