الأحزاب التركية تطلق حملاتها بشأن التعديلات الدستورية .. هكذا يخوض أردوغان المعركة بلا مهندس دعايته

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/01 الساعة 10:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/01 الساعة 10:52 بتوقيت غرينتش

لأول مرة يخوض حزب العدالة والتنمية حملة دعائية في ظل غياب مهندس الحملات الانتخابية إيرول أولتشاك للحزب، الذي قُتل خلال الاحتجاجات ضد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في يوليو/تموز 2016.

وهذه المرة يسعى حزب العدالة للانتصار في معركة التعديلات الدستورية.

وعُرفت أفكار حملات الحزب، التي كان يقودها أولتشاك، بالقوة والإبداع وبأنها مشبَّعة بالحماسة، لذلك تساءل الجميع: كيف سيظهر الحزب في حملته لدعم الاستفتاء الشعبي على الدستور الذي سيقام في 16 أبريل/نيسان 2017، بعد قرابة شهر ونصف الشهر.

شعاره

"قوتنا بأمتنا.. وقرارنا نعم"، تحت هذا الشعار أطلق الحزب الحاكم، العدالة والتنمية، حملته التي تدعو الشعب إلى التصويت بـ"نعم" في الاستفتاء على الدستور.

وتتضمن الحملة مهرجانات في مختلف المدن التركية يشارك فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، والمئات من قيادات ووزراء الحزب.

وأنتج الحزب أغاني حرص فيها على إظهار فئات الشعب من مختلف المهن والأعمار، تدعو كلماتها إلى التصويت بـ"نعم" لأجل تركيا قوية ومستقبل جميل.

ودعماً للحملة، قام أحد الآباء في محافظة ديار بكر ذات الغالبية الكردية بإطلاق اسم "إيفيت" -تعني "نعم" باللغة التركية- على طفلته المولودة.

وماذا عن المعارضة؟

في المقابل، أطلق حزب الشعب الجمهوري المعارض حملته تحت شعار "لأجل مستقبلي أختار (لا)" مرفقة بصورة طفلة.

كما يقف حزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل الأكراد ضد التغييرات الدستورية، بينما يؤيدها حزب الحركة القومية المعارض.

وقام حزب الشعب بتوزيع المنشورات والشعارات، إضافة إلى تخصيصه سيارات طُليت بشعار الحملة لتجوب شوارع المدن التركية منادية بالتصويت بـ"لا" للدستور.

وتأتي حملة الاستفتاء الشعبي على الدستور بعد موافقة أعضاء البرلمان التركي على 18 مادة في الدستور تزيد من صلاحيات الرئيس التنفيذية إضافة إلى تقوية صلاحياته التشريعية، وذلك بعد اتفاق الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) مع حزب الحركة القومية المعارض الذي يشارك هو الآخر إلى جانب الحزب الإسلامي الحاكم في الحملة من أجل تجاوز عتبة الخمسين في المائة في التصويت على الدستور.

ويقول منتقدون إن هذه الخطوة تعطي الرئيس التركي صلاحيات واسعة يحق له بموجبها تعيين مناصب كبيرة في الدولة، لكن الحزب الحاكم يقول إن الدستور الجديد أفضل للبلاد وسيكون شبيهاً بنظام الحكم الرئاسي في فرنسا والولايات المتحدة.

العبقري

ويخوض حزب العدالة هذا الاختبار بعد غياب صانع مجده الدعائي إيرول أولتشاك الذي وُجد مقتولاً برفقة ابنه عبد الله (16 عاماً) في محيط جسر البوسفور بإسطنبول صبيحة ليلة محاولة الانقلاب الدامية في تركيا، بعد تعرضهما لإطلاق نار خلال مشاركتها في الاحتجاجات ضد محاولة الانقلاب، حسبما ذكرت الصحافة التركية .

وتخرج إيرول، المولود عام 1963، في مدينة تشروم (شمال تركيا)، في كلية الفنون التابعة لجامعة إسطنبول، ليؤسس بعد تخرجه وكالة "آرتر" للإعلان، والتي أدخلته عالم السياسة، حينما بدأ يروّج حملات الأحزاب ومرشحي البرلمان التركي في عام 1987.

ثم انتقل إيرول للعمل في قسم الإعلام والترويج التابع لبلدية إسطنبول، ليتعرّف فيها على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان يشغل منصب رئيس البلدية آنذاك، وتبدأ بينهما صداقة قوية استمرت حتى اللحظات الأخيرة لحياة إيرول.

وفي عام 1999 وخلال انتخابات البرلمان، وافق إيرول على عرضٍ تقدم به حزب "الطريق الصحيح"؛ أحد الأحزاب المشاركة بالانتخابات في تلك الفترة، لترويج حملته الانتخابية، ثم تلقّى بعد ذلك عرضاً من صديقه القديم أردوغان للعمل معه في حزبه الجديد آنذاك العدالة والتنمية، ليصبح أحد أهم أعضاء الحزب منذ ذلك الوقت.

وظل أولتشاك المسؤول الأول لأكثر من 14 سنة لصورة حزب العدالة والتنمية الإعلامية والدعائية عبر فرقه المتخصصة ووكالاته الإعلانية، بداية من لحظات ميلاد الحزب وتأسيسه على يد صديقه رجب طيب أردوغان إلى لحظات المجد التي تلت التأسيس ونجاحات الحزب المختلفة.

فقد صمم الرجل بنفسه شعار الحزب "المصباح البرتقالي" واختار ألوانه، وأدار الحملات الانتخابية كافة للحزب التشريعية والمحلية وغيرها، حتى انتخابات رئاسة أردوغان الأخيرة، حيث عمل مستشاراً للحزب، وكذلك لأردوغان شخصياً.

وكان أولتشاك معروفاً لدى الأتراك بعبقريته الإعلامية التي مكنته من تقديم الصورة الذهنية لرجب طيب أردوغان كزعيم وقائد، فكان يحدد متى يظهر وكيف يظهر، حيث كان يضعه أولتشاك بذكاء في سياق الأحداث بشكل يعزز من صورته، فيستدعيه في إعلانات الحملات تارة بصوته فقط وتارة بصورته وتارة بشخصه.

وكالة "آرتر"، الوكالة الإعلامية الخاصة بإيرول والجهة المنتجة لفيديوهات حزب العدالة والتنمية، نعتته عبر موقعها الرسمي، مؤكدةً أنه "شهيد الحفاظ على الديمقراطية"، معلنةً الحداد على روحه.

وبكى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولم يتمالك نفسه في أثناء تشييع جنازة أولتشاك.

تحميل المزيد