"لا تفتحوا الباب الأمامي إذا سمعتم قرع مسؤولي إدارة الهجرة عليه. وإذا خضعتم لجلسات تحقيق، لا تخبروهم سوى أسمائكم. لا توقِّعوا على أي شيءٍ مُطلقاً".
هذه بعض النصائح التي تُسدَى في الجلسات التدريبية في ولاية نيويورك الأميركية وفي شتى أرجاء البلاد، وهي نصائح تُسديها المُنظَّمات الحقوقية لمساعدة المهاجرين الذين يعيشون في أميركا بصورةٍ غير شرعية، لتقليل المتاعب التي سيواجهونها إذا قادهم حظهم العاثر إلى مقابلة المسؤولين في إدارة الهجرة والجمارك الأميركية إلى أدنى حدٍّ مُمكن، وذلك وفقاً لتقريرٍ نشرته وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.
ولاقت الجلسات التدريبية، التي تحمل اسم "اعرف حقوقك" دعماً من بعض الجماعات، كسبيلٍ للاستعداد لمواجهة الإجراءات الصارمة التي قد تُتخَذ ضد المهاجرين غير الشرعيين، في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب. ومن المقرر عقد جلساتٍ تدريبية مُماثلة في ولاية نيوميكسيكو ومُقاطعة إلباسو.
إخفاء المعلومات
وقال مُنظِّمو هذه الحملة إنَّ الفكرة من حملتهم تتمثل في إرشاد المهاجرين إلى السُّبل الشرعية لمواجهة محاولات توقيفهم، وتعتمد هذه السُّبُل اعتماداً رئيسياً على أساليب مُخصَّصة لإخفاء أي معلوماتٍ لا يعرفها عملاء إدارة الهجرة بالفعل. إذ لا يُمكن للحكومة ترحيل أي شخصٍ ما لم يكن هناك دليلٌ دامغ على إقامته في أميركا إقامةً غير شرعية.
وفي جلسةٍ تدريبية عُقِدَت يوم الثلاثاء، 7 مارس/آذار، في مُقاطعة كوينز، كان هناك أكثر من عشرين شخصاً حاضرين في غُرفة التدريب، وكانوا يُنصتون إلى توجيهات ياريتزا مينديز، وهي إحدى مُنسقات أنشطة التوعية في منظمة دفاع عن المهاجرين تحمل اسم "Make the Road New York". وتحدَّثت ياريتزا عن العديد من الوسائل التي يستحدمها عملاء إدارة الهجرة والجمارك للعثور على شخصٍ ما، والإرشادات الواجب اتباعها إذا أتى هؤلاء العملاء إلى المنزل.
وقالت ياريتزا إنَّه حتى الأشخاص الذين يعيشون بصورةٍ غير شرعية في البلاد لديهم حقوقٌ دستورية، مثل عدم تعرُّضهم لعمليات تفتيش واعتقال قسرية، ويكفل لهم الدستور كذلك حق عدم الإجابة عن الأسئلة، وعدم التوقيع على أي وثائق دون التحدَّث مع محامٍ.
أجواء تفاعلية
وشارك المتطوعون في تدريبٍ تمثيلي، وانفجر الحاضرون من الضحك حين اقتحمت امرأةٌ ترتدي سترةً مطبوعاً عليها شعار إدارة الهجرة والجمارك الأميركية الغرفة، بعدما قرعت الباب بصوتٍ عالٍ.
وقالت ياريتزا: "أحاول إضفاء أجواءٍ تفاعلية على التدريب لأنَّه طويلٌ وكئيبٌ جداً إلى حدٍّ ما".
وسألت سيدةٌ جالسة في الصفوف الخلفية سؤالاً، مفاده أنَّها إذا سمعت قرع مسؤولي إدارة الهجرة على الباب، هل يمكنها مُواربة الباب، ولكن مع وضع سلسلة الإقفال؟
ولكن ياريتزا قالت لها لا، ولا حتى مواربة الباب. تُشبه هذه الإرشادات إلى حدٍّ كبير النصائح التي لطالما وجَّهها محامو الدفاع في القضايا الجنائية لموكِّليهم. إذ إن السماح لعملاء وكالات تطبيق القانون بالنظر خلسةً إلى منزلك، سيمنحهم سبباً وجيهاً لضرروة الدخول إلى منزلك دون مُذكِّرة تفتيش.
وأشارت إحدى النصائح الأخرى المُسداة خلال التدريب إلى ضرورة التأكد من أنَّ أي مُذكِّرة تفتيش تحمل الاسم الصحيح والعناوين الصحيحة، وعليها توقيع أحد القُضاة. وكذلك عدم التبرع بالمعلومات، أو إطلاع العملاء على أي وثائق مزوَّرة، لأنَّ هذه جريمة قد تُزيد الطين بلة، وتُعقِّد موقف المهاجر غير الشرعي.
ونصحت ياريتزا بالتخطيط للاحتمالات الأسوأ. وقالت إنَّه على سبيل المثال ينبغي على الآباء المُعرَّضين لخطر القبض عليهم أن يحتفظوا بورقةٍ في منزلهم تحمل اسم شخصٍ ما ليعتني بأطفالهم في حالة القبض عليهم، بدلاً من أن يهرعوا بعد القبض عليهم لإيجاد شخصٍ ما يتولى هذه المسؤولية.
"أصبح الهواء مليئاً بالتوتر"
وكان مُعظم من حضروا هذه الجلسات التدريبية مُهاجرين غير شرعيين يعيشون في أميركا.
ولكن حضر الجلسات أيضاً أشخاصٌ مثل باسكالينا شيرينوس، امرأة تبلغ من العمر 63 عاماً، أتت من فنزويلا، وتُقيم إقامةً شرعية ودائمة في الولايات المتحدة منذ حوالي خمسة أعوام.
وقالت باسكالينا إنَّها حضرت هذه الجلسات لتتمكن من مُشاركة هذه المعلومات مع أصدقائها وجيرانها، ولتعرف حقوقها في حالة القبض عليها، ولو على سبيل السهو والخطأ، من عملاء إدارة الهجرة.
وقالت باسكالينا، متحدثةً باللغة الإسبانية في وجودٍ مترجم فوري: "في الحقيقة، نحن جميعاً خائفون، حتى إنَّ الهواء الذي نتنفسه صار مليئاً بالتوتر".
وقال بابلو ألفارادو، المُدير التنفيذي لمؤسسة "National Day Laborer Organizing Network"، إنَّ مؤسسته تحاول تدريب المزيد من الأشخاص ليتمكنوا من تقديم عروض "اعرف حقوقك" التدريبية في المدارس والكنائس، لمواكبة الطلبات المجتمعية المتزايدة.
وقال بابلو: "نحن نُدرب المُدرِّبين، ليس ضرورياً أن يعمل الناس بالمحاماةِ ليتمكنوا من تعريف غيرهم بحقوقهم الدستورية".
وقالت ياريتزا إن مُنظَّمة "Make the Road" تلقت مكالماتٍ من كنائس ومؤسسات، مثل إحدى المستشفيات المحلية، للذهاب إلى تلك الأماكن وعقد الجلسات التدريبية فيها مع موظفي هذه الأماكن وزبائنها.
وقالت ياريتزا: "المناخ العام مشوبٌ بالخوف، تستيقظ كل يوم وأنت لا تعلم ما الذي سيحدث غداً".
– هذا الموضوع مترجم عن وكالة Associated Press الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.