أفادت إحدى وسائل الإعلام العراقية بأن أبوبكر البغدادي، المعروف باسم إبراهيم البدري، لم يعد موجوداً في الموصل المحاصرة، وأنه في مكان ما على الحدود السورية "بين الهجين في سوريا والبيجي في العراق".
في جميع الأحوال، هناك مطاردة جارية، ومن المفيد تقدير ما سيجري مع البدري، العراقي الخارج على القانون، وزعيم عصابة القتل الجماعي المنتمية لما تدعوه إدارة ترامب "بالإرهاب الإسلامي الراديكالي". يقول الإذاعي جون باتشلور، مقدم برنامج John Batchelor Show في ولايات أميركية عدة، في مقال له بموقع "ديلي بيست" الأميركي.
وتحدث الموقع مع سيباستيان غوركا، نائب مساعد الرئيس، وعلمت بوجود احتمالية وقوع البدري –إذا تم العثور عليه- في أيدي القوات الأميركية وحلفائها في المنطقة، مثل القوات الكردية المعروفة باسم "وحدات حماية الشعب".
سأل الموقع "هل نريد البدري حياً؟".
وقال غوركا: "خلافاً لإدارة أوباما، نحن لن ننتقد قادة مسرح الحرب"، وتابع قائلاً "لن نسير على نهج الثماني سنوات السابقة، سنترك تلك القرارات المتعلقة بكيفية التعامل مع الهدف الثمين إلى هؤلاء الموجودين على جبهة القتال".
وضعه في القفص
ثم تحدث غوركا عن الفرضيات المحتملة لما سيحدث عقب وقوع البدري في الأسر، بالقياس إلى مطاردة زعيم القاعدة أسامة بن لادن لتسع سنوات، ثم قتله في 2011.
وتابع: "لطالما قلت إنني لو كنت أمتلك الخيار في السنوات الـ16 الماضية، لكان من الأفضل ظهور أسامة بن لادن في بذلة برتقالية في قفص الاتهام الخاص بإحدى المحاكم الاتحادية. ليس فقط لكنز المعلومات الاستخباراتية التي كان يمكن الحصول عليها من التحقيقات، بل لأجل الجانب النفسي في الحرب أيضاً. زعيم الجهاد العالمي في قفص الاتهام مصفداً من خصره بإحدى السلاسل. كان هذا ليكون اختياري".
ويقول باتشلور إنه يتفق مع هذا الإجراء مثلما يفعل العديد من زملائه، مثل مايكل فلاهوس المؤرخ في جون هوبكينز، الذي يضاهي بعض النماذج التاريخية التي أدارت بها الإمبراطوريات عملية إدانة الخارجين عن القانون وأتباعهم.
ويشير باتشلور بحسب "ديلي بيست" أنه في حرب العبيد الثالثة التي شهدت ثورة سبارتاكوس، تمثل رد روما في صلب 6 آلاف من جيش العبيد المهزوم على طريق أبيا. ولم يُعثر على سبارتاكوس نفسه. بعد ألفي عام، استمرت هذه القسوة والوحشية عبر القرنين 20 و21، بداية من مذبحة الأرمن منذ قرن مضى وحتى داعش اليوم. ولذا فهي وسيلة لا تتمتع بالمصداقية بالنسبة لتحالف يضم الولايات المتحدة.
قتل علني
ويضيف باتشلور أنه "كان هناك عدة طرق أخرى للتعامل مع الخارجين عن القانون. على سبيل المثال، كان الإعدام العلني السادي لويليام والاس هو الإجابة التقليدية عن تمرد أمراء الحرب في العصور الوسطى وعصر النهضة. حتى إن ملك الشمس، لويس الرابع عشر، صاحب ذروة حضارة حق الملوك الإلهي في فرساي، منح حق تعذيب وحرق الخارجين عن القانون مثل الساحرات والمُسمِّمين. إلا أنه بعد فضيحة الإغراق إلى حد الاختناق التي تعرضت لها إدارة بوش، فليس من المرجح أن يتعرض البدري أو مساعدوه للتعذيب أثناء احتجازهم".
ويقدم التاريخ الأميركي كذلك نماذج قاتمة لتعامل السلطة الدستورية مع أولئك الذين جرى اعتبارهم تهديداً عظيماً للنظام المدني، مثل إطلاق بوسطن كوربت الرصاص على جون ويلكس بوث المحاصر بعد هزيمته والتغلب عليه، أو مثل قتل زعيم الأولغالا المدعو بالجواد الجامح بعد خداعه ومحاصرته.
بالنسبة للأميركيين وحلفائهم الجدد، تمثل محاكمات نورمبرغ (1945-1949) نموذجاً محتملاً لما يمكن القيام به إن جرى القبض على البدري مع آلاف من أتباعه.
إلا أن الإشارة إلى نورمبرغ باعتبارها إجابة كاملة للتعامل مع القتل الجماعي يمكن أن تكون مضللة. علمت من أندرو ناغورسكي، أثناء الحديث حول كتابه "صيادي النازية"، أن الحلفاء صُدموا من حجم الجرائم وأعداد القتلة.
وأوضح ناغورسكي "لقتل الملايين، تحتاج للملايين، أو على الأقل مئات الآلاف. ولهذا، أراد الحلفاء جعل كبار القادة وبعض ممن أداروا معسكرات الاعتقال عبرة للآخرين، لكن لم تكن هناك طريقة لمحاكمة الجميع، وسريعاً ما بدأت الحرب الباردة".
ما عناه ذلك، أنه في أعقاب الحرب (1945-1946)، أُدين أسوأهم مثل مارتن بورمان ويواخيم فون ريبنتروب، وجرى إعدامهما (ليس بشكل علني)، بالرغم من ذلك، تمكن آلاف الهتلريين الذين شاركوا في المذابح من الفرار من قبضة العدالة. ومع بداية الحرب الباردة في 1948، أمسى القصاص الشامل حلاً غير عملي، بسبب غياب الشهود أو وفاتهم، أو التحقيقات غير المكتملة، أو الموارد المستهلكة والأزمات الجيوسياسية.
و"من السهل افتراض أنه في حالة إلقاء القبض على البدري وقياداته، ودحر حشود داعش، فسيغير عشرات آلاف القتلة وأعوانهم جلودهم لأجل الذوبان وسط الاضطرابات الجارية في الشرق الأوسط وأوروبا. وستغدو الدول العربية الهادئة الواثقة ذات الثقافة الإسلامية الحديثة فقط هي القادرة على مواجهة القتلة أو إعادة تأهيلهم"، يقول باتشلور.
ويضيف: "صحيح أن البدري المصفد في بذلة برتقالية خلف قفص زجاجي مضاد للرصاص على التلفاز العالمي، سيقدم للولايات المتحدة وحلفائها ميزة سياسية لبعض الوقت، إلا أن الغضب القاتل الذي يدفع القتلة سيستمر حتى يتمكن الإسلاميون العصريون من الانتصار".
– هذا الموضوع مترجم عن موقع The Daily Beast الأميركي. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.