مصريون ترفضهم ألمانيا.. ميركل تربك “شوارع القاهرة” بموكبها وملفَّاتها الخمسة: الحريات والأقباط واللاجئون وليبيا والاستقرار

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/03 الساعة 10:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/03 الساعة 10:27 بتوقيت غرينتش

أربكت زيارة المستشار الألمانية أنغيلا ميركل "شوارع القاهرة" بموكبها، كما أربكت المسئولين المصريين بمناقشتها خمسة ملفات ساخنة مع كبار المسئولين، وشيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذوكسية هي: منظمات المجتمع المدني والأقباط واللاجئون وليبيا والاستقرار، في زيارتها التي بدأت الخميس 2 مارس/ أذار 2017، وانتهت صباح اليوم الجمعة.

حرصت ميركل في ختام اليوم الأول لزيارتها مصر على عقد لقاء الخميس، مع عدد من النشطاء الحقوقيين الذين اشتكوا من غلق الحكومة المصرية منظماتهم أو منعتهم من السفر وتحاكمهم بتهمة تلقي تمويل أجنبي، منهم رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان "جمال عيد"، والمدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات "محمد لطفي"، وكلاهما ممنوعان من السفر.

وعلمت "عربي بوست" أن اللقاء تناول ملف المعتقلين في مصر ومحاكمة العشرات من الحقوقيين المصريين بتهمة التمويل الأجنبي ومنعهم من السفر وضرورة إطلاق الشباب المعتقلين، وتأخر العفو الرئاسي عن معتقلين وصحفيين وحقوقيين.

وكتب جمال عيد على فيسبوك أن الحديث دار مع ميركل عن التوسع في بناء السجون، ورحيل الكفاءات المصرية، والتوسع في استخدام الحبس الاحتياطي بشكل مخالف للقانون.

المصريون المطلوب ترحيلهم من ألمانيا


الملف الأول الذي اهتمت به ميركل في القاهرة، هو التعاون مع مصر في محاربة الهجرة غير الشرعية والتصدي لقوارب المهربين وسعيها لإبرام اتفاقات مع مصر ودول شمال أفريقيا لإعادة ترحيل اللاجئين المرفوضين إليها مقابل معونات ودعم مالي واستثمارات.

وتحدثت ميركل خلال المؤتمر الصحفي مع السيسي عن إن "مصر استقبلت 500 ألف لاجئ من سوريا والسودان ودول أخرى"، وأن بلادها تقدم دعماً مادياً لمصر من أجل تحسين أوضاع اللاجئين.

لكن الرئيس المصري، ورداً على سؤال لصحفية ألمانية عن دور مصر في مكافحة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وموقفه من إقامة منطقة مخيمات للاجئين في بلاده، قال إن بلاده "استضافت 5 ملايين لاجئ".

وقد أشارت "ميركل" لأن "هناك 1000 مصري نريد ترحيلهم من ألمانيا بسبب أوضاعهم غير القانونية أو الشرعية في الإقامة". ستتحدث عن إمكانية تسريع ترحيلهم. وأضافت أن بعض الأشخاص، غادروا بشكل تطوعي، كما أن جزءاً آخر تم ترحيلهم، مشددة على أنه يجب الانتهاء من هذه القضايا القديمة، ولافتة إلى أنها ستواصل الحديث في هذا الشأن إلى أن ينتهي.

ولم تحدد ميركل هويتهم ولكن سمير غطاس عضو مجلس النواب، توقع أن يكون عدد كبير منهم من الإخوان المسلمين الذين دخلوا برلين بطريقة غير مشروعة عقب عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي.

الصحفي المصري المقيم في برلين وليد الشيخ قال لـ"عربي بوست" إن ألمانيا تسعى للتعامل الحاسم مع الأجانب الذين لا يملكون إقامات شرعية أو أوراقاً ثبوتية، "أعتقد أن الغالبية العظمى ممن تتحدث عنهم ميركل هم من طلاب العمل والرزق، وليسوا طالبي لجوء سياسي. لا أعتقد أن ألمانيا لديها مشكلة مع اللاجئين السياسيين من مصر، أولاً لأن عددهم قليل عكس ما يشاع بالإعلام المصري، وثانياً لأن اللاجئين السياسيين معروفون، والظروف التي خرجوا فيها من مصر موثقة، خاصة بعد مذبحة رابعة وأحكام الإعدام الجماعي التي صدرت عن القضاء. الباحث عن اللجوء السياسي سيجد مشكلة فقط في حالة عدم جدية الطلب، أو عدم دقة المعلومات التي يقدمها".

وتجري حالياً مفاوضات مكثفة بين مصر والاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية لأوروبا ينتظر أن ترى النور مطلع الشهر المقبل، لا يعرقلها، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، سوى "الثمن المرتفع" الذي يطالب به السيسي.

المؤسسات الألمانية في مصر ممنوعة


الملف الثاني كان منظمات المجتمع المدني الألمانية والمصرية التي حظرت الحكومة المصرية نشاطها، وفي مقدمتها مؤسسة (كونراد اديناور) التابعة لحزب ميركل المسيحي الديمقراطي والتي صدر بحق مديرها الألماني حكم قضائي في مصر بالسجن عام 2013 ما تسبب في تعكير صفو العلاقات بين البلدين.

وجرت مباحثات عديدة بين مسئولين ألمان ومصريين على مدى الأشهر الماضية للاتفاق على عودة نشاط المنظمات الألمانية في إطار قانون المنظمات المدنية المصري الجديد الذي يضع قيوداً مشددة على التمويل.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس المصري، أكدت أنه "تم بحث موضوع المؤسسات المدنية الألمانية في مصر والتي تقوم بدور في المجتمع المدني، وسيتم إبرام اتفاق قريباً في ألمانيا يعطي إطاراً قانونياً لعمل المؤسسات المدنية الألمانية في مصر"، مشيرة لأهمية تحسين إمكانات أنشطة المجتمع المدني.

أحوال الأقباط في مصر


ناقشت ميركل في القاهرة أيضاً وضع الأقباط في مصر، والذي يدير ملفه القيادي في حزبها "فولكر كاودر" زعيم الأغلبية في البوندستاج، الذي صرح سابقاً بأن "هناك تحسناً كبيراً في أوضاع الأقباط".

وعبرت المستشارة عن ذلك بتصريحها قبل زيارة مصر بأن "وضع الأقباط جيد جداً وممارستهم لعقيدتهم بحرية هو نموذجي في مصر كبلد مسلم"، ما أثار انتقادات رجل الدين "شرويدل".

ووجه أكاديميون أوروبيون خطاباً مفتوحاً إلى ميركل قبل وصولها مصر انتقدوا فيه ما أسموه "التعاون غير المشروط مع الرئيس السيسي"، وقالوا إنه "ليس في صالح ألمانيا وأوروبا ولا مصر".

وانتقد رجل دين مسيحي ألماني، الخميس المستشارة الألمانية واتهمها بتملق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والتهوين من بواعث القلق بشأن حقوق الإنسان قبيل زيارتها لمصر.

وعبر "يواكيم شرويدل"، وهو رجل دين ألماني عمل في مصر لأكثر من عقدين، عن الغضب لتأكيد ميركل أن المسيحيين في مصر في "حالة جيدة جداً" ووصفها مصر بأنها قوة استقرار في المنطقة.

وناقش الجانبان أيضاً ملف الحريات ودعم مصر اقتصادياً وأمنياً، "لأن هذا ينعكس على استقرار مصر ويمنع هجرة شبابها، ومن ثم على استقرار ألمانيا وأوروبا ووقف اللاجئين" كما قالت ميركل.

ولذلك رافق ميركل في زيارتها وفد اقتصادي رفيع المستوى، لبحث زيادة الاستثمارات الألمانية في مصر.
وسجلت قيمة الاستثمارات الألمانية في مصر 619.2 مليون دولار بنهاية يناير الماضي، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 5.5 مليار يورو خلال العام الماضي.

وقالت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية سحر نصر اليوم الجمعة إن مصر اتفقت مع ألمانيا على تقديم 500 مليون دولار دعماً للبرنامج الاقتصادي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر.

ناقشت ميركل مع السيسي أيضاً الملف الليبي والتعاون مع القاهرة وتونس والجزائر من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، ووقف تدفق اللاجئين منها عبر البحر المتوسط، وبما لا يستبعد أياً من الفرقاء بعدما استقبلت مصر في وقت سابق الجنرال خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج.

الزيارة مفيدة لميركل


ويقول المحلل السياسي "ممدوح الولي" إن جزءاً من أهداف زيارة ميركل لمصر هو السعي لحل مشاكلها الداخلية مع المعارضة، استعداداً للانتخابات البرلمانية في سبتمبر المقبل.

وفازت ميركل بأغلبية ساحقة برئاسة الحزب الحاكم في ألمانيا فبراير / شباط الماضي وتنافس رسمياً على الولاية الرابعة حيث تولت منصب المستشارية ثلاث مرات حتى الآن.

وبحسب قول "الولي" لـ "عربي بوست" تسعى "ميركل" للضغط على مصر لحل مشاكل منظمات حقوقية ألمانية أغلقتها مصر، وملفات مثل الأقباط وليبيا واللاجئين، كي تستفيد من ذلك في تخفف ضغوط وسائل الإعلام وأحزاب المعارضة والمنظمات الحقوقية الألمانية عليها والتي تطالبها بالتصدي لانتهاكات الحريات في مصر، وحل هذه المشاكل، وهو ما يزيد من شعبيتها قبل الانتخابات.

الأزهر يشيد بإنسانيتها والكنيسة تطمئنها على الأقباط


وخلال زيارتها للأزهر، قالت ميركل "إنه لشرف عظيم أن أحل ضيفة على أعلى مرجعية سنية في العالم، ودائماً ما تدعو للتسامح الإنساني". ورد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، معرباً عن تقديره لموقف ميركل الإنساني من الفارِّين من مناطق الحروب والنزاعات في الشرق، وأشاد بمشاركتها في مظاهرات برلين المندِّدة بالإسلاموفوبيا.

وخلال زيارتها للبابا تواضروس الثاني للتعرف على أوضاع المسيحيين المصريين أبلغها البابا أنها "تحسنت مع ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013 التي قام بها الشعب المصري مسلمين ومسيحيين، وحماها الجيش المصري"، بحسب تعبيره.

وأشار لمظاهر التحسن في صورة: إقرار أول قانون لبناء الكنائس في مصر، وانتخاب 39 عضواً مسيحياً بالبرلمان مقارنة بعضو واحد سابقاً، وكذلك زيارات الرئيس للكاتدرائية ليلة الكريسماس حسب التقويم الشرقي، بالإضافة إلى اهتمام الدولة بتعمير إصلاح الكنائس التي أحرقت ودمرت في أحداث أغسطس/ آب 2013.

سكان القاهرة يدفعون ثمن الزيارة


وشهد محيط مقر رئاسة الجمهورية شمال القاهرة والطرق المؤدية إلى مطار القاهرة، وشوارع مدينة نصر والعباسية ومصر الجديدة والدقي والجيزة حالة من الارتباك المروري في ظل تكثيفات أمنية وغلق شوارع وطرق رئيسية، لمرور موكب المستشارة الألمانية، ما أثار غضب مصريين لأنه واكب يوم بداية العطلة الأسبوعية.

وانتشرت قوات الشرطة بالملابس الرسمية والمدنية ونصبت المتاريس الحديدية وسيارات الأمن في العديد الشوارع التي مرت بها ميركل، وتم رفع جميع السيارات المنتظرة على جوانب الطرق، والكشف عن المفرقعات بواسطة الأجهزة الحديثة والكلاب البوليسية، ومنع مرور الدراجات البخارية.

فيما قام مسئولو محافظة القاهرة بتنظيف الشوارع وغسلها بسيارات المياه وتزيين الأعمدة والشوارع التي مر منها الموكب من شمال إلى جنوب القاهرة ومن الشرق إلى الغرب، ورفع الأعلام المصرية والألمانية على أعمدة النور.

تحميل المزيد