يعرف طارق رمضان كل شيء عن قرارات حظر السفر. وبعد كل شيء، لم يكن ينوي أبداً أن ينتهي به الحال هنا، داخل منزلٍ حجري شمال غربي لندن. ففي 2004، كان في طريقه إلى الولايات المتحدة الأميركية، بعد أن عُرِض عليه منصب أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة نوتردام بولاية إنديانا الأميركية. وفجأة، وقبل 9 أيام من رحلة طيرانه، وبعد أن كان قد استأجر المنزل بالفعل، وسجَّل الأطفال في المدرسة، أُلغيت تأشيرته.
كانت الأسباب المُقدَّمة غامضة في البداية، لكن اتَّضح في نهاية المطاف أنَّ السبب هو دعمه مؤسَّسةٍ خيرية اعتبرت إدارة بوش أنَّها تجمع التبرُّعات لحركة حماس. وكانوا يرون أنَّه لا بد قد علِم بتلك الروابط. لكن كيف له، كما يقول رمضان، أن يعلم بذلك في حين أنَّ التبرُّعات قد جُمِعت قبل إدراج الحركة على القائمة السوداء، وبعبارةٍ أخرى، قبل أن تعرف الحكومة الأميركية ذاتها؟! ويعتقد رمضان، عوضاً عن ذلك، أنَّه قد استُهدِف بسبب موقفه من حرب العراق، بحسب ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وفي 2010، أبطلت هيلاري كلينتون، بوصفها وزيرةً للخارجية، الإلغاء، لكن بحلول ذلك الوقت، كان رمضان قد التحق بالعمل في كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد البريطانية. ولا يشعر رمضان بأي ندم، فيقول بلكنةٍ إنكليزية متمهِّلة (إذ نشأ في جنيف، مُتحدِّثاً الفرنسية والعربية): "أنا سعيدٌ للغاية أنَّهم منعوني من الذهاب إلى الولايات المتحدة. أنا أفضل حالاً كثيراً هنا". وبعد الانتقال إلى أكسفورد، أقام في ضاحية مترولاند، شمال غربي لندن. وفي الولايات المتحدة، يقول رمضان: "لا أعتقد أنَّ هناك مناخاً سياسياً يمكن أن تتحدَّث فيه بحريَّة. الناس خائفون".
ومن المُحتمل أنَّه يشعر بأنَّ إدارة ترامب لن تُرحِّب به. ففي الوقت الذي تُخطِّط فيه الإدارة لإصدار قرار تنفيذي جديد يهدف إلى منع ملايين المسلمين من دخول البلاد، تدرس أيضاً تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً. ويُشكِّل هذا الأمر مشكلةً لرمضان؛ إذ كان جَده، حسن البنا، هو مؤسِّس الجماعة.
"واجهة مُتجوِّلة للإخوان المسلمين"
وتسبَّبت صلة القرابة الأسرية تلك في إثارة الكثير من التلميحات على مدار السنوات. فيعتقد بعض منتقديه أنَّ رمضان نفسه يُمثِّل واجهة مُتجوِّلة للإخوان المسلمين؛ إذ يتَّسم حديثه باللين، لكنَّه يقول شيئاً ويقصد به آخر. وتُخفي دعواته للسلام والحوار، على ما يبدو، أجندةً سريةً لأسلمة أوروبا. ولا أستطيع أن أجد أي سببٍ يدفعني لعدم تصديقِ رمضان حين يقول إنَّه ليس عضواً في الجماعة. فقد كان منفتحاً في كتبه وأحاديثه على نهجه، المُتمثِّل في البقاء وفياً لمبادئ الإسلام، مع التصميم على المشاركة في المجتمع الغربي. ويبدو من غير الضروري استحضار أي حديثٍ حول وجود دافعٍ غامضٍ له.
ويقول: "أنا حفيد حسن البنا، وهذه حقيقة. وقد كنت مُنتَقِداً للجماعة للغاية. وفي كتابي الأخير الذي كتبته حول الصحوة العربية، وحتى بعد عام 2011، كنتُ مُنتقِداً إياها للغاية. وأن تكون مُنتَقِداً الآن… شيءٌ، لكن أن تدفعهم إلى شيءٍ كالتطرُّف العنيف، وتعترف وتقبل بخطاب الرئيس المصري السيسي، ومن قبله مبارك، فهذا لن يساعد أي بلد؛ لأنَّ هؤلاء أناسٌ تواجههم بالديمقراطية والنقاشات، وليس بالقمع والتعذيب".
ويرى رمضان أنَّ تصنيف الجماعة تنظيماً إرهابياً من شأنه أن يُشكِّل سابقةً مخيفة. وقال: "أن تنصت الآن إلى ديكتاتوريين يُحدِّدون من هم الإرهابيون، فسيكون هذا أمراً سيئاً للغاية لمستقبل الشرق الأوسط".
هل هذه هي اللحظة الأكثر إثارةً للقلق للعالم الإسلامي منذ الحادي عشر من سبتمبر/أيلول؟ إذ ليس لدينا دونالد ترامب فحسب؛ بل وفي فرنسا، حيث يمتلك رمضان مكتباً ويقضي معظم وقته، يدعم أكثر من مُصوِّتٍ واحد من بين كل 4 مُصوِّتين المُرشَّحة الرئاسية اليمينية المُتطرِّفة مارين لوبان. فما مدى قلقه؟
قال: "تعلم، في الانتخابات الأخيرة… حينما فاز هولاند، قلتُ إنَّه قد فاز بالانتخابات إجرائياً، لكن سياسياً، فاز حزب اليمين المتطرف-الجبهة الوطنية؛ إذ كان خطابه مُنتشِراً في كل مكان. إنَّهم يفوزون بالمباراة". ويُوضِّح رمضان أنَّه إذا كانت لوبان هي الفائزة، "فإنَّ الوضع سيكون أسوأ، لكنَّه بالفعل سيئ للغاية الآن. بالتأكيد علينا أن نقاوم حزبها، لكنَّ الشيء الأهم هو أنَّ خطابها أصبح شيئاً طبيعياً داخل الحزب الاشتراكي وبين الجمهوريين".
ومع ذلك، فإنَّ رمضان يُعَد متفائلاً؛ لأنَّه يقول إنَّ السياسات المحلية أقل أهمية مما يجري داخل المجتمعات. وكتب أنَّ هناك مسلمين بإمكانهم أن "يكونوا على مستوى الحدث"، وأن يواجهوا التحديات التي يفرضها مناخ الخوف من خلال إلقاء نظرة شجاعة إلى أنفسهم، بينما يشاركون في جعل المجتمع، ككل، أكثر عدلاً.
هل هذا هو "الإصلاح الإسلامي" الذي يعتقد الجميع، من بيل ماهر إلى أمثال مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين، أنَّه ضروري؟ يقول رمضان: "علينا ألّا نستورد المصطلحات. الإسلام لا يحتاج إلى إصلاح، لكنَّ المسلمين بحاجةٍ إلى تجديد عقولهم، وتفسيراتهم للإسلام، وهو أمرٌ يختلف عمَّا مررتم به؛ لأنَّنا ليس لدينا كنيسة".
كتاب رمضان الأخير
ويُعَد كتاب رمضان الأخير، بعنوان Islam: The Essentials، محاولةً لإظهار كيف أنَّ تغيير العقل هذا يحتاج إلى أن يحدث. ويُوصَف الكتاب بأنَّه "مُقدِّمةٌ بيليكانية"، (نسبةً لشركة Pelican Books للنشر، والتي تتميَّز بنشرها كتباً تمزج بين الموضوعات المهمة والعبارات الواضحة المعروفة للجميع)، للدين، لكن أولئك الذين يرغبون فى كتابٍ على شاكلة سلسلة For Dumies، (التي تقدِّم موضوعاتٍ مختلفة بطريقة بسيطة للقرَّاء المبتدئين في المجالات كافة)، فسيُصابون بخيبةِ أمل.
وكُتِب في كتاب رمضان الفخم أنَّه "أكثر تنشيطاً وأكثر إيجازاً كمُتحدِّث"، ويتعمَّق في تفاصيل ما يعنيه أن تكون مسلماً في عصر العولمة. ومع ذلك، يُقدِّم الملحق الذي كُتب فيه "10 أشياء اعتقدتَ أنَّك تعلمها عن الإسلام"، خلاصة واضحة لأفكاره حول قضايا رئيسية، بما في ذلك الشريعة، والجهاد، واللباس الواجب ارتداؤه. ويُوضِّح رمضان أنَّ الشريعة هي مرشدٌ للأخلاق، وليست مجرد مجموعة من القوانين. فالعقوبات الجسدية والإعدام هي نتيجة تطبيق "قاسٍ وحَرفي" لها، ويجب أن تتوقَّف. ويبدو أنَّ مقاربته تجاه المثليين جنسياً تتمثَّل في حب المُخطئ، وبُغض الخطيئة، وهي مقاربة مُحافِظة للغاية ضمن سياق التقدُّم المُحرَز مؤخراً في الغرب، لكنَّه لا يتعارض بصورةٍ كبيرة مع إمكانية العيش هنا، حيث يُعارِض ملايين المسيحيين التقليديين المثلية الجنسية. ويعتبر الإسلام اللباس المُحتشِم للرجال والنساء إلزاماً، رغم عدم كوْنه واجباً ضرورياً.
ويريد رمضان من المسلمين، لا سيَّما الذين يعيشون في الغرب، أن يروا أنفسهم على نحوٍ قاطع كجزءٍ من المجتمع الحديث، وأن يدفعوا هذا المجتمع باتَّجاه حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص. ويشعر رمضان بالإحباط بصورةٍ واضحة جرَّاء اختزال إيمانه من جانب غير المسلمين في مسائل الحجاب أو المثلية الجنسية. (ويشير إلى أنَّ دور الإسلام كمُغذٍّ للتزمت في الغرب المتسامح هو أمرٌ حديث نسبياً. فحتى بعد عصر التنوير بفترةٍ طويلة، كان يُنظَر إلى الثقافة الإسلامية على أنَّها خطرٌ بسبب فجورها وفسوقها).
ويؤسِّس رمضان وصفته للمسلمين الموجودين في الغرب، وهو واضح في أنَّ الإسلام أصبح الآن ديناً غربياً أيضاً، على 4 أشياء: "المعرفة بلغة الدولة، واحترام قوانينها، والإخلاص لمجتمعها، وحرية المواطنين". وبعيداً عن هذا السياق، من شأن العديد من الأحزاب الأوروبية أن ترغب في وضع تلك العبارات في برامجهم الانتخابية، وقد ترغب العديد من أحزاب اليسار في ذلك أيضاً، لكنَّها لن تجرؤ على فعله. ولا يزال رمضان يتمتَّع بمصداقية بين الجماهير المسلمة إلى الآن؛ إذ يرغب الكثيرون في الاستماع إليه، خصوصاً بين فئة الشباب، وليس فقط الليبراليون منهم. كيف يقوم بذلك؟
ما يُقدِّمه رمضان هو الإحساس بعدم كوْنه ألعوبةً لأي أحد. إنَّه يقول الحقيقة للسلطة، سواء كان ذلك في الشرق الأوسط المُحافظ "الفاسد"، أو في الغرب "العدواني". فلم تكن فقط الولايات المتحدة، وفي مرحلةٍ ما، فرنسا، هما من رفضتا دخوله، فقد مُنِع كذلك من دخول السعودية، ومصر، والعديد من الدول ذات الغالبية المسلمة. ويقول إنَّه قد ذُكِر، مؤخَّراً، في مقطعي فيديو لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) باعتباره "أخطر على العالم الإسلامي من غير المسلمين". وكان التهديد كبيراً بما فيه الكفاية لتعرض عليه الحكومة البريطانية توفير الحماية، لكنَّه رفضها، مُعتقِداً أنَّ ذلك سيكون أمراً مزعجاً للغاية.
لماذا الهجوم عليه؟
لماذا يتواصل إذً الهجوم عليه باعتباره يُمثِّل تهديداً للقيم الليبرالية، وتهديداً حتى لأمننا؟ هناك الكثير من المحاولات لتشويه صورته. وتتمثَّل أحد أكثر الأمثلة الغريبة في أحد التقارير والذي ظهر في الصفحة الأولى لصحيفة The Sun البريطانية في 12 يوليو/تموز 2005، بعد أقل من أسبوعٍ على التفجيرات التي أودت بحياة 52 شخصاً في لندن. وصوَّره التقرير باعتباره متشدِّداً إسلامياً، جاء لنشر الإسلام (مع العلم أنَّ رمضان ليس رجل دين). ووصفته افتتاحية في الصحيفة نفسها بالمُتطرِّف الذي "يدعم التفجيرات الانتحارية". وتابعت بوصفه أنَّه "أستاذ معسول الكلام يُمثِّل أسلوبه وجهاً مقبولاً، و(معقولاً) للإرهاب بالنسبة للشباب المسلم سريع التأثُّر". وأُضيف أيضاً إلى ذلك أحد المقالات اللاذعة للكاتب ريتشارد ليتل جون.
جاءت مقالات صحيفة The Sun كما لو كانت مُنفصِلةً تماماً عن الواقع، ولا يُمثِّل الجو العام المحموم بعد تفجيرات السابع من يوليو عذراً لذلك. ويكون رمضان حزيناً حينما أتحدَّث عن تلك المقالات، وأنا لا ألومه على ذلك، لكنَّ ذلك يُمثِّل جزءاً من نمط رد فعلٍ له يبدو مهماً.
وخلال صدامٍ تليفزيوني في 2003 مع وزير الداخلية الفرنسي آنذاك، نيكولا ساركوزي، أُسيء على نحوٍ مُتعمَّد تفسير دعوة رمضان لتعليق استخدام العقاب الجسدي والإعدام في أنحاء العالم الإسلامي باعتباره دعماً لرجم المرأة. وتَرجَم مجلس مدينة روتردام، الذي عيَّن رمضان مستشاراً مجتمعياً له، 54 شريطاً لحواراتٍ أجراها باللغة العربية بعد صعود مزاعم معاداة المثلية الجنسية وكراهية النساء.
وأعلن المجلس أنَّ التقارير غير دقيقة، لكنَّه أقال رمضان لاحقاً على أية حال بسبب تقديمه برنامجاً في قناة Press TV المُموَّلة من النظام الإيراني. وأبرزت الصحفية الفرنسية كارولين فوريست في كتابها "Frère Tariq"، أو "الأخ طارق"، قائمة من الاتِّهامات ضده تضمَّنت الولاء الخفي للإخوان المسلمين، واستخدام خطاب مزدوج لخداع الجمهور غير المسلم. والعام الماضي، 2016، قال عمدة مدينة بوردو، ألان جوبيه، إنَّ رمضان لم يكن شخصاً مُرحَّباً به في المدينة، زاعماً أنَّ مواقفه من قضايا كالعلمانية، والمساواة بين الرجل والمرأة كانت غامضة.
من الصعب تجاهل استنتاج أنَّ هذا النوع من الجدل هو مصير أي مُفكِّر إسلامي عام يحاول التعامل مع العالم كما هو، وليس كما نحب أن يكون. ومع ذلك، يُظهِر رمضان قوةً وثقة بالقدر نفسه. فقد قاضى الولايات المتحدة بسبب تأشيرته، وفعل الأمر نفسه مع مدينة روتردام. وقام بمقابلة مع صحيفة The Sun من أجل "تصويب" نظرتهم له، وقاضى صحفياً آخر اتَّهمه بالازدواجية.
"معاداته للسامية"
غير أن نزعته برد الصاع صاعين لا تخدم قضيته دائماً. ورغم إدانته الواضحة والمتكررة لمعاداة السامية ووصفها بأنها ليست من الإسلام في شيء، لا ينفك طارق يُرمى بهذه التهمة دائماً. والسبب في ذلك؟ مقالٌ كتبه عام 2003 يتهم فيه بعض الشخصيات العامة اليهودية (وغير اليهودية، كما يوضح هو الآن، مقِرّاً بأن هذه النقطة لم تكن واضحةً في المقال الأصلي) بـ"الجماعانية"؛ لعدم إدانتهم انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل.
وفي المقال المذكور، كتب طارق أنه إذا كان يُنتظر من المفكرين المسلمين إدانة ممارسات النظام السعودي، والإرهاب أو العنف في باكستان، فإن الأمر ذاته ينطبق على المفكرين اليهود حين يتعلق الأمر بإسرائيل. وأخبرني طارق بأنه غير نادمٍ على كتابة هذا المقال على الرغم من كل ما سببه له من متاعب (فقد استشهد به ساركوزي في أثناء النزاع بينهما). وطرحت عليه بوضوحٍ، فكرة أنه من الظلم أن نتوقع من شخص تحمّل مسؤولية سياسات حكومة لم ينتخبها، الأمر الذي ينطبق على المسلمين أيضاً؛ فالمساواة في الظلم ليست عدلاً. فما كان منه إلا أن أجابني: "أختلف معك؛ لأنني أعتقد أن هناك التزاماً أخلاقياً. فأنا باعتباري مسلماً حين أرى أشياء تُرتكب باسم ديني، ينبغي أن يكون لي رأي في هذه الممارسات. لست مسؤولاً، ولكن عليَّ أن أفصح عن رأيي. وأعتقد أن بعض اليهود في فرنسا يعبرون عن آرائهم، ويعلنون صراحةً أن هذه الأشياء ينبغي ألا تُرتكب باسمهم. وأعتقد أن هذا التزامٌ أخلاقي".
ويرى أحد النقاد أن محاولات رمضان المستمرة لإيجاد مكانٍ للدين الإسلامي القويم داخل الغرب العلماني تجعله يبدو باستمرار كمن يحاول السير على حبل مشدود. ويتلقى رمضان هذا القول بردٍ سريع: "هذه صورتي في أذهانكم؛ وليست حقيقتي". ولكني أتساءل عما إذا كان هذا الشعور بالتصدع يبدو أكثر حدةً، بالنسبة للمسلمين العاديين، مع اختلاف الأجيال. فلدى رمضان أ4 أبناء تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والثلاثين، ابنتان وولدان؛ هل يأخذون دينهم على محمل الجد، كما يفعل هو؟ رداً على هذا السؤال، يقول رمضان ضاحكاً: "على حد علمي، نعم؛ أظن أنهم من المسلمين الذين يمارسون شعائر دينهم". ولكن هل كان أبناؤه سيخبرونه لو كانوا لا يمارسون شعائر دينهم؟
بالنفي أجاب رمضان على هذا السؤال: "لا أظن أنهم كانوا سيخبرونني بكل شيء عن هذا الأمر، ولا أعتقد أن هذا أمرٌ واجبٌ عليهم. هي حياتهم يتصرفون فيها كما يشاءون".
بالطبع، واجهتنا مشكلات، ولحظات توتر في هذا الصدد؛ إذ يبتسم رمضان مجدداً وهو يقول: "ما أعرفه منهم أن لديهم صعوبة في الثبات على أمر، ولكنهم لم يخبرونني بماهية هذه الصعوبة". لم يدهشني أن السمة الجوهرية بالنسبة لرمضان هي الثبات؛ فهو يعبر عن مواقفه بوضوح وبشكل متكرر؛ ونادراً ما يعدل عنها. ربما لهذا السبب يثير حنق الكثير من الناس، في الدول ذات الأغلبية المسلمة، وبأوروبا، وكذلك في أميركا. وفي هذا السياق، يقول رمضان: "ثمة نوعٌ من المسلمين لا نسمع له صوتاً إلا حين يقول ما يوافق هوانا؛ وأنا لست من هذا النوع. لن أكرر على مسامعك ما يوافق هواك. أنا أتناول القرآن بجدية، وأتعامل مع النصوص بجدية، وأريد أن أكون مخلصاً لديني وأواجه تحديات عصري. وهذا أمرٌ صعب".
من هو طارق رمضان
طارق رمضان: مفكر سويسري من أصل مصري، حصل على درجة الماجستير في الفلسفة والأدب الفرنسي من جامعة جنيف بسويسرا. يشغل منصب أستاذ الدراسات الإسلامية المعاصرة بكلية القديس أنتوني في جامعة أكسفورد البريطانية، كما يشغل منصب أستاذ الأديان وحوار الأديان بالجامعة نفسها.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.