شهر مارس/آذار
"المرأة – الأم – الربيع – الأرض – الخير – تفتح زهور الفرح – الورد – شذى البنفسج – النرجس وشقائق النعمان – حفيف الأشجار – هدير عيون المياه – الكون – الطبيعة – الأمن والأمان – الأم – الأمة – الإنسان" مفردات سامية راقية مقدسة، هي لبنات لبناء الوجود والحياة، تأخذك بلمسات ناعمة رقراقة ندية إلى مسافات من بحور المحبة والفخر، والنخوة والأصل والكبرياء، لسيدة الكون، وملكة الأمومة، وفتاة التألق والعطاء.. الأم، الأخت، الزوجة، العاملة، الطالبة، هي الأمة، هي ينبوع الحياة، هي عبق التاريخ، ونصف الحاضر، وعليها يستند كل مستقبل الأجيال.
يوم الثامن من مارس/آذار عام 2017 بأكمله، مارس المضمّخ بعطر الأنوثة وعطاء المرأة وبذل الأم والكرامة، يحتفل العالم في هذا اليوم من كل عام بيوم المرأة العالمي، هذا اليوم الذي يعترف به العالم بإنجازات المرأة دون أي تقسيمات عنصرية وقومية، إثنية أو لغة أو ثقافة أو بيئة اقتصادية أو سياسية، أو بيوم الإنسان العالمي؛ لأن المرأة هي أم الإنسانية.
المرأة هي الفصول كلها، في الشتاء تشع المحبة على بيتها وعائلتها، فهي أداة التغيير ومصدر الطاقة لو مرضت ضعف نور البيت، ولو نشطت ارتوت الحيوية في أرجاء البيت، وفي الربيع تمد أغصان محبتها على من حولها؛ ليكون الأمن والأمان لبقية الفصول.
سيدتي.. أهديك باقة من شقائق النعمان، والنرجس والبنفسج والياسمين، زهورك المفضلة التي تبشر باستمرار الحياة، باستمرار العطاء، باستمرار الكرامة من أرض الأجداد وجارة المقدسات.
ألف تحية إكبار للأم الفلسطينية، الصامدة القابضة على جمر الحرية، والهوية.. والمصير والعمل الدؤوب الخلاق.
ألف تحية لمن تكمل مشوار التحدي والإصرار كعاملات النسيج اللواتي ثرن على أوضاعهن المزرية، ومن كن نقطة تحوّل لتحسين واقع المرأة ومسيرة الخبز والورد بنيويورك وإضرابات الثامن من مارس/آذار عام 1856، وغيرهن من المناضلات أمثال الجزائرية (جميلة بوحيرد) ضد الاستعمار الفرنسي، وهدى شعراوي، الناشطة المصرية في حقوق المرأة، ونوال المتوكّل، العدّاءة، والبطلة، والوزيرة، وتوكل كرمان اليمنية الباحثة والكاتبة التي نالت جائزة نوبل، وفاطمة الفهريّة مؤسّسة أول جامعة في التّاريخ، وفي الأردن زها حديد المهندسة التي حازت جائزة بريتزكر للعمارة التي تعتبر جائزة نوبل للهندسة المعماريّة.
وفي السعودية غادة المطيري التي استخدمت الضوء بدل المبضع، هذه البروفيسورة قدّمت سبُلاً قد تُغني مستقبلاً عن العمليّات الجراحيّة باكتشافها "الفوتون" وهو معدن يتيح للضّوء أن يدخل الجسد ويصل إلى الخلايا من دون الاضطرار إلى فتح الجسم والإضرار به، في علاج العديد من الأمراض، ومنها بعض الأورام السّرطانيّة، وكذلك يمكن استخدام هذه التّقنية في علاج عضلة القلب، والقائمة تطول لرائدات عربيات في العلوم والفنون، والأميركية الصحفية هيلين توماس وغيرهن، فمن سمع عن النجارة الفلسطينية التي تمارس مهنة النجارة في غزة لتحقيق حياة كريمة لعائلتها؟!
ولن ننسى ما تقوم به المرأة الفلسطينية، التي تقارع الاحتلال للبقاء والصمود على أرض الكرامة هناك رغم كل التحديات من الظلم والقهر، والسلب والقتل، والصبر والموت، وتكسير الحواجز وجدارات العنصرية والإذلال على مداخل المدن وأبواب الجامعات، وعلى أسوار السجون والاعتقالات، فيوم المرأة مختلف في فلسطين عن أي مكان في العالم، فهناك المرأة الفلسطينية الصامدة المكافحة، التي تُطلق عليها رصاصات الاحتلال أمام الكاميرات ووسط صمت رهيب تجاه تلك المجازر.
سيدتي الأم والزوجة والعاملة والمربية وربة البيت.. لك مني كل باقات الزهور التي تعني الاحترام والتقدير والإعجاب لما تبذلين، من الغالي والرخيص لبيتك ولأبنائك ولمجتمعك، من الحب والبذل والتضحية..من جهدك وعرقك وعافيتك.. وتفهمك لأمور أمومتك واحترام قدسية وحرمة وأسرار بيتك.. فالتربية والتعليم ينبعان من حضنك وحنانك وصبرك، وتفهمك لأعباء بيتك وزرع بذور المعرفة والخير، والمحبة والعطاء، والكرم والصدق والصفاء لعالم مملكة بيتك، وإتلاف أوراق وطفيليات الحسد والغيرة والرياء والكذب والحقد والحسد والتقليد الأعمى من محيطك، ومشاركتك لرفيق دربك بالسراء والضراء.. لكن رجاء لك أن تبذلي لهم من الوقت، والعناية والاهتمام أكثر ما تعطيه لحاسوبك ولموبايلك مع الاهتمام لثقافتك وعلمك.. ولزينتك ولقوامك ولصحتك، هذا على الصعيد الأسري والاجتماعي.
أما على الصعيد الحقوقي فهناك ما زال في الأردن من القوانين المجحفة بحق المرأة كالمادة 340 من جرائم الشرف، والمادة 308 زواج المغتصِب من المغتصِبة بين إلغاء جزئي أو كلي تحتاج إلى المزيد من النضال إزاءها، واتفاقية "سيداو" وقرار مجلس الأمن 1325 الداعي لمشاركة المرأة بحل النزاع وصنع السلام.
كل عام نتمنى المزيد والمزيد من النجاح والتألق، والانتصار والفوز لحقوق المرأة عموماً، والعربية خصوصاً، والفلسطينية والسورية واليمنية والعراقية خصوصاً خصوصاً.
تلك الأرواح المتعَبة وأطفالهن وكهولهن، المتعبة من الظلم والقهر، والصمود والرحيل والقتال والموت، منعشة إياهم بعبير المحبة وترياق الحياة لتحْيي شغفاً وحباً وعمراً لأجيال بنسخة جديدة تعزز بناء الأوطان.
كل عام وسيدتي سيدة الكون بألف صحة وخير وجمال.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.