في شبابهما، كان شون ولي يفعلان ما يصفانها بأنها أمورٌ عادية. يقول شون: "كنَّا نستمتع بالوقت؛ كنَّا نشرب، ونتناول المخدرات، ونرتاد النوادي الترفيهية، ونقامر. كانت الحفلات تُقام في منزلنا دائماً. كان الأمر يجري على هذا النحو، وكنت أنا المضيف".
لكن شون تحوَّل إلى الإسلام وصار اسمه عبدول، وأصبحت حياته محكومةً بإخلاصه لله وبالمتطلبات الصارمة لإيمانه. وفي هذه الأثناء، كان لي يسافر عبر البلاد للمشاركة في الفعاليات المناهضة للمسلمين والتي تنظمها رابطة الدفاع الإنكليزي.
واتخذ الشقيقان اتجاهين مختلفين بشكلٍ صارخ، لكن عبدول قال لصحيفة أوبزرفر البريطانية: "أعرف أن لي يحبني، وأنا أحبه".
رُوِيَت هذه الحكاية في ثلاث حلقاتٍ من السلسلة المعروضة على القناة الرابعة البريطانية Extremely British Muslims – بريطانيون مسلمون جداً. اعتمدت السلسلة على التصوير حول وداخل مسجد برمنغهام، الذي يُعد واحداً من أكبر المساجد في المملكة المتحدة، وتهدف السلسلة، كما تقول المنتجة فوزية خان، إلى "إبراز كيف تبدو حياة المسلمين العاديين خلف عناوين الصحف السلبية".
"حياة زائفة"
نرى بيلا ونيرة تخوضان مراسم الزواج الإسلامي في بحثهما عن الحب، وواز وناف يحاولان التغلب على الصور النمطية للشباب المسلم في وسائل الإعلام، وزيدان يشعر بالحيرة ما بين انجذابه لموسيقى الغرايم في برمنغهام ورغبته في أن تكون له "غاية أسمى"، وسدرة ترغب في أن يفهم الناس أنه يوجد إنسان خلف النقاب.
تحوَّل عبدول إلى الإسلام منذ سبعة أعوام، ويقول: "لم أشعر قط أنني شخصٌ سيئ، فقد كنت أتناول المخدرات وأفعل أشياء سيئة أخرى، ولكنني لم أكن عنيفاً قط". وقد تعرَّف على الإسلام بالصدفة وانجذب على الفور إلى النظام الإسلامي والقواعد التي تحكم كل جانب من جوانب حياته.
ويضيف: "فكرت أن ذلك أمر مذهل، ولكنني أيضاً كنت أستمتع بكل الأشياء التي كنت أفعلها، ولم أرغب في التوقف عنها، لذلك كانت عملية التغيير بطيئة – استغرقت ثلاثة أو أربعة أعوام تقريباً حتى تبيَّن لي أنني كنت أحيا حياةً زائفة".
يتحدث في الفيلم عن "انجرافه وشروده" قبل أن يصبح مسلماً. يتابع عبدول قائلاً: "لقد غيَّرت حياتي بالكامل. أدرت ظهري لحياتي السابقة".
صُدم لي حين عرف بقرار شقيقه، فيقول: "كنت أعلم أنه يخبئ سراً ما، ولكنني ظننت أنه ربما يكون مثلياً أو شيئاً من هذا القبيل. لم أتوقع حدوث ذلك. فإذا كان سيصبح متديناً، كنت أظن أنه سيتجه إلى المسيحية، لا أن يعتنق الإسلام. فذلك أمر غير متوقع من شخص أبيض".
شارك لي في عدة فعالياتٍ نظمتها رابطة الدفاع الإنكليزي "المناهضة للمسلمين عامةً –بالطريقة التي يعاملون بها النساء والبيدوفيليا وأمور أخرى مثل ذلك. لم تكن لدي فعلياً آراء سيئة عن المسلمين– ولكنها كانت أموراً أفعلها عندما أشعر بالملل"، بحسب قول لي.
مشاعر خوف
نشأ الأخوان في مدينة دودلي، شمالي غرب برمنغهام. وبعد تسعة أشهر من اعتناق عبدول الإسلام، وفي يوم عيد الميلاد عام 2009، انتقل عبدول من المدينة التي نشأ بها إلى برمنغهام قبل أن ينتقل إلى المدينة.
يقول عبدول: "أتذكر أنني كنت أرتدي الجُبَّة (الجلباب)، وكنت أرتعش حقاً قبل أن أفتح بابي، وأتساءل عما سيفكر به الناس. كان الناس البيض يحدِّقون بي، ويرمقومنني أحياناً بنظرة تخوين، ولكنني لا أعيرهم انتباهي".
تعرَّف عبدول بعد وقتٍ قصير على فتاة باكستانية مسلمة، تُدعى هينا، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. وبعدها بأسبوع أو أكثر تقابلا، وبعدها بسبعة أيام تزوجا.
يقول عبدول: "كانت تلك الخطوة تتطلب إيماناً عميقاً وثقةً بالله". جعلت تلك الخطوة عبدول أباً على الفور، فمع أنه لا يزال في العشرينات من عُمره، إلا أنه أصبح أباً لصبيين مراهقين وفتاة كانت هينا قد أنجبتهم من زواجٍ سابق لها. لم تكن علاقة عبدول بالصبيين وإصراره على جعلهما مسلمين ملتزمين أمراً سهلاً على الإطلاق. رُزق الزوجان بطفلين آخرين، وهما (عامان)، ومحمد (رضيع).
في الفيلم، بعد ولادة محمد، أقام عبدول حفل شواء ودعا المسلمين الموجودين بالحي – وشقيقه لي. وفي مشهد محرج في الحديقة الخلفية، لاحظ لي أن جميع الرجال ومنهم عبدول يتناولون الأكل بأيديهم، وقال: "بدا لي أنهم يتخلَّفون".
ثم قال: "لن أقول أنني كنت أشعر بالراحة، صراحةً، ولكنني تظاهرت بذلك من أجل شون. فقد اختار طريقه واخترت أنا طريقاً آخر، ولكنه سيظل شقيقي. أشعر أنني أفتقد شون الذي نشأت معه".
"نحترم بعضنا"
يقول عبدول لصحيفة أوبزرفر البريطانية: "نختلف ولكن يحترم كل واحد منا الآخر. لا زلت أشعر أنه قريب مني –فصِلة الدم لا تهون- ولكنني لا أعلم إذا كنت واهماً".
قضت فوزية خان ستة أشهر لإقناع كبار السن في المسجد وطمأنتهم قبل بدء التصوير. قالت: "كان علينا أن نُرسِّخ علاقتنا. فقد كانوا يقولون "نحن نثق بكِ ولكن كيف لنا أن نتأكد من عدم تحريف كلامنا؟. كان مشروعاً صعباً. ولكنني أشعر بوجود إحساس بالراحة في النهاية".
قال لي عن قرار مشاركته في الفيلم كان "من أجل شقيقي فحسب"، ولكنه أضاف أن الأمر جعله أكثر تسامحاً تجاه المسلمين.
أما عن دافع عبدول للمشاركة في التصوير، فقد قال أنه أراد أن "يصل صوتهم للناس، بدلاً من أن يسمع الناس عنهم من الأخبار"، وأضاف: "أريد أن يبدأ الناس في التحدث إلينا بأن يبادروا ببساطة بالتحدث. حتى ذلك الرجل الأبيض. ولكن البريطانيين لا يطلبون مثل هذه الأمور، فهم يدعون الأمور تسير كما هي دون تغيير. لا نريد سوى أن نتواصل مع بعضنا البعض ونكسر الحواجز فيما بيننا".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.