يطلقون عليه "راديو النفايات" أو "راديو القمامة"… فقد حظيت مقاطعة كيبيك بسمعة مشبوهة كونها المقاطعة الكندية التي تضم مضيفي برامج الفضائح والصدمات عبر الإذاعات التي تُبث على شبكة الإنترنت والذين يحبون إثارة الموضوعات الجدلية حول النساء والمثليين والمسلمين.
وبينما تواجه هذه المقاطعة البالغ تعداد سكانها 800 ألف نسمة تداعيات الاعتداء الإرهابي الذي وقع يوم الأحد الماضي 29 يناير/ كانون الثاني 2017 على أحد المساجد المحلية أثناء صلاة العشاء، وأودى بحياة ستة مصلين وإصابة العديد، اتخذ دور "راديو النفايات" في نشر رهاب الأجانب بعداً جديداً.
حيث تم اتهام طالب جامعي يبلغ من العمر 27 عاماً ويؤيد اليمين المتطرف يوم الإثنين بالمسؤولية عن الهجوم. وليس هناك ما يشير إلى تأثر المتهم أليكسندر بيسونيت بصفة خاصة براديو النفايات؛ ومع ذلك، سرعان ما انتقد أعضاء الجالية المسلمة التأثير المروع للبرامج المناهضة للهجرة والمهاجرين التي تبثها تلك الإذاعة.
وانتقد ريجيس لابوم، عمدة كيبيك، أيضاً المحطات الإذاعية. وأدان خلال كلمته التي ألقاها في تأبين ضحايا الاعتداء مساء الإثنين هؤلاء الذين "يحققون الثروات من خلال نشر الكراهية".
بدوره، أقرَّ رئيس وزراء كيبيك، فيليب كويلارد يوم الثلاثاء وجود "شياطين" بالمنطقة، وانتشار "رهاب الأجانب والعنصرية والإقصاء" بالمدينة. ومع ذلك، فقد أخبر الصحفيين أن مجتمع كيبيك مجتمع مفتوح ومتسامح.
هكذا "يهدِّدوننا"..
محمد علي سايدين الذي قضى أكثر من ثلاثين عاماً بكيبيك يقول "حينما يتصادف أن تستمع لراديو النفايات هذا، فإنك تسمع لغة واضحة مفعمة برهاب الأجانب".
ونقلت صحيفة جورنال دي كيبيك عن سايدين قوله "ما أنتقده في مثل وسائل الإعلام هذه، هو أنها تستورد المشكلات من أماكن أخرى، وخاصة فرنسا. نحن لا نعيش في معزل عن الآخرين ولكننا نختلف عن فرنسا".
وذكر لويز فيليب لامبرون، الذي يدرِّس قانون حقوق الإنسان بجامعة لافال التي ينتمي إليها المتهم، أن "الخطر الحقيقي لمثل هذه الإذاعات هو أنها تجمع بين الأخبار والآراء والغوغائية".
وأشار لامبرون إلى أن أربعة أو خمسة من مضيفي البرامج الحوارية يسيطرون على الصناعة، وينتقلون بين عدد قليل من الإذاعات، ويتنافسون على اجتذاب المستمعين من خلال ما يبثونه من موضوعات تثير الغضب، وغالباً ما ترتبط بقضايا يمينية وشعبوية.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عنه قوله "إنه أمر خطير وعدواني".
تم فصل جيف فيليون، أحد أشهر المضيفين الإذاعيين من العمل في مؤسسة بيل الإعلامية التي تمتلك محطة إنيرجي الإذاعية على تردد 98.9 إف. إم. خلال الربيع الماضي بعد أن سخر من رجل أعمال بارز كان قد أعرب عن حزنه البالغ جراء انتحار ابنه. ولكن سرعان ما عاد فيليون للعمل على الهواء في محطة إذاعية أخرى.
وذكر جويلوم فيريت، الطالب الجامعي البالغ من العمر 21 عاماً، الذي يعمل نادلاً بأحد المقاهي، بينما كان يجلس مع أصدقائه في ستاربكس بضاحية سانت فوي "إنه يشبه تلفزيون الأحداث الواقعية. إنه أمر يتسم بالغباء والبساطة. إنهم لا يقدمون لك الحقائق، بل يستعرضون الآراء التي تثير الناس وتستفزهم".
ورغم أن المسلمين يمثلون نسبة مئوية ضئيلة من تعداد سكان كيبيك، إلا أن أعدادهم في تزايد مستمر، حيث تشجع الحكومة الإقليمية هجرة الأفارقة من متحدثي اللغة الفرنسية.
حظر الحجاب وأشياء أخرى..
شاركت كيبيك في الجدل العام الذي أثير خلال السنوات الأخيرة حول ما يعرف باسم "توفير الإقامة المناسبة" للمهاجرين والأقليات الدينية، بما في ذلك الجهود المبذولة لحظر ارتداء الموظفين الحكوميين للرموز الدينية الواضحة مثل الحجاب والعمامة والقبعة اليهودية. وقد اعتبر ذلك الإجراء المعروف باسم ميثاق القيم بمثابة السبب الرئيسي لهزيمة حزب حكومة كيبيك في انتخابات عام 2014.
وتستمر قضية الحجاب في الظهور في كيبيك، مثلما تستمر قضايا منع حصول المساجد على تصاريح بممارسة الشعائر الدينية أو التوسع في مقارها.
ويتواصل التركيز في كيبيك على حياة المتهم بالاعتداء. ورغم أن الشرطة كانت تعرف بيسونيت من قبل، إلا أنه قد انجذب بشدة إلى عالم السياسة اليمينية المتطرفة عبر شبكة الإنترنت وأصبح مدوناً يهاجم النساء والمهاجرين عبر الشبكة العنكبوتية.
وكان بيسونيت طالباً بالكلية العسكرية سابقاً ومهووساً بالأسلحة. ولم تعلن الشرطة عن أي تفاصيل حول السلاح المستخدم في الاعتداء.
وتفرض كندا رقابة مشددة على استخدام وحيازة الأسلحة النارية، ويتعين الحصول على تصاريح لحيازة الأسلحة المحظورة مثل البنادق نصف الآلية. ومع ذلك تتوافر الأسلحة النارية إذا ما رغب الأشخاص في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، ولم يكن لديهم أي سجل جنائي.
وذكر الأطباء بمستشفى لانفانت جيسس يوم الثلاثاء، أن اثنين من الناجين لا يزالان بحالة حرجة ويحتاجان إلى جراحات أخرى.
وذكر رئيس قسم الطوارئ بالمستشفى جوليان كليمنت، أنه يتوقع أن يتعافى الرجلان، رغم وجود إمكانية أن تطول فترة الإصابة. فقد أصيب كل منهما بثلاث إلى ست طلقات نارية في البطن وأجزاء أخرى من الجسم.
وتظل ضحيتان أخريان بالمستشفى، ويُذكر أنهما تتعافيان أيضاً.
وقد خرج رجل آخر من المستشفى يوم الإثنين. وكان قد خرج 13 شخصاً آخرين أصيبوا إصابات طفيفة في وقت سابق من ذات اليوم.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Washington Post الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية٬ اضغط هنا.