هذا الفيلم للممثل الأميركي ويل سميث والمخرج ديفيد فرانكل، تحكي القصة عن شخص ناجح ونموذجي في عمله، ملهم لزملائه، يقع فريسة الحزن والكآبة بسبب فقدانه ابنته التي لم تتجاوز السادسة من العمر، اختطفها الموت نتيجة مرض غامض.
لم يتقبل "هوارد" ويل سميث وفاة ابنته، واتخذ قرارات كارثية: هجر زوجته ومسكنه، وغادر عمله، وقاطع أصدقاءه.
الصدمة الشديدة والانهيار النفسي والعقلي التام جعلت هوارد يستنتج أن مشكلته مع ثلاثة أشياء: الحب، والموت، والزمن.
أصدقاؤه الثلاثة لم يبقوا مكتوفي الأيدي، فقد كلفوا متحرية خاصة لرصد تحركاته وإيفائهم بتقارير عنه، أكدت لهم هذه الأخيرة – المتحرية – أنه يواظب على كتابة رسائل عبر البريد العادي للزمن، الحب والموت.
القرار المتخذ من طرف الأصدقاء: لإخراجه من هذه الحالة، قرر الأصدقاء أن يدخلوا لهذا العالم الذي صنعه بنفسه / حقيقته الجديدة، تعاقدوا مع مجموعة من الممثلين المسرحيين ليقوموا بالأدوار الثلاثة: الزمن – الموت – الحب.
نهاية القصة أترك لكم اكتشافها من خلال مشاهدة الفيلم.
فيلم إنساني بامتياز، عبر عن الأزمة حينما نفقد عزيزاً علينا، هناك من ينجح في العودة إلى الحياة العادية بعد فترة حداد، وهناك من لا يستطيع.
هوارد لم يستوعب، وفقد الثقة في الحب – الذي خانه، والموت الذي لم يقبل المقايضة – عرض على الموت أن يأخذه بدل ابنته، والزمن الذي يستطيع أن يداوي الجراح لم ينجح في مهمته في نظر هوارد.
أسئلة من صميم الحياة وجوهرها، فما الحياة إلا حب وموت يفصل بينهما زمن.
الفيلم كان فرصة لمحاورة هذا الثلاثي الرائع والمرعب في نفس الآن.
دور الأصدقاء:
فيلم أيضاً عن الصداقة – الصديق وقت الضيق – هذا ما فتئ مدرسونا يعلموننا إياه، لعب الأصدقاء الثلاثة تجاه زميلهم ورئيسهم في العمل دوراً كبيراً في الحضور داخل العالم الضيق الذي حشر نفسه فيه لانتشاله منه، وذلك بمساعدة ممثلين مسرحيين مجرَبين.
تجربة الأصدقاء مميزة وهم يحاولون استعادة صديقهم يكتشفون أن مشكلاتهم – مع الحب، والزمن، والموت – أيضاً في طريقها إلى الحل.
الزوجة قبلت قرار الزوج حينما كتب لها رسالة تلخص علاقتهما في المستقبل: ماذا لو أصبحنا غرباء من جديد؟
المسرح قدم بشكل جيد – من خلال الظهور المتكرر للخشبة – فهو لا يقتصر على الفرجة والمتعة والإفادة، إنه جزء من العلاج على المستوى الفردي، أو جزء من الحلول المقترحة للمشكلات الاجتماعية المتفاقمة أقلها الفراغ والكراهية المستشرية.
أكثر من ساعة ونصف من الحوار تستشعره داخل ذاتك، الموضوع هام جداً – لك أيضاً – ما مشكلتك مع الحب؟ ماذا تريد أن تقول للزمن؟ وما هو الزمن أصلاً؟ الفيزيائي أو النفسي أو السينمائي؟
وسؤال الموت ألا يؤرقك؟! سقوط من تعرف أو من لا تعرف يوماً عن يوم في عداد الموتى أو القتلى؟ ثم نهايتك أيضاً هل تفكر فيها أم أجلت التفكير لوقت لاحق؟
أسئلة فلسفية ووجودية تميز الكائن الإنساني، الموجود بالفعل في قالب درامي جميل وشيق، خاصية هذا الفيلم هي أنه لن يتركك حتى تكمل الحكاية، وعندما تنتهي القصة، تبدأ قصتك أنت ولا أدري متى ولا كيف ستنتهي؟
أتمنى لكم فرجة ممتعة وتفاعلاً مع مجريات هذا العمل الإنساني العميق والمتقن لغة وحواراً وشخصيات (تكتمل صورتها وتنمو مع توالي الأحداث) وموسيقى ومشاهد جذابة.
الشكر لفريق العمل على هذه الهدية القيمة.
ختاماً، أتحسر بالمناسبة على مخرجينا وممثلينا الذين يستكثرون علينا مثل هذه الأعمال الراقية، ويفسدون الذوق العام لمن يقبل على أعمالهم، أهمس في آذانهم اليوم: نحن نستحق الفن الجميل، والدليل احتفاؤنا بـ: Beauté cachée.
لا تفوتوا هذه الفرصة، دمتم طيبين.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.